ساتيا ناديلا...عبقري من أصل هندي نجح في إنقاذ مايكروسوفت

27 ديسمبر 2019
نجح ناديلا في زيادة قيمة أسهم مايكروسوفت (Getty)
+ الخط -

رغم اشتعال المنافسة بين قادة شركات التكنولوجيا، التي أصبحت تسيطر على عالمنا المعاصر، وتُشكل نسبة كبيرة مما نقرأ ونسمع ونفعل، اختارته جريدة "فاينانشيال تايمز" شخصية العام 2019، بعدما نجح في إنقاذ شركة مايكروسوفت من الخروج من تاريخ شركات التكنولوجيا وجعل منها واحدة من أكبر شركات "خلق الثروات" لحاملي الأسهم.

إنه ساتيا ناديلا، الأميركي من أصول هندية، الذي استعانت به الشركة الأميركية قبل ما يقرب من ست سنوات، حين تأخرت عن ركب شركات التكنولوجيا العملاقة وبدت وكأنها تخرج من المنافسة، ليكون ثالث رئيس تنفيذي لها في تاريخها الممتد لما يقرب من أربعة عقود ونصف.


وخلال فترة قصيرة، استعاد ناديلا للشركة مكانتها المتقدمة في قائمة شركات التكنولوجيا العملاقة، دون أن يثير حفيظة أي جهة رقابية أو محاسبية أو سياسية أو حقوقية، رغم ما وُسمت به الشركة في الماضي، باعتبارها "بلطجي" شركات التكنولوجيا، نتيجة احتكارها لأعوام عديدة برامج وتطبيقات الحاسب الآلي.

جاء ناديلا ليخرج مايكروسوفت من ظلمات التراجع والتأخر عن المنافسين إلى نور الإيرادات المرتفعة وتعظيم ثروات المستثمرين، بعدما نجح في تغيير غاية الشركة وثقافتها بصورة تعكس الصفات الشخصية لرئيسها التنفيذي، الذي يميل بطبعه إلى التواضع، وينفر من الغطرسة الفكرية.

وقبل إتمام عامه السادس في الشركة، نجح ناديلا في زيادة قيمة ما يملكه حاملو أسهمها إلى ما لم يحققه غيره، في مايكروسوفت أو غيرها، بعدما ارتفعت أسهم الشركة خلال عام 2019 وحده بحوالي 50 في المائة، أي ما يقرب من ضعف متوسط ارتفاع سوق الأسهم الأميركية.

وقبل أسبوعين من انتهاء العام، تجاوزت القيمة السوقية لمايكروسوفت 1.2 تريليون دولار لأول مرة في تاريخها، منها 850 مليار دولار تحققت خلال فترة رئاسة ناديلا للشركة، التي شهدت أيضاً شراء الشركة لأسهمها، كما توزيع أرباح على حاملي الأسهم بما يقرب من 150 مليار دولار، لتصل القيمة النقدية لأيادي ناديلا على الشركة إلى نحو تريليون دولار (أي ألف مليار دولار).

واعتمد ناديلا في إدارته للشركة على سياسة أبعدتها عن عناوين الأخبار في أغلب الأحيان، بعدما ركز استراتيجيات التسويق لديه على عملائه من الشركات، عوضاً عن الأفراد، حتى صار أغلب المجهود يتم بعيداً عن الأعين.

ويعزز من إنجاز ناديلا أن تلك الأرقام تحققت في وقتٍ تتعالى فيه الأصوات من أجل فرض مزيد من الرقابة على شركات التكنولوجيا العملاقة، سواء من أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين استدعوا العديد من الرؤساء التنفيذيين لتلك الشركات لاستجوابهم، أو من بعض المرشحين الديمقراطيين المحتملين لسباق الرئاسة في 2020، الذين يعدون بتفكيك تلك الشركات حال وصولهم إلى البيت الأبيض.

وعلى نحو متصل، ظهرت أخيراً تيارات، تزداد قوة كل يومٍ، تطالب الشركات الأميركية بعدم التركيز على مصالح وثروات حاملي الأسهم فقط، وضرورة أخذ عوامل أخرى في الحسبان، تتعلق بتوزيع ثمار النمو الاقتصادي بصورة تحقق مزيداً من العدالة، وتقلل من حجم التفاوت في أجور المواطنين، وتراعي اعتبارات البيئة، والتغير المناخي، وتقلل من استخدام مصادر الطاقة غير المتجددة.

وعلى الرغم مما حققه ناديلا لحاملي أسهم مايكروسوفت من ثروات، لم تكن الشركة هدفاً لهجوم تلك التيارات، الأمر الذي يوضح القيمة الحقيقية لإنجازات رئيسها، الذي تولى المنصب الأعلى فيها قبل أن يتم عامه السابع والأربعين، وخصص 500 مليون دولار للمساهمة في بناء مساكن منخفضة الكلفة للمواطنين في المنطقة التي يقع فيها مقر الشركة.

درس ناديلا في مدرسة حيدر أباد الحكومية في بلده الأصلي الهند، قبل أن يحصل على بكالوريوس هندسة الكهرباء من معهد مانيبال للتكنولوجيا، الذي كان تابعاً وقتها لجامعة مانجالور الحكومية في ولاية كارناتاكا الهندية.

بعد ذلك، ذهب إلى الولايات المتحدة وحصل على ماجستير علوم الكمبيوتر من جامعة ويسكونسين - ميلووكي عام 1990، ثم ماجستير إدارة الأعمال من جامعة شيكاغو. ومكنت دراسةُ علوم الكمبيوتر ناديلا من قيادة العديد من المشروعات في مايكروسوفت، نقلتها إلى منطقة الحوسبة السحابية، التي طورت الشركة فيها واحدة من أكبر البنى التحتية السحابية في العالم.

وبعد أن كانت إيراداتها من الخدمات السحابية في حدود 16.6 مليار دولار عند انتقال ناديلا إليها في 2011، قفزت إيرادات مايكروسوفت منها إلى 20.3 مليار دولار في أقل من عامٍ ونصف، فلم يكن غريباً أن تدفع له الشركة 700 ألف دولار سنوياً، بالإضافة إلى منحه أسهم تتجاوز قيمتها 17 مليون دولار. ومع استمرار مساهماته القوية في إيرادات الشركة، حصل ناديلا على 84.5 مليون دولار في عام 2016.

المساهمون