سبع وستون نكبة.. وصمود

29 ابريل 2015
+ الخط -
على هامش الذكرى السابعة والستين لنكبة "فلسطين، أبحرتُ مبتعدا عن متاهات روحي فيك، فإنّي من أمّة تنفجر في ليلها الصحراء، وما غرابة لا أرى في عيونك غير المواجع، ما بهذا انتقاء، فأنتِ تنامين على أرض مجزأة، والتجزؤ فيها جزاء، لكنّك في الفكر والرّوح أصل، ومن معجز الملتقى، توحّد فيك الثرى والفضاء.." (مظفر النواب). 

سبعة وستون عاما مضت على النكبة الفلسطينية الأليمة عام 1948، وطوى التاريخ صفحاتها من دون أن تطويها مرارة الواقع الأليم. فالنكبة لا تزال نكبة، والجرح يستمر بالنزف، والدّم يراق بدون شفقة، ونتنياهو، كأسلافه، متمسك بما أباحه التشريع التلمودي: يقتل بنهم شديد، دون حساب ولا عقاب. هذا في الوقت الذي ننام فيه ملء جفوننا، من غير أن نعي ما يجري تحت أقدامنا من مياه هادرة.
والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع: أليس من المعيب على العرب، أنظمة وشعوباً، الاستمرار باجترار مقولة المؤامرة الصهيونية على حقهم بأرضهم وفي ثرواتهم في فلسطين وخارج فلسطين، لتغطية عجز، بل بالأحرى تواطؤ مراكز قوى مهمة بينهم، في مواجهة تلك المؤامرة، طوال ستة وستين عاما منذ نكبة فلسطين إلى اليوم؟

وبسؤال مغاير أقول: طالما أنّ الأنظمة العربية، بمجملها، قد اكتسبت شرعية وجودها منذ حصول الدول العربية على استقلالها، من خلال تبنيها شعار تحرير فلسطين، وبعد مرور كل هذا الزمن، ولا تزال فلسطين سليبة، وأبناؤها يواجهون، بصدورهم العارية، عسف الاحتلال وقمعه الوحشي. لماذا لا تستقيل هذه الأنظمة من دورها؟ فالشرعية أسقطها عنها واقع استمرار الاحتلال لفلسطين ولأراض عربية أخرى في الجولان ولبنان، واستمرار تخريب العراق والتآمر على تفتيت السودان؟ ولعلّ السؤال الأكثر وجاهة هو أين الشعب العربي "شعب الملايين"؟ أمام هذه الصورة التاريخية الدراماتيكية الذي لم يعد يبرّر انكفاءه كلام تافه عن قمع من هذا النظام العربي أو ذاك؟
فحرّية أي مواطن عربي ودمه ليست أثمن ولا أغلى من حرية أي فلسطيني، ولا أقدس من دم أي طفل فلسطيني يتعرّض يوميا للقهر والقتل والاعتقال والتشريد، على يد قوّات العدوّ الصهيوني. فالشعب العربي الذي عانى طويلا هول الفواجع والمواجع مدعوّ إلى إيقاظ الشارع من غفوته، لتشكّل صحوته القومية تعرية لهذا الواقع العربي المترجرج، لا سيما أنّ العدوّ لا يتجسّد فقط بالكيان الصهيوني، بل هو يتمثّل أيضا بالحاضنة الأميركية لهذا العدوّ وسلوكه وممارساته المنافية لكل ما تنص عليه شرعة حقوق الإنسان.

avata
avata
محمد المحسن (تونس)
محمد المحسن (تونس)