زيارة البشير السعودية: التدخّل البري في اليمن والدعم الداخلي

30 مايو 2015
زيارة البشير لم تنفصل عن الواقع السوداني (الأناضول)
+ الخط -

شكّل الوضع اليمني محور الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى السعودية الأسبوع الماضي، خصوصاً التدخل البري في ذلك البلد. إلا أن الوضع الداخلي السوداني لم يغب عن الزيارة، مع محاولة البشير حشد دعم لولايته الجديدة في القصر الرئاسي.

وأكدت مصادر في وزارة الخارجية السودانية، لـ"العربي الجديد"، أن الزيارة تمت بدعوة من الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، للتشاور حول التدخل البري في اليمن. ووفقاً للمصادر نفسها، فإن الزيارة تمت من خارج إطار الخارجية وأن الترتيب لها تم داخل القصر، ما يؤكد أنها تمت على عجل.

والتقى البشير إلى جانب الملك السعودي، الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لتقتصر مباحثاتهما على قضية التدخّل البري في اليمن.

وكشفت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن زيارة البشير ناقشت بالتحديد حجم القوات التي يمكن أن تسهم بها الخرطوم في حرب اليمن، لا سيما بعد أن تأكد أن الضربات الجوية منفردة لن تقود لنتائج سريعة، فضلاً عن استخدام موقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر في تلك العمليات.

وكانت الخارجية السودانية أعلنت أخيراً عن وضع كافة قدرات السودان رهن أي طلب لحماية أمن السعودية، في تعليقها على التفجير التي وقع في مسجد ببلدة القديح، شرقي السعودية.

وقال وزير الخارجية السوداني، علي كرتي، إن الزيارة بحثت الأحداث في المنطقة، فضلاً عن القضايا الاقتصادية والاستثمار، وشدد على موقف السودان الثابت لدعم جهود الرياض لإعادة الشرعية في اليمن.

ورأى المحلل السياسي محمد لطيف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الزيارة ركّزت بشكل أساسي على تطورات مسارات عاصفة الحزم، التي بدأت تثبت عدم جدوى القصف الجوي من دون توفير قوات برية". ورجّح لطيف أن "يكون جرى بحث مشاركة الخرطوم بقوات برية لا سيما أنه سبق للسودان أن أعلنت الالتزام بذلك"، لافتاً إلى "أن هناك محاولات في الجانب السعودي لترتيب المواقف من التيار الإسلامي الذي مال أخيراً نحو الاعتدال، لذا قد تكون مشاورات تمت مع البشير للحصول على معلومات لبلورة أفكار للتعامل مع التيار الإسلامي"، معتبراً أن "المملكة ما زالت تحتاج إلى تطمينات في ما يتصل بالوجود الإيراني في السودان".

اقرأ أيضاً: الحوثي يعلن دعم جماعته للحوار وهادي يلتقي البشير

من جهة أخرى، رأى محللون آخرون أن زيارة الرئيس السوداني إلى الرياض لم تنفصل عن الواقع السوداني ومحاولات الرجل إيجاد سند دولي وإقليمي في ما يتصل بولايته الجديدة، التي تعرضت لانتكاسة بعد المقاطعة الواسعة التي شهدتها الانتخابات الأخيرة، الأمر الذي جعل البشير يعمل لحشد قوى خارجية للمشاركة في الاحتفال الخاص بتنصيبه رئيساً منتخباً لخمسة أعوام مقبلة، فضلاً عن أن مشاركة الملك السعودي من شأنها أن تسهم في إحداث تغييرات كبيرة في المشهد السوداني.

وأكدت مصادر موثوقة، لـ"العربي الجديد"، أن البشير الذي قدّم دعوة رسمية للملك سلمان للمشاركة في احتفالات التنصيب في الخرطوم، شدد عليه في الزيارة الأخيرة على أهمية المشاركة، وخصوصاً أنها لو تمت ستكون أول زيارة لملك سعودي إلى السودان منذ سبعينات القرن الماضي، إذ كانت آخر زيارتين لملك سعودي للخرطوم في 1967 عندما قدِم الملك فيصل بن عبدالعزيز للمشاركة في القمة العربية وقتها، وبعدها جاءت زيارة الملك خالد بن عبدالعزيز في العام 1976.

ولفت مراقبون إلى أن زيارة البشير للسعودية تناولت التحديات التي يواجهها البشير في ما يتصل بتكوين حكومته الجديدة، ومحاولات الأخير تقديم نفسه كرئيس قومي في محاولة لإبعاد الإسلاميين عن حكم البلاد، الأمر الذي من شأنه أن يهدد سلطة البشير نفسه، ما يدفعه لمحاولة إيجاد تطمينات من حلفائه في المنطقة.

والمراقب لكواليس تشكيل الحكومة الجديدة في السودان، يجد أن ملامح تلك الحكومة لم تظهر حتى، فيما تؤكد مصادر داخل الحزب الحاكم أن الخيوط جميعها بيد البشير الذي يواجه صقور النظام الذين أبعدهم أخيراً عن الحكم، ومن بينهم النائب الأول ومساعد الرئيس السابقين علي عثمان ونافع علي نافع.

وأوضح المحلل السياسي محمد عبدالمنعم، أن الزيارة ناقشت الاهتمامات السودانية المتصلة بالقضايا الاقتصادية، لا سيما في ظل ارتفاع سعر الصرف والتضخّم، الأمر الذي يتطلب معالجة سريعة وحث الرياض على الالتزام بوعودها السابقة حول دفع مبلغ أربعة مليارات دولار كوديعة للسودان على أربع دفعات.

وأشار عبدالمنعم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "عقب زيارة البشير الأخيرة إلى السعودية، استلم بنك السودان الدفعة الأولى من الوديعة بقيمة 500 مليون دولار"، لافتاً إلى أن "هناك معلومات رشحت عن أن زيارة البشير ناقشت مبادرة منه للمساهمة في المصالحة اليمنية عبر علاقات الخرطوم بالرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، فضلاً عن التسوية السلمية في سورية بالارتكاز على علاقة البلاد بالأطراف هناك وتحركاتها الأخيرة في ما يتصل بتسمية قنصل جديد في دمشق". واعتبر أن "القوى الدولية لن تسمح بأي حال للخرطوم بأن تؤدي ذلك الدور، وهذا كان واضحاً في ما يتصل بمبادرة السودان في النزاع الليبي الليبي".

اقرأ أيضاً: السودان: البشير يستعد لأداء القسم وسط تحديات سياسية