سرطان الثدي يفتك بالأفغانيات بسبب الأعراف وقلة الوعي

25 أكتوبر 2017
النساء مهددات أكثر في الأرياف والقرى(نور الله شيرزاده/فرانس برس)
+ الخط -
أكثر من ثلاثة آلاف و500 امرأة مصابة بسرطان الثدي في أفغانستان، بحسب ما تفيد بيانات وزارة الصحة في البلاد، وذلك من بين 20 ألف شخص مصابين بأمراض سرطانية مختلفة في أفغانستان. وهؤلاء النساء المصابات اللواتي يقصدنَ بمعظمهنّ مراكز العلاج القليلة التي تقع في المدن الرئيسية والتي تعاني من نقص في المعدات، يفعلنَ ذلك غالباً في وقت متأخّر، فيتسبب المرض في وفاة عدد كبير منهنّ.

في بيان أصدرته وزارة الصحة بمناسبة الشهر العالمي للتوعية حول سرطان الثدي، أكّدت أنّها تعمل على تنظيم دورات تدريبية لتثقيف النساء وتوعيتهنّ وتدريبهنّ على كيفية التعامل مع سرطان الثدي، في ظل أعراف وتقاليد تُعَدّ عقبة أساسية في سبيل توجّه النساء صوب المعالجة والفحص.

تقول الدكتورة سعيدة التي تحفّظت عن ذكر هويتها كاملة، إنّ "قلّة الوعي إزاء سرطان الثدي هي العقبة الأساسية وهي سبب تفاقم المرض. وثمّة حاجة ملحّة إلى حثّ النساء على التوجّه إلى المراكز الصحية وإجراء الفحوصات في وقت مبكر قبل أن يستفحل المرض في أجسادهنّ". وتوضح الطبيبة أنّ "الأفغانيات يقصدنَ مراكز العلاج في وقت متأخّر جداً، حين يصبح تلقّي العلاج من دون جدوى، وحين يستوجب الأمر إرسال المريضة إلى الخارج، وهو أمر يصعب على المواطنين بأكثرهم. فالأفغان بمعظمهم يعيشون تحت خط الفقر، ولا يجدون لقمة عيشهم. فكيف يتمكّنون من تحمّل تكلفة العلاج في الخارج وكذلك أعباء السفر وتكاليفه".

والحلّ الوحيد بالنسبة إلى الدكتورة سعيدة هو "الفحص الدوري وهو أمر غير متوفّر في أفغانستان، لا سيّما في المناطق البعيدة، حيث لا يراجع الناس الطبيب إلا بعد شعورهم بتزايد ألم ما أو عند اشتداد مرض عليهم". وتحذّر من أنّ "الأخطر هو الاعتماد على أطباء غير متخصصين في القرى والأرياف"، موضحة أنّ "الأطباء في القرى والمناطق النائية لا يصفون للمصابات إلا مسكّنات، وهنّ يكتفينَ بها. لكن، بعد اشتداد المرض يقصدنَ مراكز العلاج المتخصصة، وفي معظم الأحيان يكون ذلك بعد فوات الأوان".

وتشير الدكتورة سعيدة إلى أنّ "في إقليم هرات (غرب) وحده، ثمّة أكثر من 300 إصابة بسرطان الثدي هذا العام، 40 منهنّ في حالة خطرة وقد نُقِلنَ إلى الخارج لتلقّي العلاج". وتشدّد على أنّ "الإحصاءات الدقيقة غير متوفّرة بتاتاً في المديريات والقرى والأرياف، حيث لا تتمكّن المرأة إلا قليلاً من إجراء الفحوصات بسبب الأعراف والعادات المتّبعة من جهة وبسبب الحالة المعيشية الصعبة من جهة ثانية".

من جهتها، تقول الناشطة الاجتماعية في إقليم زابل (جنوب) زينب زابلي إنّ "الأعراف المناهضة للدين والتي لا تتماشى مع الحياة هي السبب الرئيسي وراء مشاكل كثيرة نواجهها، لا سيّما نساء القرى والأرياف". وتشرح أنّ "المرأة لا تستطيع التحدّث عن مرض كسرطان الثدي، وعادة ما يصلها دواؤها إلى داخل المنازل فيما لا تكون قادرة على مراجعة الطبيب في معظم الأحيان". وتشير زابلي إلى أنّه "في حال تمكّنت الحكومة من تنظيم برامج بالتنسيق مع المجتمع الدولي وعلماء الدين والزعامات القبلية، فإنّها سوف تتمكّن من مواجهة هذا الداء الخطير، خصوصاً في بلد مثل أفغانستان، مواطنوه بمعظمهم محرومون من الرعاية الصحية اللائقة".

في السياق، يقول وزير الصحة الأفغاني الدكتور فيروز الدين فيروز إنّ "سرطان الثدي واحد من أكثر الأمراض التي تستهدف نساء أفغانستان، وإنّ محاربته من ضمن أولويات الوزارة، وذلك من خلال بثّ الوعي لدى النساء وأسرهنّ وتشجيعهنّ على العلاج المبكر وإجراء الفحوصات الدورية. وهي أمور شبه معدومة لدى الأفغان". ويلفت فيروز إلى أنّ "مساعدة المجتمع الدولي في هذا الخصوص أمر لا بدّ منه، إذ إنّ الحكومة الأفغانية بمفردها لا تستطيع الوقوف في وجه هذا الداء، وهي في حاجة إلى المجتمع الدولي وأطياف الشعب المختلفة، بما في ذلك علماء الدين والزعامات القبلية الذين بمساعدتهم يمكن للمرأة أن تحصل على حقّها من الرعاية الصحية وغيرها".

ويوضح فيروز أنّ "عدداً كبيراً من المصابات بسرطان الثدي في البلاد، 3500 مصابة، غير مسجّل لدى الوزارة. والسبب هو إمّا الأعراف السائدة، فكثيرون هم الأفغان الذين يرفضون تسجيل مثل هذه البيانات رسمياً، وإمّا أنّ المرأة المصابة لا تتلقى العلاج في الأساس".

إلى ذلك، تشير نائبة وزيرة شؤون المرأة نبيلة صالحة إلى أنّ "ما يجري اليوم هو أقلّ بقليل ممّا تحتاج إليه المرأة الأفغانية، خصوصاً في هذا المجال، ونجد أنّ عدد المصابات بسرطان الثدي إلى تزايد". وتوضح أنّ "الوزارة تعمل بالتنسيق مع وزارة الصحة لوضع آلية متكاملة في هذا الإطار".
المساهمون