18 أكتوبر 2024
ربيع موجة ثورية جديدة
"كامن ثأري بأعماق الثرى، وغداً، سوف يرى، كل الورى، كيف تخرج صرخة الميلاد من صمت القبور، تبرد الشمس، ولا تبرد ثارات الزهور". هذا ما قاله الشاعر يوماً عن أزهار الربيع التي لا تعرف الغياب الكلّي والانهزام. هي تكمن، تنتظر، تغيب فترة وجيزة. ومع اللحظة المناسبة تشق الأرض، وتخرج من جديد بعنفوانها، وألوانها، وعبيرها الذي ينتشر في الآفاق. هكذا هو الربيع، هكذا هي الأزهار تختفي فترة ولا تفنى.
وكذلك هو ربيع العرب. مرّة جديدة أثبت أن أزهاره تغيب فترة، ثم لا تلبث أن تعود وتزهر، منتفضة على كل الواقع المفروض عليها بقساوة الحديد والنار تارة، ونعومة الدولار والدينار تارة أخرى.
خلال الأيام الماضية، أزهر ربيع نيسان في الجزائر، وفي الخرطوم، وحتى في طرابلس الغرب من جديد. ثلاث عواصم عربية أفريقية أنعشت ذاكرة العرب، والعالم، وأعادت إليها صورة الربيع الذي أزهر قبل تسعة أعوام في تونس، ثم في القاهرة وصنعاء ودمشق. أرادوا خنق أزهاره، قبل أن تتنفّس الصعداء، وتنشر عبيرها في الأرجاء العربية. لوّنوا الربيع بلون الدم، ولوّثوا رائحته برائحة البارود، وحبسوا هواءه حتى لا تتنفّس الحرية وتملأ صدور التوّاقين إليها. ظنّ أصحاب اللغات الخشبية أنهم يستطيعون قطْف الأزهار، وقطْع البراعم، واقتلاع الجذور، لكنهم لم يدركوا أن طلب الحرية كامن في أعماق الثرى، في أعماق النفوس، وها هي اليوم النفوس التوّاقة إلى الحرية والكرامة تخرج سيولاً بشرية لا نهاية لها في الجزائر. وفي الخرطوم، تعلن أن ربيع العرب بدأ يزهر من جديد. ها هم ثوار طرابلس، وقد
أسقطوا واحدا من أعتى الأنظمة قبل تسعة أعوام، يعودون إلى الساحات بحشود كثيفة، يردّدون شعاراتهم لإسقاط محاولات إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. وها هم أطفال درعا وأبطالها، مهد الثورة السورية، يعودون، على الرغم من كل البطش الذي مورس بحق الشعب السوري، ويحتشدون في ساحات الثورة، مؤكدين رفضهم القاطع لاستعادة نصب التماثيل التي تمثّل الزمن الغابر، فضلاً عن قبول إعادة تنصيب ذاك النظام الذي ارتكب كل تلك الارتكابات بحقهم.
هو الربيع يعود. هو موسم الأزهار يتفتح من جديد، وهذه المرة في الجزائر، حيث فرض الشعب الجزائري إرادته، وأجبر الرئيس على التنحّي، وهو مستمر في فرض إرادته من خلال الاحتشاد في الساحات. وبصورة سلمية قد يسعى الأشرار إلى تشويهها، كما فعلوا يوما من الزمن الغابر.
وها هو الشعب السوداني الذي أشعل أكثر من ثورة في القرن الماضي، الشعب المثقف والواعي يفرض إرادته، ويُجبر رئيسه على التنحّي، ويؤكد أن أزهار ربيعه لم تعد تستطيع الانتظار.
ما جرى أخيراً في الجزائر والخرطوم ليس شيئاً عادياً. صحيحٌ أن الشعبين، الجزائري والسوداني، حقّقا إنجازاً مهماً عبر إجبار رأسي النظام في كلا البلدين على التنحّي، ولكن الأهم هو انعكاس حراك الشعبين على كل الساحات العربية. أكد الشعبان أن الربيع الذي حاولت الثورات المضادة، والأنظمة الداعمة لها، والدولة العميقة في أكثر من بلد، والمؤامرة الدولية الأممية في صمتها عن كل الجرائم التي طاولت الشعوب خلال عنف الثورات المضادة، خنقه وقتله، يزهر من جديد. أكد الشعبان أن القتل البشع، والتدمير الممنهج الذي حصل، ومحاولات إخافة الشعوب، كلّها ذهبت أدراج الرياح، حتى الأموال التي صرفت تحوّلت حسرةً في نفوس الذين صرفوها. لقد أعاد حراك الشعبين، والإنجازات التي تحققت، الأمل لكل الشعوب العربية، فرائحة أزهار الخرطوم لا بدّ أن تصل إلى القاهرة المجاورة، وسيحمل النيل معه من عزيمة السودانيين، ما يجعل المصريين يتنفسون هواء الحرية قريباً.
ما جرى في الجزائر والخرطوم يؤكد أننا في المنطقة أمام موجة ثورية عربية جديدة ستطاول هذه المرة عواصم يظن حاكموها أنهم في بروج مشيّدة لا يدركهم غضب الشعب.
خلال الأيام الماضية، أزهر ربيع نيسان في الجزائر، وفي الخرطوم، وحتى في طرابلس الغرب من جديد. ثلاث عواصم عربية أفريقية أنعشت ذاكرة العرب، والعالم، وأعادت إليها صورة الربيع الذي أزهر قبل تسعة أعوام في تونس، ثم في القاهرة وصنعاء ودمشق. أرادوا خنق أزهاره، قبل أن تتنفّس الصعداء، وتنشر عبيرها في الأرجاء العربية. لوّنوا الربيع بلون الدم، ولوّثوا رائحته برائحة البارود، وحبسوا هواءه حتى لا تتنفّس الحرية وتملأ صدور التوّاقين إليها. ظنّ أصحاب اللغات الخشبية أنهم يستطيعون قطْف الأزهار، وقطْع البراعم، واقتلاع الجذور، لكنهم لم يدركوا أن طلب الحرية كامن في أعماق الثرى، في أعماق النفوس، وها هي اليوم النفوس التوّاقة إلى الحرية والكرامة تخرج سيولاً بشرية لا نهاية لها في الجزائر. وفي الخرطوم، تعلن أن ربيع العرب بدأ يزهر من جديد. ها هم ثوار طرابلس، وقد
هو الربيع يعود. هو موسم الأزهار يتفتح من جديد، وهذه المرة في الجزائر، حيث فرض الشعب الجزائري إرادته، وأجبر الرئيس على التنحّي، وهو مستمر في فرض إرادته من خلال الاحتشاد في الساحات. وبصورة سلمية قد يسعى الأشرار إلى تشويهها، كما فعلوا يوما من الزمن الغابر.
وها هو الشعب السوداني الذي أشعل أكثر من ثورة في القرن الماضي، الشعب المثقف والواعي يفرض إرادته، ويُجبر رئيسه على التنحّي، ويؤكد أن أزهار ربيعه لم تعد تستطيع الانتظار.
ما جرى أخيراً في الجزائر والخرطوم ليس شيئاً عادياً. صحيحٌ أن الشعبين، الجزائري والسوداني، حقّقا إنجازاً مهماً عبر إجبار رأسي النظام في كلا البلدين على التنحّي، ولكن الأهم هو انعكاس حراك الشعبين على كل الساحات العربية. أكد الشعبان أن الربيع الذي حاولت الثورات المضادة، والأنظمة الداعمة لها، والدولة العميقة في أكثر من بلد، والمؤامرة الدولية الأممية في صمتها عن كل الجرائم التي طاولت الشعوب خلال عنف الثورات المضادة، خنقه وقتله، يزهر من جديد. أكد الشعبان أن القتل البشع، والتدمير الممنهج الذي حصل، ومحاولات إخافة الشعوب، كلّها ذهبت أدراج الرياح، حتى الأموال التي صرفت تحوّلت حسرةً في نفوس الذين صرفوها. لقد أعاد حراك الشعبين، والإنجازات التي تحققت، الأمل لكل الشعوب العربية، فرائحة أزهار الخرطوم لا بدّ أن تصل إلى القاهرة المجاورة، وسيحمل النيل معه من عزيمة السودانيين، ما يجعل المصريين يتنفسون هواء الحرية قريباً.
ما جرى في الجزائر والخرطوم يؤكد أننا في المنطقة أمام موجة ثورية عربية جديدة ستطاول هذه المرة عواصم يظن حاكموها أنهم في بروج مشيّدة لا يدركهم غضب الشعب.