تتسابق الجزائر والمغرب، للفوز بمرور خط أنابيب الغاز النيجيري باتجاه أوروبا. وتعود الحكاية إلى العام 2002، حين اتفقت الجزائر ونيجيريا على إنشاء أنبوب غاز عابر للصحراء، بتكلفة قدرت حينها بنحو 10 مليارات دولار.
ويمر الخط من نيجيريا إلى النيجر ثم الجزائر، لتصدير الغاز إلى السوق الأوروبية؛ ويبلغ طول الأنبوب نحو 4128 كيلومترا، ويستهدف نقل 30 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري سنويا نحو أوروبا.
في العام 2009، تم توقيع اتفاق رسمي بين الجزائر ونيجيريا بمشاركة النيجر، لإنجاز المشروع، وبعدها بأربع سنوات أكد رئيس نيجيريا الأسبق جوناثان غودلاك، قرب بداية العمل بالمشروع بتكلفة 20 مليار دولار.
في 15 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، أكدت الجزائر ونيجيريا على ضرورة أن يدخل خط أنبوب الغاز لاغوس (نيجيريا) - الجزائر، والذي تم الاتفاق على إنشائه منذ الثمانينات، حيز التنفيذ.
واتفقت الجزائر وأبوجا، عقب لقاء اللجنة المشتركة للبلدين، قبل أكثر من أسبوعين، على إنشاء مجموعة عمل ستعقد اجتماعها الأول في الربع الأول 2019، لتقييم تقدم مشروع أنبوب الغاز.
على الصعيد المغربي، أطلقت المغرب ونيجيريا مشروع إنجاز الخط الإقليمي لأنابيب الغاز، في ديسمبر/ كانون الأول 2016.
وسيمتد أنبوب الغاز المغربي على طول يناهز 5660 كلم، ومن المنتظر أن يتم تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجة المتزايدة للبلدان التي سيعبر منها وأوروبا، خلال الـ25 سنة القادمة.
وسيمر الأنبوب بكل من بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو، وغامبيا والسنغال وموريتانيا، وتفوق تكلفة المشروع 25 مليار دولار، ويتوقع أن ينقل الأنبوب الجديد بين 30 و40 مليار متر مكعب سنويا.
وترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس النيجيري محمد بخاري، في 15 يوليو/تموز الماضي، بالرباط، مراسم التوقيع على الاتفاقية.
في مطلع الشهر الجاري، قال وزير الطاقة والمعادن المغربي، عزيز رباح، إن "الكل رابح من مشاريع الطاقة في أفريقيا"، نافيا أن يتسبب مشروع خط أنبوب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والجزائر، في إلغاء المشروع المغربي النيجيري المماثل.
وعلق الخبير النفطي وعضو الجمعية العالمية لاقتصاديات الطاقة، وضاح ألطه، بأن خط الأنابيب النيجيري المغربي قد يكتسب أهمية اقتصادية أكبر، نظرا إلى أنه يمر بأكثر من عشر دول، بعكس الخط الآخر الذي يمر بنيجيريا - النيجر- الجزائر.
وأفاد ألطه في اتصال هاتفي مع "الأناضول"، بأن الدول التي يمر بها خط الأنابيب يمكن أن تستفيد اقتصاديا من مرور الغاز في أراضيها. وتستخدمه في الصناعات المحلية وتوليد الكهرباء.
واعتبر أن الخط الجزائري، قد يواجه تحديات أمنية، خاصة التهديدات من الجماعات المتمردة شمال النيجر، بمنع عبور خط الغاز إلى الجزائر، فيما يتفادى الخط المغربي بعض النقاط البرية لتجنب التهديدات الأمنية، حيث يخطط أن يمر بشكل بحري في الأساس وصولا للمغرب.
وتابع ألطه: "هناك منافسة عالمية للوصول للسوق الأوروبية، والأوروبيون يرحبون بأي مصادر للغاز تقلل من الاعتماد على الغاز الروسي".
وذكر أن روسيا تعمل على تعزيز مكانتها في سوق الغاز الأوروبية، ورفع حصتها السوقية البالغة حاليا 37 بالمائة، موضحا أن روسيا تملك أنبوب "ستريم نورد1" يمر عبر بحر البلطيق وطاقته الإنتاجية 55 مليار متر مكعب سنويا، ويصل إلى شمال شرق ألمانيا.
وتعتزم روسيا مضاعفة إمدادات الغاز لأوروبا لتصل إلى 110 ملايين متر مكعب يوميا بعد تفعيل خطط إطلاق الخط الثاني لأنابيب الغاز " ستريم نورد 2".
وحسب ألطه، فإن 40 بالمائة من احتياجات ألمانيا من الغاز تأتي من روسيا، كما أن إمدادات النرويج -المزود الأكبر للغاز في أوروبا- بدأت تتناقص، بجانب تراجع إمدادات هولندا، مما يفسح المجال أمام الغاز الروسي أو القادم من أفريقيا.
وقال محمد زيدان، الخبير النفطي، إن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لن يتأخرا في تقديم التمويلات اللازمة لإنجاز خطوط إمداد الغاز القادمة من أفريقيا، بشرط التغلب على المعوقات والتحديات التي قد تظهر.
وأوضح في اتصال هاتفي مع "الأناضول"، أن احتياطيات نيجيريا من الغاز جيدة، وتستهدف خططها تنويع الصادرات وعدم الاعتماد على النفط فقط. وتصل احتياطيات نيجيريا من الغاز الطبيعي إلى نحو 184 تريليون قدم مكعبة.
وتابع زيدان: "هناك قلق لدى الاتحاد الأوروبي، من ارتفاع حصة روسيا مدعومة من الولايات المتحدة بضرورة تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، مما يزيد من فرص تسويق الغاز من دول الأطلسي ونيجيريا".
وذكر أن منافسة الغاز الروسي من حيث التكلفة، عبر الأنابيب صعبة، نظرا لقرب المسافة مع أوروبا، مما يشكل ضغوطا على الغاز النيجيري.
(الأناضول)