سخط ألماني على قرار مجلس الأمن بشأن المساعدات لسورية: ابتزاز روسي وتردٍّ أوروبي

13 يوليو 2020
روسيا والصين نقضتا قراراً ألمانياً بشأن مساعدات إنسانية لسورية(ديل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

أبرزت العديد من التقارير والتعليقات الصحافية في ألمانيا، اليوم الاثنين، حالاً من  السخط على الدور الروسي والصيني في مجلس الأمن الدولي، بفعل مقاربتهما لآلية استمرار اعتماد المساعدات الإنسانية لسورية عبر الأمم المتحدة، ووجدوا فيه عرقلة واضحة لجهود برلين في المجلس، بغية تقديم المزيد من المساعدات للشعب السوري عبر معبرين حدوديين، قبل أن يُعدَّل مقترح توافقي، أول من أمس السبت، سمح بمرور المساعدات عبر معبر واحد، وبنتيجته تخلى الروس والصينيون عن حقهم في النقض "الفيتو"، وسمحوا بتمرير القرار بالامتناع عن التصويت، وذلك بعد تسع جلسات لمحاولة لتمرير القرار.

هذا الأمر وصفه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، نوربرت روتغن، بأنه "فشل للغرب على جميع الأصعدة"، وهذا "ناتج من انسحاب الولايات المتحدة والفراغ اللاحق الذي كانت روسيا سعيدة بملئه".


وأضاف، وفق ما نقلت عنه صحيفة "دي فيلت"، أنه "كان نتيجة التردد المطلق للأوروبيين في عدم تمثيل مصالحهم الخاصة في المنطقة"، ومحذراً من "عواقب نزوح المدنيين السوريين وقتلهم على يد رئيس النظام بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبدعم الآن من الصين في مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي سيكون له دور مؤثر بأوروبا، لأن النازحين سيطلبون منّا الحماية عبر تركيا".  
بدوره، انتقد نائب رئيس كتلة "الليبرالي الحر"، في البوندستاغ، ألكسندر جراف لامبسدورف، روسيا بشدّة، وقال إن الحصار الروسي له غرض سياسي واضح، وهو يعمل فقط على إعطاء الديكتاتور السوري بشار الأسد السيطرة على كامل سورية، وتتجاهل موسكو أن قوافل المساعدات لا تتعلق بالسياسة، بل بتزويد المحتاجين بالحد الأدنى من أجل البقاء.

وأبرز، في تصريح صحافي، أن ما حصل انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني، لأن 2,8 مليون شخص في شمال سورية بوضع مأساوي، ويعانون نقصاً كاملاً في الخدمات، وحثّ تركيا على اتخاذ المبادرة الآن والمساعدة حيثما أمكن.  
وكان السفير البلجيكي لدى الأمم المتحدة، مارك بيكستين، قد اعتبر أن خيار الحل الوسط كان أفضل الممكن لتلبية الاحتياجات الإنسانية لنحو 3 ملايين شخص، غالبيتهم من كبار السن والأطفال، في منطقة إدلب السورية بالأغذية والأدوية، قبل أن يعقّب بأنه يوم حزين لمجلس الأمن، وقبل كل شيء للمنطقة. 
وذكرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ"، أن الدبلوماسي الألماني كريستوف هويسغن، وجّه خلال جلسة مجلس الأمن، السبت، اتهامات مباشرة إلى ممثلَي روسيا والصين، وتوجه إليهما قائلاً: عندما تبلغان بلديكما بخصوص ما حصل، أخبروهم بأن السفير الألماني سألكما عمّا إذا كان الأشخاص الذين أعطوا التعليمات بقطع المساعدات عن 500 ألف طفل لا يزال بإمكانهم النظر في المرآة.
وسأل هويسغن بغضب عمّا إذا كان من الغباء السعي إلى تحقيق أفضل شيء ممكن للناس المحتاجين، ليردّ السفير الصيني، تشانغ جون، بلهجة حادة: "لسنا بحاجة إلى دروسك، في عاصمتنا، يعرفون كيف يقررون، ويعرفون ما يفعلون. إنهم يفعلون الشيء الصحيح".  
وكان ممثل روسيا في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، قد طالب بأن "تنعكس الحقائق المتغيرة جذرياً في سورية" في طريقة التعامل مع المساعدات الإنسانية، وبأنه يجب ترك دمشق تزود المناطق في شمال شرق وشمال غرب سورية، وبحسب الصحيفة الألمانية، تعتبر موسكو أن عمليات التسليم عبر الحدود التي وافق عليها مجلس الأمن عام 2014 كانت ضد إرادة الأسد وبمثابة تقييد لسيادة سورية. واتهم نيبينزيا الغرب باستخدام المساعدات الإنسانية لتقسيم الشعب السوري.     
أما صحيفة "بيلد" الألمانية، فاعتبرت، اليوم الاثنين، تصريحات وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، التي أعرب فيها عن ارتياحه لتبني مجلس الأمن القرار الألماني البلجيكي حول مساعدة سورية، بأنها "شهادة فقر"، لأن الحقيقة تمثلت بانتصار لبوتين مرة أخرى، بعدما لم يُعتمَد سوى معبر حدودي واحد لتقديم المساعدة لملايين النازحين في سورية.


وتساءلت: "لماذا لم تُصرّ ألمانيا على استمرار تسليم المساعدات عبر معبرين حدوديين، كما طالبت وكالات الأمم المتحدة العاملة هناك؟".  بحسب الصحيفة، يؤكد هذا المسار مرة جديدة سماح المجتمع الدولي لبوتين بـأن يلعب لعبته الساخرة المستمرة منذ سنوات، أولاً قصف مع حليفه الأسد مئات الآلاف من السوريين في مخيمات اللاجئين، ثم أوقفوا مساعدات الأمم المتحدة. 
وأبرزت أن المقعد الدائم لروسيا في مجلس الأمن، يخدم فقط تغطيتها لحمام الدم في سورية وتحويل ملايين المدنيين إلى لاجئين.
وأكدت أن "ما حصل علامة فقر للحكومة الألمانية، أكبر الجهات المانحة للمساعدات، التي تحب الحديث عن حقوق الإنسان وتؤكد دائماً أهمية المؤسسات الدولية".   
أمّا صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ"، فرأت أنّ الحل الوسط الذي جرى التوصل إليه كان نتيجة الابتزاز، لأنه في تسع جلسات بقي حق النقض "الفيتو" من قبل روسيا والصين غير متأثر بحقيقة أن شحنات المساعدات، وبخاصة في ظل أزمة وباء كورونا، يجب أن يصار إلى تسليمها عبر اثنين على الأقل، من المعابر الأربعة الحدودية.  
واعتبرت أن هذه المواقف وضعت ألمانيا تحت الضغط، وهي التي كانت تأمل الكثير من التوقعات الإيجابية التي تعتزم استخدامها خلال توليها هذا الشهر رئاسة مجلس الأمن الدولي، لتعزيز قدرة الأمم المتحدة على العمل، ومن منطلق التزام برلين الحفاظ على مجلس الأمن، باعتباره الهيئة المركزية لحلّ النزاعات الدولية.  

المساهمون