زيارة "جنينة الحيوانات"

04 يونيو 2016
ربما إنْ تحسنت أوضاعها، نزرها (فرانس برس)
+ الخط -
كانت زيارتي الأخيرة لحديقة الحيوانات المصرية في مطلع 2010، منذ ذلك الحين لم أزر "جنينة الحيوانات"، كما يحب المصريين أن يطلقوا عليها، رغم أنه لا يفصلني عنها إلا نحو عشرين دقيقة فقط بالسيارة، في الأحوال العادية.

كان سبب الزيارة الأخيرة إلحاح متواصل من طفليّ الصغيرين وقتها. كان ابني الأصغر في الثالثة تقريباً بينما البكر لم يتجاوز السادسة. ذكرياتي عن ذلك اليوم ليست مشجعة أبداً، وربما كانت سبباً في عدم تكرار الزيارة خلال نفس العام، بينما منعتنا أسباب أخرى في السنوات اللاحقة.

كان يوم جمعة، والحديقة مزدحمة كالعادة، أطفال وشباب وعائلات، مخلفات الزوار تملأ المكان، بقايا أطعمة ومشروبات، ونفايات متباينة في كل الأركان.

كنا في فبراير/شباط، مما يعني أن الطقس معتدل والحرارة في معدلاتها اللطيفة، لكن ذلك لم يمنع انتشار روائح كريهة مختلفة، ما بين روث الحيوانات وروائح النفايات، إضافة إلى الضوضاء المتصاعدة من كل الاتجاهات، فأصوات رواد الحديقة، خاصة الأطفال والشباب، مرتفعة بلا ضوابط، وأصوات الموسيقى من المحال المتناثرة داخل المكان بدون نظام، مزعجة للرواد والحيوانات على حد سواء.

كنت قد استجبت لإلحاح طفليّ ورغبتهما في الذهاب إلى الحديقة أملاً في رؤية الحيوانات التي تضمها، وقضاء الوقت فيها، والاستمتاع بالهواء الطلق والشمس الساطعة. لكنهما لم يستمتعا كثيراً، فالزحام خانق ولا مكان تقريباً للّعب، والضوضاء مزعجة ولا مجال تقريباً للاستمتاع بالطقس الجيد، والروائح نفاذة ولا قدرة لكثيرين على تحملها.

كنا قد قررنا أن نقضي اليوم كاملاً في الحديقة، التي تغلق أبوابها بحلول الخامسة مساء، إلا أننا لم نستطع البقاء لما بعد الواحدة ظهراً، أصبحنا مقتنعين بضرورة مغادرة المكان بعد أقل من ساعتين فيه، فالحديقة غير مؤهلة على أي مستوى لقضاء الوقت، خاصة في أيام الإجازات، حيث تستقطب آلاف الزوار لأسباب عدة، بينها وجودها في قلب العاصمة المصرية وسهولة الوصول إليها، وسعر تذكرة الدخول الرخيص.

وهناك سبب أكثر أهمية في رأيي، يتمثل في سماح إدارتها للزائرين بإحضار الأطعمة والمشروبات معهم من منازلهم، ما يعني أن أسرة تتكون من أب وأم وطفلين، يمكنهم قضاء يوم كامل بتكلفة زهيدة تتحملها ميزانيتهم المرهقة، بل يستطيعون تكرارها مرة أو مرتين شهرياً.

كنت وطفليّ نمرّ بـ "جنينة الحيوانات" في طريقنا. لم أعد ألحظ إلحاحهما على زيارتها. كنت بين الحين والآخر أحدثهما عن تاريخها وأهميتها، لكني لم أكن حريصاً على الذهاب بهما مجدداً إليها. ربما إنْ تحسنت أوضاعها، نزرها.

دلالات
المساهمون