رهان خاسر

28 فبراير 2015
تراهن السلطة الفلسطينية على الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها(فتجي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي تبدي فيه السلطة الفلسطينية، نوعاً من المواجهة ضد إسرائيل، فإن شواهد كثيرة تدل في المقابل، على تعويل "فلسطيني" لا يستند إلى واقع، على الانتخابات الإسرائيلية واحتمالات فوز معسكر "اليسار" في الانتخابات، وربما أيضاً تشكيله لحكومة جديدة، لا يكون فيها نتنياهو.

فوفقاً لشهادات لطلاب فلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 48، ممن يدرسون في الكليات والجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، فإن السلطة تبدي اهتماماً وتشجيعاً لرفع نسبة التصويت عند فلسطينيي الداخل. ولا يقف الأمر عند ذلك، بل إنها تستعد وفق هذه الشهادات، ولو بطرق غير رسمية، أو لنقل فصائلية، لترتيب أمر سفر هؤلاء الطلاب من الجامعات الفلسطينية إلى بلداتهم للتصويت، ومن ثم العودة إلى الجامعات، تحت غطاء دعم القائمة المشتركة للأحزاب الفلسطينية في الداخل، التي كان للسلطة دور أيضاً في تشكيلها، عبر الضغط على أحزاب الداخل.

إلى ذلك، تفيد شواهد كثيرة، من الاجتماعات التي عقدها مسؤولون من لجان التواصل في السلطة مع مندوبين عن أحزاب فلسطينية في الداخل، أن هناك ميلاً عند السلطة، وأمنيات بأن ينجح يتسحاق هرتسوغ وشريكته تسيبي ليفني في تحصيل عدد أكبر من المقاعد، من تلك التي سيحصل عليها بنيامين نتنياهو، أملاً في أن يتمكن الثنائي هرتسوغ وليفني من تشكيل حكومة بديلة يمكنها أن توفر للسلطة ذريعة لانتظار خطوط هذه الحكومة، عل ذلك يريح السلطة الفلسطينية من "هم" المضي قدماً في تحركها الدولي، ومن اضطرارها لتنفيذ وعيدها بوقف التنسيق الأمني.

ومع أن هذا التوجه ليس بجديد على السلطة الفلسطينية منذ أوساط التسعينيات، عندما علقت أمالاً على انتخاب رابين، ولاحقاً على انتخاب براك، إلا أنه يأتي هذه المرة بالرغم من إشارة كافة الاستطلاعات الإسرائيلية، إلى أن اليمين باق في الحكومة، وأن أقصى ما يمكن أن يتم هو حكومة وحدة وطنية، يؤدي فيها هرتسوغ وحليفته ليفني دور ورقة التوت التي تستر عورة حكومة نتنياهو، وتمده بالدعم الدولي بدلاً من مواجهة خطر المقاطعة والعزلة الدوليتين.

ويبدو أن السلطة الفلسطينية التي لم تلق بالا للفلسطينيين في الداخل، حتى الآن، وفقط بعد ضغوط هائلة من أحزابهم، أعلنت رفض الاعتراف بيهودية الدولة، لم تتعلم من تجارب الماضي، وتصر مرة أخرى بدلاً من بناء استراتيجية وطنية على الرهان على الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها. لكن رهانها هذه المرة أيضاً سيكون خاسراً، حتى لو حدثت المعجزة، وقرر الإسرائيليون الاستغناء عن حكم الليكود، وهو احتمال ضعيف للغاية، فإن ذلك لن يحل محل استراتيجية فلسطينية وحقيقية لمواجهة الصلف الإسرائيلي، حتى لو كانت ليفني أو هرتسوغ هما من يقفان وراء دفة القيادة في إسرائيل.
المساهمون