اتخذت المواجهة بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والكونغرس، أبعاداً أكثر حدة، إثر إقرار مجلس النواب، مساء يوم الخميس، مشروع القانون رقم 4038 بعنوان "الأمن الأميركي ضد الأعداء الأجانب"، القاضي بوقف خطة أوباما استقبال قرابة 10 آلاف لاجئ سوري وعراقي بدءاً من العام الجديد. وهو ما يجعل خيارات الرئيس الأميركي تنحصر في التوجه لاستخدام الفيتو الرئاسي (حق النقض)، كما سبق أن أعلن يوم الخميس. وقد أقرّ النصّ بمساندة الغالبية الجمهورية، مدعومة بعدد من الديمقراطيين، وحصل على 289 صوتاً مقابل 137، على أن يُطرح للتصويت على مجلس الشيوخ، في موعد لم يُحدّد بعد.
وبموجب مشروع القانون، يُلزم مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) ووزير الأمن الداخلي ومدير الاستخبارات الوطنية، التصديق على كل طلب لجوء وتقديم توقيعه (أي ضمانته الشخصية)، بأن ذلك اللاجئ (حتى لو كان رضيعاً) لا ولن يشكل خطراً على الأمن الأميركي. وهي عقبات جديدة وصفها البيت الأبيض والمنظمات غير الحكومية، بأنها "تهدف إلى المماطلة وغير قابلة للتطبيق"، فيما يرى الديمقراطيون أن "تعليق استقبال اللاجئين قد يستمرّ سنوات".
من جهته، يُشير الرئيس الجمهوري لمجلس النواب، بول ريان، إلى أن "هذه الخطة تعلن تعليقاً للبرنامج"، مبرراً القرار بأنه "معيار أمني وليس معياراً دينياً".
وإذا ما استخدم أوباما، الفيتو لتعليق القانون، فإنه لا يمكن تخطيه إلا بعملية تصويت جديدة، ينال فيها مشروع القانون غالبية الثلثين، أي 290 صوتاً في مجلس النواب، في حال مشاركة جميع الأعضاء. وسيُقيّد مشروع القانون حركة اللاجئين الجدد والقدامى، كما أن الأشخاص الذين يكونون قد دخلوا إلى الولايات المتحدة بتأشيرة دخول سياحية أو تأشيرة عمل، فيمكنهم نظرياً تقديم طلب لجوء كذلك، ولكن حتى هؤلاء يكونون قد مرّوا بإجراءات أمنية، كي يحصلوا أصلاً على تأشيرة دخول. كما تستبعد اتفاقية اللاجئين لعام 1951، الصادرة عن الأمم المتحدة، الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم خطيرة من الحق في اللجوء. الأمر الذي يجعل القوانين والقواعد القائمة بيروقراطية ومعقّدة بما فيه الكفاية.
وعدا ذلك، فقد أفاد أكثر من مصدر أمني أميركي بأن الولايات المتحدة، ولأسباب عديدة، منها موقعها الجغرافي، لا تواجه تهديداً أمنياً بالحجم الذي تواجهه أوروبا. كما أن نسبة الأميركيين المنضمين إلى "داعش" تُعدّ قليلة جداً، مقارنة بالفرنسيين أو البريطانيين.
اقرأ أيضاً: صراع بين ديمقراطي وجمهوري الولايات المتحدة حول اللاجئين
وكان لافتاً مدى الحقد الذي يكنّه بعض الجمهوريين للاجئين، وذلك بعدما بلغ الأمر بالمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، بن كارسون، إلى تشبيه اللاجئين الهاربين من سورية وجهاديي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بـ"الكلاب المسعورة". وقال كارسون في معرض حديثه عن استقبال لاجئين سوريين في الولايات المتحدة "إذا كان هناك كلب مسعور في الحي، فعلى الأرجح لن ترى فيه خيراً، كما أنك ستُبعد أولادك عن طريقه، لكن ذلك لا يعني أنك تكره الكلاب"، داعياً إلى "اعتماد آليات تدقيق لتمييز الكلاب المسعورة".
من جهته، يعتبر السيناتور الجمهوري من كاليفورنيا، كين كالفرت، أن "عملية التصويت تُشكّل بداية النهاية لبرنامج أوباما في مسألة لاجئي الشرق الأوسط"، لافتاً إلى أنه "حقق رغبات ناخبيه بالتصويت مع المشروع". أما السيناتور الديمقراطي عن تكساس، بيتو أوبورك، فيوضح أسباب معارضته للمشروع بالقول "في الأساس نعتمد إجراءات مشددة، فلم تمّ إقرار مشروع القانون هذا؟". ويتابع "هذا المشروع ليس ضرورياً، ولن يفيد الأمن الأميركي، بل سيؤدي ربما إلى زعزعة الأمن الأميركي".
وفي السياق ذاته، أُوقفت مراسلة شبكة "سي أن أن" الأميركية، إليز لابوت، عن مزاولة عملها لأسبوعين، بسبب تنديدها بمصادقة مجلس النواب على مشروع القانون. وأفادت وسائل إعلام أميركية، بأن "لابوت ذكرت في تغريدة لها عبر حسابها على موقع تويتر، تعليقاً على قرار مجلس النواب، أن تمثال الحرية أحنى رأسه أمام المعاناة". وأضافت الوسائل الإعلامية أنه "خلال فترة قصيرة قام مئات الأشخاص بإعادة نشر تغريدة لابوت، وتلا ذلك إعلان أحد المسؤولين في القناة عن قرار الإدارة، بإيقاف لابوت عن العمل لمدة أسبوعين، من دون تقديم أي مبرر بالخصوص". وتلقّت لابوت اتهامات بعدم الحيادية، بسبب تنديدها بالنواب الجمهوريين الذين طرحوا مشروع القرار للتصويت، فيما أعلن عدد من المواطنين مساندتهم منشورها.
اقرأ أيضاً كلينتون: لسنا في حرب مع الإسلام بل مع المتطرفين