تتواصل المعارك في ريف درعا الشمالي، بين قوات النظام السوري المدعومة بمقاتلين من حزب الله وإيران، ومقاتلي المعارضة، من دون تحقيق اختراق كبير، رغم مواصلة الطرفين حشد مزيد من العناصر على جبهات القتال، استعداداً لحرب طويلة الأمد، بعد تعذّر الحسم في معركة أطلق عليها النظام تسمية "معركة الحسم".
وبعد الإعلان المبكر من جانب النظام ومؤيديه، عن سقوط بلدة دير العدس في ريف درعا الشمالي، أفاد ناشطون بمقتل خمسة عناصر من قوات النظام وحزب الله والحرس الثوري الإيراني، خلال الاشتباكات التي لا تزال تدور في البلدة، حيث تسيطر قوات النظام على جزء منها فقط. وأعلنت "ألوية الفرقان" تدمير سيارة لقوات النظام قرب دير العدس، بينما أكدت مواقع إعلامية مقربة من النظام، تعرّض مراسلين من قناة "الإخبارية" التابعة للنظام، للإصابة في الاشتباكات دير العدس، خلال مرافقتهم لقوات النظام.
وفي حين يواصل كلا الطرفين حشد مزيد من القوات لتعزيز مواقعه في ريف درعا الشمالي، تعهّدت قيادة الجبهة الجنوبية المعارضة، بشنّ "حرب عصابات"، لمواجهة هجوم القوات النظامية المدعومة من إيران وحزب الله، مشيرة إلى "تمكنها حتى الآن من استعادة أربع تلال وثلاث بلدات"، كانت قوات النظام وحلفاؤها قد سيطروا عليها منذ بدء الهجوم في ريف درعا الشمالي، يوم الأحد من الأسبوع الماضي.
ويتوقّع القائد الميداني البارز في الجبهة، أبو أسامة الجولاني، أنّ "المعركة قد تطول، وسيكون هناك كرّ وفرّ"، مضيفاً: "هذه هي الطريقة التي سنتبعها في القتال".
ويوضح الجولاني، في تصريحات صحافية، أثناء وجوده في منطقة قرب الحدود السورية ــ الأردنية "لسنا جيشاً نظامياً يدافع عن الحدود والمناطق، بخط دفاع متماسك، لكننا نعمل وفق نظام حرب عصابات"، مشيراً إلى أنّ "الأرض بالنسبة لنا ليست مهمة، فهم يتقدمون أشباراً، وفي كل شبر أو متر يتقدمون فيه سيخسرون الكثير".
ويخوض خمسة آلاف مقاتل من القوات الحكومية السورية ومقاتلين إيرانيين ومن حزب الله، المعركة الحالية في جنوب سورية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يفيد بطلب "تعزيزات إضافية بخمسة آلاف آخرين بهدف السيطرة على التلال والمدن الواقعة في الريف الغربي لمحافظة درعا".
وفي حين أكدت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، مقتل قياديين إيرانيين على يد قوات المعارضة في ريف درعا في الاشتباكات الأخيرة، هما علي سلطان مرادي وعباس عبد اللهي، في بلدة كفر ناسج، يبدو أنّ أزمة ثقة تدور بين النظام السوري وحلفائه، ما أسفر عن اتهامات متبادلة. وفي هذا الصدد، أفادت وكالة (نبأ) الإعلامية، بأنّ ضباطاً إيرانيين، ممن يتولون مهمة إدارة المعارك في المنطقة، أعدموا 13 عنصراً، بينهم ضباط، بتهمة الخيانة والتخابر مع الثوار، بالقرب من مدينة الصنمين في ريف درعا، وذلك بعد الخسائر الفادحة التي تلقتها قوات النظام والإيرانيين في المعارك.
وفي سياق متصل، تثير تصريحات منسوبة إلى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، قال فيها إنّ "المنطقة الجنوبية من سورية باتت تحت إمرته"، غضب الموالين للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروا أنّ المساعدة الإيرانية للنظام لا تعني "التبعية" لطهران. وطالب بعض المعلقين بعدم نسب ما وصفوه بـ "انتصارات" الجيش السوري الى الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، معتبرين أنّ "كل مقاتل إيراني أو لبناني إلى جانب النظام، يؤدي واجبه "دون منية"، في ما وصفوه بـ "المعركة ضد العدو الإسرائيلي".
في غضون ذلك، أعلن قادة تحالف "صقور الجنوب"، التابع للجبهة الجنوبية، قرارهم إنشاء قوات حرس حدود "هجانة" تابعة للجيش الحر، بهدف تعزيز ضبط الحدود الجنوبية للبلاد مع الدول المجاورة، بما يضمن زيادة استقرار المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات المعارضة واستتباب الأمن فيها.
وتأتي هذه الخطوة، وفق التحالف، في سياق "تشكيل نواة دولة جديدة بديلة عن دولة نظام الأسد، لا سيما بعد نجاح التشكيلات في تأسيس جهاز شرطة تابع لها وقوة دفاع مدني لتقديم الخدمات للمواطنين في المناطق المحررة، بالرغم من رباط جميع التشكيلات على خط الجبهة في مواجهة النظام وتحقيقها انتصارات كبيرة وقربها من طرق أبواب دمشق". وأشاروا إلى أنّ "انتشار تحالف صقور الجنوب على مساحة واسعة من الشريط الحدودي يمتد من غرب بلدة اليادودة وصولاً إلى بصرى الشام، يسهم في ضبط الحدود على أكمل وجه، خصوصاً لجهة منع تسلّل المتطرفين من وإلى الجبهة الجنوبية".