عدا عن أزمة الديون التي تعانيها المستشفيات الحكومية وغيرها من الأزمات، يضرب الفساد قطاع الصحة في تونس أكثر من غيره من القطاعات. وهو ما أظهرته عدة قضايا اختلاس وتزوير وأدوية غير صالحة في السنوات الأخيرة
قطاع الصحة في تونس من أكثر القطاعات تسجيلاً لحالات الفساد على مستوى البلاد، بحسب دراسة المعهد الوطني للإحصاء. وقد شهدت تونس عدة قضايا من هذا النوع في القطاع، خصوصاً منذ العام الماضي 2016، أبرزها قضية البنج الفاسد الذي تسبب في وفاة ثلاثة مرضى، بحسب وزارة الصحة، وصفقة اللوالب القلبية الاصطناعية غير الصالحة للاستخدام.
يحقق القضاء التونسي في قضيتي فساد هزتا هذا القطاع تتعلقان باستخدام بنج فاسد. وكان المرصد التونسي لاستقلال القضاء قد كشف عن فضيحة توزيع البنج الفاسد على مصحات ومستشفيات حكومية ما تسبب في حالات وفاة.
يبيّن مدير المرصد أحمد الرحموني، لـ"العربي الجديد"، أنّ جهات قضائية وطبية أطلعته على الملف المتعلق بصفقة بنج منتهي الصلاحية استخدمته المصحات والمستشفيات في عمليات جراحية، وقد أثبت الطب الشرعي وفاة البعض جراء ذلك البنج. نفت الصيدلية المركزية علمها بهذا البنج، وقالت إنّها لم توزعه على المصحات أو المستشفيات. يشير الرحموني إلى مواصلة النظر في هذه القضية للكشف عن المتورطين والصفقات المشبوهة التي من الممكن أن تظهرها التحقيقات، خصوصاً أنّها تتعلق بعدد كبير من الأطباء في القطاعين العام والخاص.
قبل قضية البنج الفاسد انشغل الرأي العام خلال العام الماضي بقضية زرع لوالب قلبية (دعامات شريانية) منتهية الصلاحية في عدد من المصحات الخاصة بلغ عددها 14، بينما يجري التحقيق مع نحو 40 طبيباً تورطوا في العمليات الجراحية. وأدت تلك العمليات إلى زرع لوالب فاسدة لـ107 مرضى. ولم يبتّ القضاء فيها بعد، وما زال التحقيق جارياً عما إذا كانت هناك مجموعات تتاجر بأجهزة منتهية الصلاحية والإضرار بالمرضى.
منذ ثلاثة أشهر تمكّنت فرقة الأبحاث والتفتيش التابعة للحرس الوطني بقعفور، في محافظة سليانة، من توقيف ممرض يعمل في إحدى المؤسسات الصحية بالجهة والتحفظ عليه إثر ورود معلومات تفيد بأنّه حوّل منزله إلى محل تمريض غير مرخص له. وقد استولى الممرض على معدات طبية تستعمل في الختان وأدوية معالجة للحروق وضمادات ومطهرات للجروح من المستشفى، بالإضافة إلى كمية هامّة من الأدوية والمعدات الطبية.
اقــرأ أيضاً
في هذا الإطار، يشير رئيس "الجمعية التونسية للدفاع عن الحق في الصحة" بلقاسم الصابري، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ من المشاكل المطروحة اليوم في المستشفيات أزمة الحصول على الأدوية الأساسية، لا سيما أنّ المستشفيات الحكومية تعاني بشكل كبير من نقص فادح في الأدوية ومن نفاد مخزونها، خصوصاً مع غياب الاستعمال الرشيد للأدوية الذي يرتكز أساساً على القائمة الوطنية للأدوية الأساسية التي تحددها السلطات الصحية، إلى جانب الفساد الذي أضرّ بالقطاع ككلّ.
رفع أكثر من 100 تقرير في الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية إلى وزارة الصحة، من بينها 20 تقريراً حول شبهات فساد مالي وإداري وقد جرت إحالتها إلى القضاء. كذلك، أذنت الوزارة بتعميم التدقيق على كلّ المستشفيات إثر قضية تزوير أوامر صرف وفواتير لصالح شركة وهمية بقيمة 950 ألف دولار أميركي في المستشفى الجهوي بسليانة. وكانت وزيرة الصحة السابقة سميرة مرعي، قد أمرت بفتح تحقيق بعد التأكد من اختلاس تلك الأموال، وإرسال مفتشين تابعين لتفقدية وزارة الصحة بعد الكشف عن أخطر عملية سرقة عرفها المستشفى الذي كان مسؤولوه يشكون من قلّة الإمكانيات المالية واللوجستية. وبحسب التحقيقات الأولية، فإنّ الشبكة المتورطة في عملية اختلاس المبلغ تتكون من مسؤولين تولوا مناصب داخل المستشفى الجهوي بسليانة والصيدلية المركزية، وذلك عبر تزوير فواتير شراء معدات طبية وأدوية زعموا أنّهم اقتنوها من الصيدلية المركزية، ثم دفعوا الأموال، لكنّهم أودعوها في حساب مصرفي خاص، لتتكرر العملية بعدها.
أكدت مرعي أنّ ملف مقاومة الفساد كان من أولويات الوزارة، إذ تضاعف عمل التفقديات ليجري توقيف عدد من مديري المستشفيات والأطباء والصيادلة بسبب شبهات فساد. وما زال التدقيق المالي مستمراً في العديد من المستشفيات للتقصي عن كلّ شبهات الفساد.
وبات الوضع في المستشفيات كارثياً بسبب ازدياد ديونها التي بلغت 133 مليون دولار لعام 2017، فيما بلغت نسبة ديون الصيدلية المركزية 250 مليون دولار. واعتبرت مرعي أنّ هذا الوضع سببه سوء التصرّف وكذلك حالات الفساد، وارتفاع ظاهرة تهريب الأدوية.
ديون المستشفيات وتردي الأوضاع فيها دفع بـ400 طبيب تونسي، من بينهم رؤساء أقسام جامعية وأساتذة جامعيون، خلال الأيام الماضية، لتوجيه رسالة إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أطلقوا من خلالها نداء استغاثة بسبب الوضع الكارثي للمستشفيات التي ناهزت ديونها الكاملة 350 مليون دولار.
اقــرأ أيضاً
قطاع الصحة في تونس من أكثر القطاعات تسجيلاً لحالات الفساد على مستوى البلاد، بحسب دراسة المعهد الوطني للإحصاء. وقد شهدت تونس عدة قضايا من هذا النوع في القطاع، خصوصاً منذ العام الماضي 2016، أبرزها قضية البنج الفاسد الذي تسبب في وفاة ثلاثة مرضى، بحسب وزارة الصحة، وصفقة اللوالب القلبية الاصطناعية غير الصالحة للاستخدام.
يحقق القضاء التونسي في قضيتي فساد هزتا هذا القطاع تتعلقان باستخدام بنج فاسد. وكان المرصد التونسي لاستقلال القضاء قد كشف عن فضيحة توزيع البنج الفاسد على مصحات ومستشفيات حكومية ما تسبب في حالات وفاة.
يبيّن مدير المرصد أحمد الرحموني، لـ"العربي الجديد"، أنّ جهات قضائية وطبية أطلعته على الملف المتعلق بصفقة بنج منتهي الصلاحية استخدمته المصحات والمستشفيات في عمليات جراحية، وقد أثبت الطب الشرعي وفاة البعض جراء ذلك البنج. نفت الصيدلية المركزية علمها بهذا البنج، وقالت إنّها لم توزعه على المصحات أو المستشفيات. يشير الرحموني إلى مواصلة النظر في هذه القضية للكشف عن المتورطين والصفقات المشبوهة التي من الممكن أن تظهرها التحقيقات، خصوصاً أنّها تتعلق بعدد كبير من الأطباء في القطاعين العام والخاص.
قبل قضية البنج الفاسد انشغل الرأي العام خلال العام الماضي بقضية زرع لوالب قلبية (دعامات شريانية) منتهية الصلاحية في عدد من المصحات الخاصة بلغ عددها 14، بينما يجري التحقيق مع نحو 40 طبيباً تورطوا في العمليات الجراحية. وأدت تلك العمليات إلى زرع لوالب فاسدة لـ107 مرضى. ولم يبتّ القضاء فيها بعد، وما زال التحقيق جارياً عما إذا كانت هناك مجموعات تتاجر بأجهزة منتهية الصلاحية والإضرار بالمرضى.
في هذا الإطار، يشير رئيس "الجمعية التونسية للدفاع عن الحق في الصحة" بلقاسم الصابري، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ من المشاكل المطروحة اليوم في المستشفيات أزمة الحصول على الأدوية الأساسية، لا سيما أنّ المستشفيات الحكومية تعاني بشكل كبير من نقص فادح في الأدوية ومن نفاد مخزونها، خصوصاً مع غياب الاستعمال الرشيد للأدوية الذي يرتكز أساساً على القائمة الوطنية للأدوية الأساسية التي تحددها السلطات الصحية، إلى جانب الفساد الذي أضرّ بالقطاع ككلّ.
رفع أكثر من 100 تقرير في الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية إلى وزارة الصحة، من بينها 20 تقريراً حول شبهات فساد مالي وإداري وقد جرت إحالتها إلى القضاء. كذلك، أذنت الوزارة بتعميم التدقيق على كلّ المستشفيات إثر قضية تزوير أوامر صرف وفواتير لصالح شركة وهمية بقيمة 950 ألف دولار أميركي في المستشفى الجهوي بسليانة. وكانت وزيرة الصحة السابقة سميرة مرعي، قد أمرت بفتح تحقيق بعد التأكد من اختلاس تلك الأموال، وإرسال مفتشين تابعين لتفقدية وزارة الصحة بعد الكشف عن أخطر عملية سرقة عرفها المستشفى الذي كان مسؤولوه يشكون من قلّة الإمكانيات المالية واللوجستية. وبحسب التحقيقات الأولية، فإنّ الشبكة المتورطة في عملية اختلاس المبلغ تتكون من مسؤولين تولوا مناصب داخل المستشفى الجهوي بسليانة والصيدلية المركزية، وذلك عبر تزوير فواتير شراء معدات طبية وأدوية زعموا أنّهم اقتنوها من الصيدلية المركزية، ثم دفعوا الأموال، لكنّهم أودعوها في حساب مصرفي خاص، لتتكرر العملية بعدها.
أكدت مرعي أنّ ملف مقاومة الفساد كان من أولويات الوزارة، إذ تضاعف عمل التفقديات ليجري توقيف عدد من مديري المستشفيات والأطباء والصيادلة بسبب شبهات فساد. وما زال التدقيق المالي مستمراً في العديد من المستشفيات للتقصي عن كلّ شبهات الفساد.
وبات الوضع في المستشفيات كارثياً بسبب ازدياد ديونها التي بلغت 133 مليون دولار لعام 2017، فيما بلغت نسبة ديون الصيدلية المركزية 250 مليون دولار. واعتبرت مرعي أنّ هذا الوضع سببه سوء التصرّف وكذلك حالات الفساد، وارتفاع ظاهرة تهريب الأدوية.
ديون المستشفيات وتردي الأوضاع فيها دفع بـ400 طبيب تونسي، من بينهم رؤساء أقسام جامعية وأساتذة جامعيون، خلال الأيام الماضية، لتوجيه رسالة إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، أطلقوا من خلالها نداء استغاثة بسبب الوضع الكارثي للمستشفيات التي ناهزت ديونها الكاملة 350 مليون دولار.