سمعة مطار بيروت ضحية لاحتكار التاكسي وغلاء أسعاره

05 ابريل 2019
المشكلة أن تكاليف التاكسي استنسابية لا ضابط لها (المطار)
+ الخط -
مرة جديدة تتخذ وزارة الأشغال العامة والنقل في لبنان قراراً تقول إن هدفه تنظيم عمل سيارات الأجرة في "مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت"، لكن الحصيلة دائماً تكون جعل التاكسي حكراً على مجموعة معيّنة من السائقين المتحكّمين بالتعرفة استنسابياً بلا أي ضوابط، على نحو يضر بسمعة المطار وبمصالح لبنان السياحية.

فقد دأب الوزراء المتعاقبون على إصدار قرارات، كان أحدثها قرار اتخذه الوزير يوسف فنيانوس، وبدأ العمل به اعتباراً من بداية إبريل/ نيسان الجاري، قبل أن تثير ممارسات المحتكرين لهذه الخدمة ضجة واسعة النطاق، تمحورت في اتجاهين؛ الأول، تذمّر العديد من الركاب من التعرفات الباهظة المفروضة عليهم، والثاني، امتعاض نقابات النقل العام من حرمان بقية السائقين من الاستفادة من حركة الوافدين إلى لبنان من بوابة مينائه الجوّي المدني الوحيد حالياً.

الترجمة العملية لقرار الوزير تمّت في 27 مارس/ آذار المنصرم، عندما أصدرت رئاسة المطار بياناً قالت فيه إنه استنادا الى القرار 1/247 الصادر عن فنيانوس لجهة تحديد آلية عمل السيارات العمومية في المطار، وبعد التنسيق مع جهاز أمن المطار، سوف يبدأ العمل بمضمون القرار ابتداء من أول إبريل/ نيسان، وعليه، أحاطت سائقي السيارات العمومية، بما في ذلك الشركات التي تتعاطى نقل الركاب من المطار وإليه، علماً بالقرار وطلبت التزامهم أحكامه تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

وقد ثارت عاصفة انتقادات لقرار الوزير الذي يمنع مرور السيارات العمومية الفارغة أو المحملة بالركاب، مسافرين وغير مسافرين، على الطريق المؤدي إلى قاعة الوصول، ويحصر، في المقابل، وصولهم إلى محيط المطار فقط بمواقف السيارات، الذي يشكو الكثيرون من ارتفاع تعرفته أيضاً ويضغط مستثمره الأجنبي لجعل الوقوف حصرياً بداخله.
في السياق، تقدّم اليوم المحامي وديع عقل بإخبار إلى النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة، بصفته الجهة المناط بها السهر على الأموال العامة، حول ما سمّاه "مخالفات مالية ودستورية وتنظيمية في مطار رفيق الحريري الدولي وما يعرف بتدابير تاكسي المطار".

ويأتي هذا الإخبار على خلفية التدابير المتخذة التي تشكل "احتكاراً تستفيد منه فئة معينة خلافاً للدستور اللبناني، عبر عرقلة التنافس الحر وقمع حرية التنقل"، وقد باشر المدعي العام لديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس تحقيقاته في الملف.

والأربعاء الماضي، أعلن النائب آلان عون، في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، أنه أثار الموضوع مع الوزير فنيانوس، "لأن بلبلة حصلت بعدما حُصر تاكسي المطار بشركات معينة، وهذا لا يجوز لعدة أسباب، أولاً على المستوى الاقتصادي لا يفيد، وعلى صعيد السياحة لا يفيد".

ورأى في هذا التدبير "كأننا نلغي المنافسة ونحصرها بتعرفة معينة. وإذا ذهبنا في هذا الاتجاه من الاحتكار يؤذينا اقتصادياً ويؤذي عائلات كثيرة، فلا يجوز ذلك".

وتابع قائلاً: "أبلغنا وزير النقل أنه اجتمع مع النقابات، وتم الاتفاق من حيث المبدأ على فتح الموضوع ضمن إجراءات معينة للجميع، واطمئن كل من راجعنا في هذا الخصوص، وأتمنى أن تعود الأمور إلى نصابها على هذا الصعيد".
وكان فنيانوس التقى الثلاثاء المنصرم "نقابة أصحاب شركات التاكسي في لبنان" برئاسة شارل أبو حرب، وبحث معه الصعوبات التي نتجت من جراء القرار، قبل أن يُعلن أبو حرب تجاوب الوزير و"تعاونه السريع لحل الموضوع واتخاذه الإجراء اللازم لتعديل القرار، بما يراعي عمل تنظيم وتفعيل عمل شركات التاكسي الخاص في المطار، على أن يتم إصدار التراخيص اللازمة لدخول المطار".

في المقابل، وقبل سريان القرار مطلع الشهر الجاري، أعلنت "اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان" في 28 مارس/ آذار، إثر اجتماعها في مقر "الاتحاد العمالي العام"، أنه "نتيجة للحوار الهادئ مع الوزير فنيانوس... تم الاتفاق على إصدار القرار رقم 247/1 عن الوزير، والذي يحدد فيه آلية عمل السيارات العمومية من وإلى مواقف المطار وعمل تاكسي المطار، والذي يساهم في تنظيم مهنة النقل العام أمام أهم واجهة سياحية في لبنان".

حماية "التاكسي" ظاهرة متكرّرة

وليس هذا القرار الأول من نوعه الذي يحمي مصالح البعض في مطار بيروت، فقد صدر في أغسطس/ آب 2016، قرار عن الوزير السابق، غازي زعيتر، يُحدّد بموجبه آلية عمل السيارات العمومية في مجال نقل الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي، وذلك بعد دمج ما كان يسمى "سرفيس المطار" مع "تاكسي المطار"، حيث أصبح الجميع تحت اسم موحد "تاكسي المطار".
وتضمّن القرار في حينه، مواصفات وشروط معينة لتنظيم عمل هذا التاكسي والعاملين فيه لجهة طلب التزام تسعيرة موحدة مع وضع العدادات وتوحيد اللون واللباس، من أجل سلامة أصحاب السيارات والمسافرين والسلامة العامة ولتقديم أفضل الخدمات التي تليق بمطار رفيق الحريري الدولي، ولتنظيم دخول السيارات وخروجها من المطار وإليه، تأمينا لحسن سير السيارات العمومية، وحفاظاً على تقديم خدمات مميزة لنقل الركاب وتخفيفاً للازدحام الناتج من الفوضى المتعلقة بالسيارات العمومية غير المرخص لها.

وقرار الوزير زعيتر فقط للسيارات العمومية المدرجة حالياً أو التي قد يتم إدراجها مستقبلا على لوائح رئاسة المطار (عددها 235 سيارة) بالعمل بنظام الدور، شرط أن تتوافر فيها وفي مالكها المواصفات والشروط المطلوبة، بعد الحصول على الترخيص السنوي اللازم الصادر.

ويمنع القرار السابق مرور السيارات العمومية الفارغة أو المحملة بركاب (أكانوا مسافرين أم لا) على الطريق المؤدي إلى قاعة الوصول، لكنه يسمح لهذه السيارات إما الدخول إلى مواقف السيارات أو سلوك الطريق المؤدي إلى قاعة المغادرة.

كما حظر على السيارات المذكورة الركن أمام قاعة الذهاب لأي مدة زمنية كانت في حال كانت فارغة من الركاب، وسمح لها بالوقوف "لحظة" لمدة لا تتجاوز الدقائق الثلاث في حال كانت محمَلة بركابٍ يقومون فعلاً بإنزال حقائبهم وأمتعتهم منها.
دلالات
المساهمون