14 نوفمبر 2024
رسالة مروان البرغوثي لتصحيح المسار
من المرجّح أن تثير الرسالة التي أطلقها، أخيراً، المناضل الأسير مروان البرغوثي جدلاً واسعاً في الساحة الفلسطينية، وقد تُشكّل صرخةً لتصحيح المسار، ومحاولةً جادةً لتشكيل آفاقٍ جديدةٍ للمشروع الوطني الفلسطيني، وربما يضعنا على أعتاب مشروع وطني فلسطيني جديد، يتجاوز مرحلة "أوسلو" ويتخطاها، ويستهدف لم شتات الشعب الفلسطيني، وبناء وحدته، عبر إعادة إحياء خطاب حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وتموضع المقاومة والسلطة في سياقٍ تكامل، يضع له شرطاً، تتخلى بموجبه "السلطة عن وظيفتها الأمنية المتصلة بالاحتلال، وتتيح للمقاومة مواجهة المستعمر وأدواته".
رسالة مروان التي تسللت من شعاع شمس نافذة زنزانته في سجن هادريم إلى حيث يُفترض أن تصل، وتُنشر في عدد الربيع من مجلة دراسات فلسطينية في الأيام المقبلة، عرّجت، في طريقها على مواقع للتواصل الاجتماعي، لتبدأ في إثارة عاصفة من التفكير لن تنتهي قبل أن يجيب كم من الفصائل والمفكرين والقادة وشباب الانتفاضة على ما تضمنته من أطروحاتٍ، قد تساهم في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، بل والسير بخطى حثيثة نحوها.
منذ البداية، يحدّد مروان علاقة الشعب بالاحتلال بأنّها "علاقة رفض ومقاومة ومقاطعة بمختلف الوسائل والسبل، وليست علاقة تعايش ومهادنة"، ويبدو أنّه يخاطب أبناء حركة فتح، خصوصاً حين يقول إن من غير المقبول أن "يستمر التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، وندّعي في نفس الوقت أنّنا حركة تناضل ضد الاحتلال". وبرفض مروان هذه الازدواجية الممارسة منذ سنوات، ودعوته إلى الفرز الواضح بين اتجاهي التنسيق الأمني مع الاحتلال والنضال ضده، يكون قد بدأ في تحديد ملامح مرحلة جديدة، ترفض التبريرات السائدة، وتحدّد العدو من الصديق.
يعتبر مروان أنّ الانتفاضة الشعبية الحالية، والتي يطلق عليها اسم الهبة، "رد صريح على فشل خيار المفاوضات"، وعلى الرغم من أنها تفتح المجال أمام "تصويب المسار وتوضيح الرؤية"، فمن المؤسف، وبحسب مروان، أنّها وعلى الرغم من تواصلها منذ خمسة أشهر، تاريخ كتابة الرسالة، من دون أي إشارة إلى توقفها، لم تجد بعد من يحتضنها، ومن يسلحها بأهداف ورؤية سياسية "تقطع مع المرحلة السابقة برموزها وسياساتها البائسة"، بل أخفقت القيادة الفلسطينية في التقاط مغزى الهبة "الذي قدّم بوصلة وطنية"، يمكن الاستعانة بها، لتصويب المسار بعيدًا عن "الأوهام وسراب التفاوض والسلام الزائف". "القيادة الرسمية لم تغتنم اللحظة التاريخية، وما زالت تراوح مكانها، منعزلة عن الجماهير "التي خطّت أولى الخطوات نحو تصويب المسار".
ما يريده مروان البرغوثي هو تحويل الهبّة إلى انتفاضةٍ شعبيةٍ من نوعٍ جديدٍ، يتماشى مع خصائص "جيل ما بعد أوسلو"، ومع دور الشباب المتنامي في المجتمع، ويضع لذلك شروطاً، أهمها إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية، إلّا أنّه يستدرك منبهاً وموضحاً العنصر الأهم، وهو "استعادة خطاب حركة التحرّر الذي يركز على الخلاص من الاحتلال وعلاقات التبعية والهيمنة التي فرضها الاحتلال"، وهو ما يطلق عليه اسم الثوابت الوطنية، مؤكدًا أنّ المفاوضات العبثية، ومسارها السياسي، أفقدانا "مفردات الخطاب التحرّري"، وأدخلانا في "قضايا وتفصيلاتٍ لا تنتهي"، وبرزت السلطة "على حساب المنظمة"، متسائلًا عمّا إذا كان "إلغاء السلطة وتفكيكها شرطا ضروريا لإحياء المنطمة"، مسجلاً أنّ السلطة "في شقي الوطن" تجاوزت دورها الوظيفي، و"اعتدت على حريات المواطنين"، مؤكدًا أنّ النضال من أجل الحرية هو الذي يصنع "الخطاب الوطني"، ويعالج أمراض التكلس والشيخوخة الفكرية والنضالية "التي أصابت الفصائل والتنظيمات في مقتل"، وانعكس ذلك على الحالة الوطنية "وحال دون التجديد"، و"دون السماح للشباب باستلام مواقع قيادية".
يخلص مروان، في رسالته، إلى ضرورة إعادة صياغة الحركة الوطنية الفلسطينية، والنظام السياسي الفلسطيني، داعياً إلى اعتماد برنامج وطني "يستند إلى الميثاق الوطني، ووثيقة الاستقلال، ووثيقة الوفاق الصادرة عن الأسرى"، داعياً إلى شراكةٍ وطنيةٍ كاملةٍ في كل المؤسسات الفلسطينية، وتكريس "تعدّدية سياسية ديمقراطية، لتوليد نخبة سياسية ملتزمة بالثوابت، ومستعدّة لدفع استحقاقات مرحلة التحرر الوطني"، مقترحاً أن يتمّ ذلك عبر موتمر وطني شامل، تشارك فيه جميع القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بما يذكّر بالمؤتمرات القومية في تاريخ الشعب الفلسطيني، والتي كانت تؤسس لمواقف سياسية، تحوز على الإجماع الوطني في المفترقات المهمة.
ماذا أراد مروان البرغوثي في رسالته، وهل هي بداية قطيعة مع النظام السياسي الفلسطيني السائد؟ أظن ذلك، وأعتقد أنّ لهذه الرسالة ما بعدها، كيف لا ومروان يقول، بوضوحٍ لا لُبس فيه، إنّه إذا أردنا تخطي مساوئ هذه المرحلة، علينا "تجديد الخطاب والبنية، عبر التزام خطاب تحرّر وطني، وبنية سياسية شابة، تنقلنا إلى مسار وطني بديل".
يتبقى على مروان ورفاقه، وكل المناضلين العابرين للفصائل في الوطن والشتات، تطوير هذا الخطاب على المستوى النظري، إضافة إلى تطوير ذلك عملياً على الأرض، من خلال تصعيد الانتفاضة وتطويرها، وهي التي لولاها لبقي الجميع في حالة المرواحة في المكان والرضوخ لإملاءات المحتل.
رسالة مروان التي تسللت من شعاع شمس نافذة زنزانته في سجن هادريم إلى حيث يُفترض أن تصل، وتُنشر في عدد الربيع من مجلة دراسات فلسطينية في الأيام المقبلة، عرّجت، في طريقها على مواقع للتواصل الاجتماعي، لتبدأ في إثارة عاصفة من التفكير لن تنتهي قبل أن يجيب كم من الفصائل والمفكرين والقادة وشباب الانتفاضة على ما تضمنته من أطروحاتٍ، قد تساهم في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، بل والسير بخطى حثيثة نحوها.
منذ البداية، يحدّد مروان علاقة الشعب بالاحتلال بأنّها "علاقة رفض ومقاومة ومقاطعة بمختلف الوسائل والسبل، وليست علاقة تعايش ومهادنة"، ويبدو أنّه يخاطب أبناء حركة فتح، خصوصاً حين يقول إن من غير المقبول أن "يستمر التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، وندّعي في نفس الوقت أنّنا حركة تناضل ضد الاحتلال". وبرفض مروان هذه الازدواجية الممارسة منذ سنوات، ودعوته إلى الفرز الواضح بين اتجاهي التنسيق الأمني مع الاحتلال والنضال ضده، يكون قد بدأ في تحديد ملامح مرحلة جديدة، ترفض التبريرات السائدة، وتحدّد العدو من الصديق.
يعتبر مروان أنّ الانتفاضة الشعبية الحالية، والتي يطلق عليها اسم الهبة، "رد صريح على فشل خيار المفاوضات"، وعلى الرغم من أنها تفتح المجال أمام "تصويب المسار وتوضيح الرؤية"، فمن المؤسف، وبحسب مروان، أنّها وعلى الرغم من تواصلها منذ خمسة أشهر، تاريخ كتابة الرسالة، من دون أي إشارة إلى توقفها، لم تجد بعد من يحتضنها، ومن يسلحها بأهداف ورؤية سياسية "تقطع مع المرحلة السابقة برموزها وسياساتها البائسة"، بل أخفقت القيادة الفلسطينية في التقاط مغزى الهبة "الذي قدّم بوصلة وطنية"، يمكن الاستعانة بها، لتصويب المسار بعيدًا عن "الأوهام وسراب التفاوض والسلام الزائف". "القيادة الرسمية لم تغتنم اللحظة التاريخية، وما زالت تراوح مكانها، منعزلة عن الجماهير "التي خطّت أولى الخطوات نحو تصويب المسار".
ما يريده مروان البرغوثي هو تحويل الهبّة إلى انتفاضةٍ شعبيةٍ من نوعٍ جديدٍ، يتماشى مع خصائص "جيل ما بعد أوسلو"، ومع دور الشباب المتنامي في المجتمع، ويضع لذلك شروطاً، أهمها إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية، إلّا أنّه يستدرك منبهاً وموضحاً العنصر الأهم، وهو "استعادة خطاب حركة التحرّر الذي يركز على الخلاص من الاحتلال وعلاقات التبعية والهيمنة التي فرضها الاحتلال"، وهو ما يطلق عليه اسم الثوابت الوطنية، مؤكدًا أنّ المفاوضات العبثية، ومسارها السياسي، أفقدانا "مفردات الخطاب التحرّري"، وأدخلانا في "قضايا وتفصيلاتٍ لا تنتهي"، وبرزت السلطة "على حساب المنظمة"، متسائلًا عمّا إذا كان "إلغاء السلطة وتفكيكها شرطا ضروريا لإحياء المنطمة"، مسجلاً أنّ السلطة "في شقي الوطن" تجاوزت دورها الوظيفي، و"اعتدت على حريات المواطنين"، مؤكدًا أنّ النضال من أجل الحرية هو الذي يصنع "الخطاب الوطني"، ويعالج أمراض التكلس والشيخوخة الفكرية والنضالية "التي أصابت الفصائل والتنظيمات في مقتل"، وانعكس ذلك على الحالة الوطنية "وحال دون التجديد"، و"دون السماح للشباب باستلام مواقع قيادية".
يخلص مروان، في رسالته، إلى ضرورة إعادة صياغة الحركة الوطنية الفلسطينية، والنظام السياسي الفلسطيني، داعياً إلى اعتماد برنامج وطني "يستند إلى الميثاق الوطني، ووثيقة الاستقلال، ووثيقة الوفاق الصادرة عن الأسرى"، داعياً إلى شراكةٍ وطنيةٍ كاملةٍ في كل المؤسسات الفلسطينية، وتكريس "تعدّدية سياسية ديمقراطية، لتوليد نخبة سياسية ملتزمة بالثوابت، ومستعدّة لدفع استحقاقات مرحلة التحرر الوطني"، مقترحاً أن يتمّ ذلك عبر موتمر وطني شامل، تشارك فيه جميع القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بما يذكّر بالمؤتمرات القومية في تاريخ الشعب الفلسطيني، والتي كانت تؤسس لمواقف سياسية، تحوز على الإجماع الوطني في المفترقات المهمة.
ماذا أراد مروان البرغوثي في رسالته، وهل هي بداية قطيعة مع النظام السياسي الفلسطيني السائد؟ أظن ذلك، وأعتقد أنّ لهذه الرسالة ما بعدها، كيف لا ومروان يقول، بوضوحٍ لا لُبس فيه، إنّه إذا أردنا تخطي مساوئ هذه المرحلة، علينا "تجديد الخطاب والبنية، عبر التزام خطاب تحرّر وطني، وبنية سياسية شابة، تنقلنا إلى مسار وطني بديل".
يتبقى على مروان ورفاقه، وكل المناضلين العابرين للفصائل في الوطن والشتات، تطوير هذا الخطاب على المستوى النظري، إضافة إلى تطوير ذلك عملياً على الأرض، من خلال تصعيد الانتفاضة وتطويرها، وهي التي لولاها لبقي الجميع في حالة المرواحة في المكان والرضوخ لإملاءات المحتل.