دونالد ترامب.. الملياردير المجنون

28 مارس 2016
ترامب شخصية بارزة في القطاع العقاري الأميركي (Getty)
+ الخط -

يتعامل البعض منا، وربما العديد، مع المرشح المحتمل للحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية، الملياردير دونالد ترامب، على أنه شخص مجنون، أو على أقل تقدير شخص معتوه لا يدري ما يفعل أو يقول.

ويستشهد هؤلاء بتصريحات نارية وعنصرية أطلقها ترامب ضد المسلمين خلال حملته الانتخابية الحالية، منها أنه سيطرد المسلمين من أميركا في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية، وأن جميع الدول تستغل أميركا وتستنزفها مالياً ولا تحترمها، وأن رؤساء أميركا لو ذهبوا إلى الشاطئ واستمتعوا بأشعة الشمس وهواء البحر يوم تدخلهم في الشرق الأوسط قبل 15 عاما، لكان وضع أميركا هناك اليوم أفضل كثيرا.

كما أيد ترامب سابقا استخدام بعض أساليب التعذيب في مواجهة العمليات الإرهابية، وفي بعض الأوقات يطلق الرجل تصريحات تنم للوهلة الأولى عن عدم فهمه بعض الحقائق الاقتصادية على الأرض، مثل تصريحه أن "الصين أعادت بناء نفسها من أموال تسرّبت من الولايات المتحدة، وأنهم فعلوا هذا من خلال التلاعب بالنقد، وتخفيض قيمة العملة".

آخر التصريحات الغريبة التي أطلقها دونالد ترامب، هو ذاك التصريح الذي وصف فيه السعوديين، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، نشرت السبت الماضي، بـ"أنهم ماكينات نقود، ورغم هذا لا يدفعون لنا ما نستحقه"، وتأكيده أنه "سيوقف استيراد المشتريات الأميركية للنفط من السعودية طالما لم تقدم الرياض قوات لمحاربة داعش"، أو تعوّض السعودية أميركا عن الجهود التي تبذلها في محاربة التنظيم.

وواكب هذه التصريحات الغريبة تصريحات أخرى منها مهاجمة ترامب المنظمة الأممية باستمرار، وأحدث ما قاله "لم نحصل على شيء من الأمم المتحدة، كما أن المنظمة لا تحترمنا، ولا تفعل ما نريد، ومع ذلك نستمر في تمويلها بشكل غير ملائم".

تصريحات ترامب الأخيرة ليست الأولى من نوعها، فعندما تعرضت شركاته العقارية لمشاكل مالية، إبان الأزمة المالية العالمية في صيف العام 2008، امتنع الرجل عن سداد قرض بقيمة 40 مليون دولار لمصرف دويتشه بنك الألماني، بحجة أن هذه الأزمة هي قانون الله، أي قضاء وقدر، وبالتالي لا يجب أن يتحمل أعباء ليس هو صانعها أو حتى شريك في صنعها، وسبق لترامب أن امتنع عن سداد ديون متأخرة مستحقة عليه لبنوك عالمية أخرى بحجج غريبة، وهو ما عرضه للإفلاس عدة مرات.

ورغم هذه التصريحات الغريبة، إلا أننا نخطئ حينما نتعامل مع ترامب على أنه شخص معتوه لا يعرف ما يقول، فالسيرة الذاتية والعملية للرجل تقول إنه اقتصادي بالدرجة الأولى ورجل أعمال وناجح ومن الوزن الثقيل، والدليل حجم الأموال التي يمتلكها والاستثمارات التي يديرها وتقدر بمليارات الدولارات، ففي شهر فبراير/شباط 2015 قدرت مجلة فوربس الأميركية ثروة ترامب بنحو 4 مليارات دولار.

والمتابع لسيرة المرشح المحتمل للحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسية الأمريكية يلحظ أن الرجل شخصية بارزة في القطاع العقاري الأميركي، حيث يمتلك ملايين الأمتار في حي مانهاتن الشهير، كما استطاع التغلب على أزمات مالية عنيفة ألمّت به وقادته إلى الإفلاس عدة مرات، واستطاع كذلك تكوين إمبراطورية عقارية وسلسلة من الشركات والفنادق والعقارات، كما يدير مشاريع سكنية ومنتجعات ترفيهية وكازينوهات، وفنادق، وملاعب غولف، ومنشآت أخرى في جميع أنحاء العالم.

كما توسع ترامب في صناعة الطيران عبر شراء شركة ايسترن شتل، واشتري كذلك شركة اتلانتيك سيتي كازينو، وكازينو تاج محل من عائلة كروسبي، الذي أفلس في وقت لاحق، وأدى هذا التوسع في الأعمال التجارية إلى تصاعد الديون المستحقة على شركات ترامب، حيث أن الكثير من الأخبار التي نقلت عنه في أوائل التسعينيات كانت تغطي مشاكله المالية والعائلية كما يقول موقع ويكيبيديا الشهير.

في تقديري، فإن ترامب ليس بهذه السذاجة التي يحاول البعض منا تصويره بها، فهو يعي ما يقول جيدا، وقد يكون أحد أبرز مفاجآت الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، خاصة مع فوزه على منافسه في ولايات كبرى.



اقرأ أيضا: خيارات أميركية مرة..الرئيس المقبل أمام 4 تحديات اقتصادية

المساهمون