ذكرى "محمد محمود": هل تتّحد قوى الثورة مجدداً؟

19 نوفمبر 2014
سقط 11 ضحية في "محمد محمود" (الأناضول)
+ الخط -
يُعتبر تاريخ 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، يوماً فارقاً في مسار ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في مصر، فهو التاريخ الذي شهد بداية أحداث "محمد محمود". بدأت الأحداث بمواجهات بين قوات الأمن المصرية والثوار. لم تُشارك جماعة "الإخوان المسلمين"، في الأحداث، كونها رفضت المشاركة في المواجهات مع قوات الأمن في حينه. أما الآن، فقد تغيّرت الظروف، قبل الذكرى الثالثة للأحداث، التي سيتمّ احياؤها، اليوم الأربعاء، بفعاليات عدة، قد تشهد بصيص أمل في إمكانية اتحاد القوى الوطنية والسياسية والثورية مرة أخرى.

وأعلنت قوى سياسية عدة مشاركتها في إحياء الذكرى، منها "حزب الدستور"، الذي أكد المتحدث باسمه، خالد داود، أن "الحزب سيشارك في إحياء الذكرى من خلال وقفة تأبين أمام نقابة الصحافيين، بالإضافة لوقفة أخرى أمام منزل عضو الحزب، جابر صلاح، الذي لقي مصرعه في الذكرى الأولى للأحداث".

كما دعت "الجبهة السلفية" إلى إحياء الذكرى، ضمن الفعاليات التي دعا إليها "تحالف دعم الشرعية"، فيما أكدت حركة "6 أبريل"، جبهة أحمد ماهر، أن "الحركة ستشارك في الوقفة، والمؤتمر الصحافي المزمع عقده قبيل بدء الفعاليات".

وأكدت "جبهة طريق الثورة" مشاركتها في الذكرى، وأشار المتحدث الإعلامي باسمها، محمد فؤاد، إلى أن "القوى الثورية والمشاركين سيتحركون، في مسيرة تنطلق من دار القضاء العالي، وتجوب شوارع القاهرة وتصل إلى محمد محمود عند الساعة الخامسة عصراً". وأضاف أن "القوى الثورية ستتصدّى لأية محاولة من وزارة الداخلية لمنع المسيرة". ونفى وجود أي تنسيق مع جماعة "الإخوان المسلمين"، التي قدمت اعتذارها لشهداء "محمد محمود".

وأعادت الجماعة التذكير بمشاركة بعض قياداتها في التصدّي للداخلية في وقتها، ومنهم، محمد البلتاجي، مع بعض العلماء، الذين شكّلوا دروعاً بشرية، مع شيوخ من الأزهر. وأكد المتحدث باسم حزب "الحرية والعدالة" أحمد رامي، مشاركة الجماعة والحزب في الفعاليات الثورية. وشبّهت حركة "أحرار" الثورية، ذكرى "محمد محمود" بـ"يناير الثانية". كما أكد حزب "العيش والحرية" (تحت التأسيس)، مشاركته على لسان القيادي أكرم إسماعيل.

من جهة أخرى، رفضت قوى مدنية وسياسية المشاركة في إحياء الذكرى، بدعوى أن "الوضع الأمني الحرج لا يسمح بذلك، أو خوفاً من مشاركة عناصر من الإخوان معهم في الذكرى". ومن أبرز الأحزاب الرافضة: "الوفد"، و"التجمع"، و"النور"، و"المصريين الأحرار"، و"المصري الديمقراطي الاجتماعي"، و"تمرد". ورفضت تلك الأحزاب التواجد في الشارع مع "الاشتراكيين الثوريين"، و"مصر القوية"، و"الإخوان المسلمين".

وتُعدّ أحداث محمد محمود كموجة ثانية لثورة 25 يناير، متجسدة في المطالب بنقل السلطة من المجلس العسكري لـ"حكم مدني"، وقامت قوات الشرطة في حينه بتصفية الثوار جسدياً، وأدت الأحداث إلى مقتل وإصابة المئات، وكانت أكثر الإصابات في العيون والوجه والصدر، نتيجة استخدام الخرطوش، بالإضافة إلى حالات الاختناق نتيجة استخدام الغاز المسيّل للدموع.

وبدأت الأحداث مع اقتحام قوات الأمن المصرية ميدان التحرير، صباح يوم السبت 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ونجحت في فضّ اعتصام جرحى الثورة وذويهم في ميدان التحرير، الذين أهملت الدولة المصرية علاجهم ورعايتهم، فقرروا الاعتصام الذي بدأ في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وانضم إليهم بعض المتضامنين في يوم الجمعة 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.

وفوجئ المصابون، وأغلبهم لا يقوى على الحركة بسبب الإصابات، بدخول المئات من عناصر الشرطة، وتحديداً من قوات الأمن المركزي، مدعومين بمدرعات ومصفحات، للمشاركة في عملية فض الاعتصام. وطلبوا من المعتصمين ترك الميدان، كما حاولت عناصر تابعة للشرطة إغراق وسط الميدان بالمياه، لكن المعتصمين رفضوا الانصياع.

ومع رفض المعتصمين فضّ الاعتصام، اقتحمت مدرعات تابعة للشرطة الميدان، وحاصرت المعتصمين في وسطه ونزعت خيامهم وصادرت أغطيتهم، ومنعت المارة من التواجد على الأرصفة أو تصوير عملية الفض.
وحاصرت قوات الأمن المركزي عقب نجاح عملية الفض، وسط الميدان والحديقة أمام مجمع التحرير، لمنع وصول المتظاهرين إليها، وانتشر العشرات من قوات الأمن على مداخل ومخارج الميدان.

ساد الهدوء لبعض الوقت، قبل أن تشتعل الأوضاع مجدداً مع تجمع المصابين وذويهم وبعض المتعاطفين معهم، وبدأوا محاولة الدخول إلى ميدان التحرير على الرغم من رفض قوات الأمن. ومع احتدام المواجهات ردّت قوات الأمن عبر استخدام قنابل الغاز المسيّل للدموع، مما دفع المتظاهرين للردّ عليهم بالحجارة. كما أضرم بعض المتظاهرين النيران في أحد سيارات الأمن المركزي، أثناء تواجدها بقلب الميدان، رداً على العنف الشديد من قوات الأمن.

وأفرطت قوات الأمن المركزي في استخدام القوة، وتحوّل ميدان التحرير إلى ساحة حرب، وسادت حالة من الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن في الشوارع الجانبية المؤدية للميدان ووزارة الداخلية. وسقط مئات الجرحى في صفوف المتظاهرين، وأغلبهم بالاختناق بقنابل الغاز، وبعضهم برصاص مطاطي وخرطوش. وأقام المتظاهرون مستشفيات ميدانية عدة لعلاج الجرحى، وتحديداً، الحالات التي تحتاج لإسعافٍ سريع. كما أُقيم مستشفى ميداني في كنيسة "قصر الدوبارة"، ومستشفى ميداني آخر في مسجد الرحمن، الملاصق لميدان التحرير.

واستمرت الاشتباكات حتى وقت متأخر من ليل 19 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن تنحسر في شارع "محمد محمود"، المؤدي إلى وزارة الداخلية والذي كانت تخرج منه قوات الأمن لمواجهة المتظاهرين. وبعد أكثر من 36 ساعة من الاشتباكات، اقتحمت قوات مشتركة من الجيش والشرطة الميدان، وأخلته من المعتصمين، بمشاركة قوات من الصاعقة والشرطة العسكرية وأفراد الأمن المركزي. واستخدم الأمن القوة المفرطة في عملية الفض.

وتم إخلاء الميدان بالكامل خلال دقائق معدودة، في حين قام جنود الأمن المركزي بإحراق كل ما يصادفهم. وقُدّر عدد الضحايا بـ11 ضحية. وسجلت بعض الكاميرات مشاهد مخزية لجنود الأمن المركزي يقومون فيها بإلقاء جثة في القمامة، ويسحلون جثثاً أخرى.