رمضان غزة... تضارب الأسعار وركود شبه تام

15 يونيو 2016
سوق للسلع الغذائية في غزة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -


تبدأ أسعار اللحوم والسلع والخضروات في غزة بالتذبذب بداية كل موسم رمضاني، بسبب زيادة الإقبال وتضاعف نهم الزبائن والصائمين للحصول على مستلزمات مائدة الإفطار، لكن الأوضاع الاقتصادية السيئة في قطاع غزة هذا العام، أحدثت فوارق في مستويات ارتفاع وانخفاض الأسعار.
حال أسواق القطاع، التي تبدو راكدة سوى في أيام صرف الرواتب، تدلل على عمق الأزمة التي ازدادت مع ارتفاع أسعار اللحوم وبعض السلع مقارنة بالأيام العادية، لكن المثير هذا العام أن أسعار الخضروات التي عادة ما ترتفع بشكل كبير جداً في رمضان، خالفت التوقعات وظلت محافظة على أسعارها الطبيعية، أو أكثر قليلاً فقط، وهو ما يعزوه كثيرون إلى قلة إقبال المواطنين، نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ويقول بائع الدجاج ولحوم الطيور، يوسف عجور، الذي يعمل في سوق الزاوية الشعبية إلى جانب والده منذ 25 عاماً، إن أسعار اللحوم ترتفع مع دخول أول أيام شهر رمضان من طرف التجار؛ بسبب زيادة إقبال المواطنين عليها، نافياً أن تكون الأحوال الجوية سبباً في ارتفاع الأسعار، نتيجة نفوق أعداد من الطيور، حسب ما تم تداوله في الأسواق.

ويوضح عجور لـ "العربي الجديد" أن سعر كيلو الدجاج الواحد وصل إلى 15.5 شيكلاً (4 دولارات)، بعد أن كان 9 شيكلات، مما أثر على الحركة التجارية الضعيفة أصلاً، مضيفاً: "الأسرة الواحدة تحتاج إلى 6 كيلوغرامات من الدجاج على الأقل، وارتفاع الأسعار بهذا الشكل يؤثر على رب الأسرة، الذي يحاول مواجهة الغلاء بتخفيف الكمية المطلوبة في الغالب".


ويشير إلى ارتفاع سعر كيلو الصدور اللاحم منذ اليوم الأول لشهر رمضان من 24 شيكلاً إلى 28 شيكلاً، وسعر كيلو الكبدة كذلك من 24 شيكلاً، إلى 28 شيكلاً، إلى جانب ارتفاع سعر كيلو الحبش من 10 شيكلات، إلى 13 شيكلاً، وكذا الحال مع مختلف أصناف لحوم الطيور.
ويوضح عجور أن الحالة الاقتصادية أثرت على كل مجريات الحياة في قطاع غزة، وعلى وجه التحديد الأسواق والحركة الشرائية، مشيراً بإصبعه إلى شارع السوق الذي بدا خاليا من المارة، وهو يقول: "في مثل هذا الوقت من الموسم الحقيقي، السوق تكون مكتظة بالناس".

على النقيض تماماً، حافظت مختلف الخضروات - باستثناء الليمون - على أسعارها، حيث يقول أبو حمزة عاشور، الذي يعمل في سوق الزاوية الشعبية منذ 15 عاماً، إن أسعار كل أنواع الخضروات منخفضة مقارنة بالموسم الرمضاني الماضي، والأيام التي سبقت رمضان.
ويرجع عاشور هذا الانخفاض إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي يمر بها المواطنون في غزة، ونتيجة عدم انتظام دفع رواتب موظفي حكومة غزة والبطالة المستشرية، إلى جانب عدم قدرة التجار على تصدير الخضروات للخارج، مما تسبب في زيادة كميتها في الأسواق بالنظر إلى المطلوب.

أما جاره، أبو هاني حمادة، فيرجع سبب حفاظ الخضروات على أسعارها في ظل ارتفاع أسعار عدة أصناف مع بداية رمضان، إلى صعوبة تخزينها لفترة طويلة بسبب الأجواء الحارة، والخوف من فسادها، موضحاً أن حركة الأسواق متدنية، على الرغم من انخفاض الأسعار.
العطارة والمخللات والمكسرات النيئة والفواكه المجففة، لم تختلف كثيراً عن وضع الخضروات، باستثناء أصناف التمور التي شهدت ارتفاعاً في الأسعار، حيث يقول العطار، أبو زكريا بلبل، إن الأسعار لم تختلف عن الأيام العادية بسبب ضعف حركة السوق، مضيفا: "الحركة ضعيفة على الرغم من عدم ارتفاع الأسعار، وفي حال ارتفعت، كنا سنغلق أبوابنا".
"ارتفاع أسعار الدجاج أدت إلى ارتفاع أسعار مختلف أصناف الطيور"، يقول بائع الطيور اللاحمة، مصطفى سكيك، مضيفاً أن ارتفاع أسعار الدجاج يؤدي إلى عزوف بعض الزبائن عنه، والاتجاه إلى شراء أصناف أخرى من الطيور مثل البط، أو الإوز.

ويوضح لـ "العربي الجديد" أن سعر كيلو البط أصبح 18 شيكلاً، بعد أن كان 15 شيكلا قبل شهر رمضان، كما أصبح سعر كيلو الأرانب 19 شيكلاً، بدلاً من 15 شيكلاً، موضحاً أن زيادة الأسعار جاءت من المصدر، وأن التجار يتحكمون في الأسعار بناءً على نظرية العرض والطلب، وارتفاع أسعار باقي أصناف اللحوم.
وحافظ لحم العجل على غلاء ثمنه، الذي يصل إلى 55 شيكلاً، بناء على حديث اللحام، أبو شريف سرور، الذي يبين لـ "العربي الجديد" أن الأسواق الغزية تمر بأسوأ أحوالها، وأن الحركة التجارية "تنشط قبل بداية رمضان بيومين، وتستمر حتى أربعة أيام، كذلك تنشط في آخر أيام شهر رمضان، وأيام صرف الرواتب، وما دون ذلك، تعود إلى ركودها".

من جانبه، يقول بائع اللحوم والأسماك والخضروات المجمدة، أبو محمد خضير، لـ "العربي الجديد"، إن أسعار اللحوم المجمدة لم تشهد زيادة مع دخول شهر رمضان، وقد حافظ كيلو الكفتة على سعره، الذي يتراوح بين 18 حتى 24 شيكلاً، مبيناً أن الأوضاع في أسواق غزة تزداد سوءاً كل عام عن الذي قبله، وهذا الحال أضحى واقعاً منذ عشرة أعوام.
الأزمة الاقتصادية التي اشتدت في القطاع منذ بداية الحصار الإسرائيلي قبل نحو عشرة أعوام، بدأ تأثيرها يتضاعف تدريجياً، حتى وصل القطاع بأسواقه ومواطنيه إلى أعلى مستويات التدهور الاقتصادي، بعدما بلغت نسبتا الفقر والبطالة نحو 45% و65% على التوالي.


المساهمون