لا مكان في القاع يتّسع لكلّ ما يحصل على الشاشات المصريّة يومياً. "مهازل جماعيّة" وتعديات على الحياة الشخصيّة للمصريين بالجملة، إهانات للمواطنين وتحقير لحقوق الإنسان، هذا عدا عن التطبيل للسلطة ومحاولة تبرير الجرائم المختلفة بحقّ الآلاف.
ريهام سعيد وجدت ذلك مخرجاً، للانحدار نحو قاعٍ آخر. حفرت سعيد عبر حلقاتها حتى وجدت مكاناً لا يمكن لأحد أن يصل إليه. فبعد فضيحتها الأخلاقيّة الأخيرة، والتي سخرت فيها من لاجئين سوريين في لبنان، استضافت سعيد فتاةً مصريّة تُدعى سميّة، تم الاعتداء عليها في أحد المراكز التجاريّة في منطقة مصر الجديدة.
سميّة، نشرت شريط فيديو يظهر فيه المعتدي عليها وهو يضربها بعدما تحرّش بها لفظياً، كما قالت. فأجرت سعيد لقاءً معها وبثّته خلال برنامجها "صبايا الخير" على قناة "النهار" ليل الثلاثاء. ثم خرجت على المشاهدين في محاولة لمحاكاة "المحقّق كورومبو"، بداعي أنّها لم تقتنع برواية الفتاة، فحمّلتها مسؤوليّة الاعتداء عليها "بسبب ملابسها غير اللائقة بالمراكز التجارية التي يدخلها جميع أنواع الناس"، بحسب ما قالت سعيد.
وأضافت سعيد أنّ "أمراً ما غير مقنع في الرواية، دفعها للتفتيش أكثر، وكانت اللحظة الحاسمة عندما وصلت مجموعة صور إلى هاتف المنتج الفني للبرنامج، تُظهر الفتاة "في أوضاعٍ غير لائقة"، بحسب تعبير ريهام سعيد.
لم تكتفِ ريهام سعيد بذلك، فنشرت الصور، مموّهة، على شاشتها، وبينها صور تُظهر الفتاة شبه عارية وعلى البحر مع أحد أصدقائها، دون استئذان الفتاة. تسبّب هذا العمل بغضب واسع على مواقع التواصل الاجتماعي صباح الأربعاء، فدوّن المغردون على وسم "#موتي_ياريهام" مطالبين بإيقاف المذيعة.
مساء الأربعاء، كان الموضوع قد استفحل لدى الرأي العام المصري. وكان كلام نُسب للفتاة، قد انتشر، ليقول إنّ فريق برنامج ريهام سعيد اغتنم فرصة وجود هاتف الفتاة معه، فتم العبث به واستخراج مجموعة صور شخصيّة لها لعرضها على القناة ليلاً. هُنا، خرجت الإعلامية إيمان الحصري على قناة "المحور" لتتحدث عن الموضوع، وترفض ما جرى مع حلقة سعيد. واستضافت الفتاة بالإضافة إلى إتاحة الهواء للاتصالات للوقوف إلى جانب الفتاة وتشجيعها على عدم السكوت عن حقها في القضية.
فتحت الحصري الهواء لريهام سعيد، بدعوى حق الرد. لم يتعدَّ الأمر ثوانٍ، حتى أقفلت حصري الخط. فقد افتتحت سعيد الهواء بجملة "أنا ماعرفكيش وماعرفش اسمك"، لتردّ عليها حصري بأنّها لن تقبل بأن يحدث ذلك في برنامجها، مضيفة: "انت ماحترمتيش احترامنا لحقك بالرد عشان احنا اعلام محترم".
بعد دقائق قليلة، كانت سعيد على الهواء على قناة "النهار". افتتحت الحلقة بالموضوع أيضاً، واستمرّت على موقفها "بحقها في ما فعلته"، لتقول إنّ "من حقها نشر هذه الصور طالما أنّ الفتاة خرجت بموافقتها على الهواء في برنامجنا"، وتقول "أنا سترت عليكِ، وعندنا صور أكتر وعرفنا حاجات كتير. وأنا سترت عليكِ".
لكنّ القاع الذي وصلت إليه ريهام سعيد لم يعجب حتى وائل الإبراشي. فخرج الإبراشي، الذي كانت سعيد تتغزّل به في حلقة يوم الثلاثاء، على قناة "دريم 2" ليرفض ما جرى هو الآخر. وقال الإبراشي في الحلقة التي استضاف بها الضحية: "نشر صور هو محاولة لتوجيه القضية في اتجاه آخر لإبعاد النظر عن قضية التحرش. هي في النهاية ضحية ولا يجب انتهاك الحياة الشخصية لها. حتى في الدول الأوروبية إن تم التحرش بعاملات الجنس يتم التعامل من قبل الشرطة مع ذلك على أنها قضية تحرش. تحويل الموضوع لن يحول الضحية إلى جانٍ".
على مواقع التواصل، نفس الضجّة. نفس الرفض لما تفعله ريهام سعيد، ولكنّها لا تسمع ولا ترى. فليل الأربعاء، أعاد المغردون استخدام وسم "#موتي_ياريهام"، بالإضافة إلى "#حاكموا_ريهام_سعيد"، مطالبين بمحاسبة المذيعة التي تخطّت كل الخطوط الحمراء في أخلاقيّات الصحافة.
Twitter Post
|
لا تكترث سعيد لأي مواثيق إعلاميّة، ولا يبدو أنّها ستكترث في المستقبل القريب. أصبح حالها كحال المثل الشعبي: "قالوا يا فرعون مَن فرعنك؟ قال ما لقيت حد يردّني".
اقرأ أيضاً: حزب المالكي سيقاضي "الجزيرة" على برنامج "الصندوق الأسود"