وذكرت وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، صباح اليوم الأحد، أنّ "وحدات من الجيش والقوات المسلّحة واصلت بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبي، عملياتها بنجاح في حي الدخانية ووادي عين ترما بريف دمشق، وسيطرت على أجزاء مهمة من الحي"، كما نقلت عن مصدر عسكري قوله إنّ "قواتنا المسلحة قطعت خطوط الإمداد عن الإرهابيين وقضت على أعداد كبيرة منهم في الدخانية".
وجاء تصريح "سانا" في وقت تناقل فيه ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي خبر سيطرة النظام "الكاملة" على الحي، وانسحاب كتائب المعارضة منه، غير أنّ "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أكّد صباحاً "سيطرة النظام ومسلحين موالين له على مناطق واسعة من حي الدخانية، لا الكاملة". ولفت إلى أنّ "الاشتباكات ما تزال متواصلة بين مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية، على أطراف الدخانية من جهة وادي عين ترما".
وما هي إلّا ساعات قليلة حتى عاد المرصد ليقول إنّ "مقاتلي النصرة والكتائب الإسلامية تمكّنوا من استعادة السيطرة على أجزاء من منطقة الدخانية، كانت قد سيطرت عليها قوات النظام والمسلحون الموالون لها صباح اليوم، وهناك معلومات مؤكدة عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين".
وتعقيباً على ذلك، نفى المتحدث الرسمي باسم "جيش الإسلام" التابع لـ"القيادة العسكرية الموحّدة"، النقيب عبد الرحمن، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، خبر سيطرة النظام على الحي، وأكد أن "الأنباء ليست سوى إشاعات هدفها إحباط معنويات المجاهدين"، وأشار إلى أنّ "الجبهة ثابتة، وهادئة حالياً".
وسيطرت فصائل معارضة، من بينها "القيادة العسكرية الموحّدة" و"جيش الأمّة" قبل نحو ثلاثة أسابيع على حي الدخانية. ومنذ ذلك الحين تحاول قوات النظام مدعومة بمليشيات تابعة لها استرجاعه، إذ تتواصل معارك عنيفة بين الطرفين عند أطراف الحي.
وقال مصدر محلي، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "أوامر جاءت للثوار، مساء السبت، بالانسحاب من الدخانية، مما جعل القوات النظامية تتقدم إلى النقاط التي جرى الانسحاب منها، إلا أن تعزيزات من جبهة النصرة مكّنتهم من استعادة بعض تلك النقاط". وكشف أنّ "قوات النظام تفرض سيطرتها حالياً على أكثر من 50 في المئة من الدخانية".
وفي تأكيد على استخدام قوات النظام "غاز الكلور"، أفاد القيادي في "فيلق الرحمن"، أحد الفصائل المسلحة التي سيطرت على الدخانية قبل أقل من شهر، بأنها "ليست المرة الأولى التي يستهدف النظام الحي بغاز الكلور"، كاشفاً عن سقوط أربعة من مقاتليه اختناقاً في هجمات اليوم.
من جانبه، أفاد أمير الشامي، المتحدث الرسمي باسم "جيش الأمة" لـ"العربي الجديد"، بأنّ "قوات النظام تقدّمت من جهة حاجز جود بوادي عين ترما، إلا أنّ الثوار لم ينسحبوا من الدخانية، والجبهة مشتعلة، وسط قصف جوي ومدفعي وصاروخي عنيف يكاد لا يتوقف".
وأفاد مصدر في المكتب الاعلامي لـ "الوية الحبيب المصطفى"، أحد الفصائل المقاتلة على جبهة الدخانية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن "قوات النظام، وبسبب التخبط، قصفت عن طريق الخطأ موقعاً تابعاً لها قرب جسر الكباس بصاروخ الفيل الايراني الصنع، موقعة عدداً غير معروف من القتلى والجرحى، وشوهدت سيارات الاسعاف تهرع إلى المكان لنقل المصابين".
أما عن الاصابات في صفوف مقاتلي المعارضة، أكد ذات المصدر، بأن هناك بعض الحالات تأثرت بالغازات وتمّ اخراجها إلى الغوطة الشرقية وهي تتلقى العلاج المناسب، لافتا إلى أنها المرة السابعة التي تستخدم فيها قوات النظام للغازات السامة في حي الدخانية خلال اقل من شهر، فكلما حاولت اقتحام الحي تمهد لذلك بقصفة في الغازات السامة.
وكانت كتائب معارضة انسحبت، أمس، من مدينة عدرا البلد، بعد 48 ساعة على انسحابها من مدينة عدرا العمالية المجاورة، بحجة أن تلك النقطة لم تعد تشكل أهمية استراتيجية لها، عقب التقدم الحاصل في جبهة دمشق وخصوصاً بالدخانية.
ورصد ناشطون استمرار قوات النظام في الحشد باتجاه جبهة عدرا البلد وعدرا الجديدة، بعد انسحاب مقاتلي المعارضة من عدرا العمالية قبل عدة أيام، دافعين بأعداد كبيرة وتحت تغطية نارية كثيفة، مكنتهم من دخول كامل مناطق عدرا.
وتكبدت قوات النظام خلال تقدمها خسائر قدرها ناشطون بنحو 200 عنصر، باستهدافها بقذائف الهاون من قبل مقاتلي المعارضة الذين اتخذوا مواقع لهم على أطراف عدرا.
في موازاة ذلك، اندلعت معارك بين قوات النظام وكتائب المعارضة في مناطق متفرقة من درعا وريفها اليوم، وسط قصف مدفعي على مناطق أخرى، أسفرت عن وقوع عدد من الجرحى.
ودارت اشتباكات عنيفة شمال مدينة إنخل، وعلى أطراف حي المنشية بمدينة درعا، من دون ورود أنباء عن قتلى، بينما أفاد الناشط من درعا، أحمد المسالمة، لـ"العربي الجديد"، "مقتل عنصر لقوات النظام وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، جرّاء استهداف الجيش الحر بقذائف الهاون، تجمعاً لها في أحد بساتين مدينة بصرى الشام".
في هذه الأثناء، قصفت قوات النظام بقذائف الهاون بلدة عتمان، مما أدّى إلى جرح ثلاثة مدنيين، نُقلوا إلى مستشفى ميداني قريب، بينما خلّف قصف مدفعي مشابه تعرّضت له بلدة جمرين ومدينة الحراك، أضراراً مادية فقط.
أما في مدينة دوما التي تشهد سلسلة من المجازر بسبب الغارات الجوية لقوات النظام، فنعت تنسيقيتها، اليوم، ثلاثة شهداء، وشيّعت، الجمعة الماضي، 15 شهيداً، بينهم عدد من الأطفال، قضوا متأثرين بجراح أُصيبوا بها في غارات جوية قبل يومين.
وفي الغوطة الغربية، أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" بأن اشتباكات تدور بين قوات النظام والمسلّحين الموالين لها من طرف، والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من طرف آخر، على الجبهة الشمالية لمدينة داريا، وسط قصف من قبل قوات النظام على مناطق في الجهة الشمالية الغربية للمدينة، من دون معلومات عن خسائر بشرية.
من جهته أفاد لواء "شهداء الإسلام" بأن "سرية الهاون التابعة له تصدّت لمحاولة تسلل قوات النظام من الفوج 137 إلى الأراضي الزراعية القريبة من خان الشيخ، وقصفت الفوج المذكور بعدة قذائف هاون، فيما ردت طائرات النظام بإلقاء خمسة براميل متفجرة على المزارع بين خان الشيح وبلدة دروشا".
في سياق آخر نفت مصادر صحافية موالية في مدينة السويداء جنوب سورية، مقتل العقيد طيار حسان الهادي، قائد الطائرة الحربية التابعة للنظام والتي أسقطتها قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل عدة أيام في الجولان المحتلّ. وأكدت أن "الهادي، تعرّض لإصابة وهو يتماثل للشفاء"، فيما لم تذكر شيئاً عن مساعده العقيد طيار طارق قناة من درعا، الذي كان معه على نفس الطائرة.
من جهة أخرى، أفاد ناشطون، قيام عمال بلدية دمشق يرافقهم ضابط من المخابرات، بإغلاق فتحات الصرف الصحي و"عبارات" فروع نهر بردى، بالأسمنت وأسلاك الحديد، في أحياء الشاغور وركن الدين وكفرسوسة (منطقة قرب المربع الأمني) والمالكي (فيها قصر المرابط) وغيرها.
وبحسب ناشطين، من داخل دمشق، فإن تصرّفات النظام تعكس هواجس التسلل إلى قلب المدينة، وذلك بعد نحو أسبوعين على عملية تسلل نفذها مقاتلو المعارضة إلى حي الميدان والزاهرة القديمة، خلف حواجزه وتحصيناته، وتمكنهم من مهاجمة عدد من الحواجز، وذلك باستخدام شبكات الصرف الصحي وتصريف الأنهار تحت المدينة، إذ يعبر دمشق سبعة فروع لنهر بردى من منطقة الربوة، ويعبر قسم منها من تحت الأرض، باتجاه الغوطة الشرقية إلى جوبر والدخانية وجرمانا، وباتجاه الغوطة الغربية إلى داريا وغيرها.