أفرجت الرئاسة الجزائرية، اليوم الخميس، عن مسودة الدستور الجديد، ووزعت نسخاً منها على النقابات والشخصيات الوطنية وعلى الأحزاب السياسية قبل نشرها للرأي العام، بهدف إثراء الدستور ومناقشته قبل طرحه لاستفتاء عام، تضمنت إصلاحات سياسية، أبرزها تعيين نائب لرئيس الجمهورية، ودسترة الحراك الشعبي والسماح لقوات الجيش بالقتال في الخارج بعد موافقة البرلمان.
وتقترح المسودة استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، يقوم رئيس الجمهورية بتعيينه، وإلغاء حق رئيس الجمهورية في إصدار قوانين وتشريعات خلال فترة العطل البرلمانية، إلا في حال شغور البرلمان، كما تضمنت تحديد العهدات الرئاسية بعهدتين فقط لكل رئيس، يصبح بعدها غير مسموح له بالترشح مجدداً، كما تقترح استحداث محكمة دستورية، لتحل محل المجلس الدستوري الحالي، تتولى مراقبة قرارات رئيس الجمهورية في الظروف الاستثنائية كالحرب.
ويمنح الدستور الجديد لرئيس الجمهورية حق إقرار حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً، لكنه يفرض عليه الحصول على موافقة البرلمان لتجديدها أو تجديد حالة الحصار الاستثنائي، وهو ما يعزز من سلطة البرلمان وصلاحياته الرقابية على الحكومة واستجوابها وحق سحب الثقة منها.
وتقترح المسودة تحديد العهدة البرلمانية للنواب بعهدتين فقط، لمنع استمرار النواب لعهدات طويلة في البرلمان، على غرار عدد من النواب لم يغادروا المؤسسة التشريعية منذ انتخابات عام 1997، وكذا منع استعمال الحصانة النيابية في أي قضايا وممارسات لا علاقة لها بالعمل النيابي، وكذا إلغاء تعيين الرئيس للثلث الرئاسي في مجلس الأمة (48 عضوا)، إضافة إلى دسترة الهيئة العليا لتنظيم الانتخابات.
كما تضمن الدستور الجديد تعزيز صلاحيات رئيس الحكومة، وتعزيز مبدأ استقلالية العدالة، من خلال استبعاد وزير العدل والنائب العام للمحكمة العليا نهائياً من المجلس الأعلى للقضاء، بعدما كان وزير العدل هو رئيس المجلس بالنيابة عن رئيس الجمهورية، ونقل رئاسة المجلس بالنيابة إلى رئيس المحكمة العليا، ودسترة التشكيلة التي يضمها المجلس، وكذا منع نقل القضاة من المحاكم، لمنع أي تلاعب بالقضايا وحماية القضاة.
كذلك تضمنت المسودة أحكاماً تتعلق بإلزام السلطات العمومية باحترام الحقوق الأساسية، كتجريم التعذيب وسرية المراسلات السرية والخاصة والمعطيات ذات الطابع الشخصي، وحماية ممارسة العبادات دون تمييز، وحق الاجتماع والتظاهر وحرية الصحافة ومنع الرقابة القبلية على وسائل الإعلام، وحق إنشاء الجمعيات بمجرد تقديم تصريح ومنع حلها إلا بقرار قضائي، ما يبعد الجمعيات عن الضغوط الإدارية للسلطة.
ويقترح الدستور الجديد الاعتراف بالحراك الشعبي ودسترته، وحظر خطاب الكراهية، ونقل اللغة الأمازيغية إلى جملة المواد "الصماء" الثابتة والتي لا تكون معنية بأي تعديل دستوري مستقبلاً، وهذا لمنع أي تلاعب سياسي بها.
كما يسمح الدستور الجديد للجيش الجزائري، وللمرة الأولى، بالمشاركة في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة، إذ كان الدستور الجزائري يمنع أي خروج أو مشاركة للجيش الجزائري خارج الحدود، كما تضمن الدستور الجديد بنداً يتيح للجزائر المشاركة في عمليات إحلال واستعادة السلام في المنطقة في إطار اتفاقيات ثنائية مع الدول المعنية.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد تعهد في الأول من الشهر الجاري بالكشف عن مسودة الدستور الجديدة وتوزيعها على القوى السياسية والمدنية، بعدما كان قد بادر في الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، وبعد أقل من أسبوعين من تسلمه الحكم، إلى تكليف فريق (لجنة دستورية) يضم 17 خبيراً في القانون الدستوري، برئاسة الخبير الأممي السابق أحمد لعرابة، بإجراء مراجعة شاملة للدستور الجديد وإعادة صياغته لبناء ما يصفها بـ"الجزائر الجديدة".
وتسلم تبون في 24 مارس/آذار الماضي مسودة الدستور الجديد، وكان مقررا أن يتم توزيع المسودة في بداية شهر إبريل/نيسان الماضي، لكن الأزمة الوبائية وانتشار فيروس كورونا دفعا الرئيس تبون إلى إرجاء توزيعها ومناقشها.
وطلبت الرئاسة من النقابات والشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية إثراء المسودة الدستورية المقترحة وتقديم مقترحاتها، قبل إعادة صياغة أخيرة للمسودة الدستورية، ثم عرضها على البرلمان قبل طرحها لاستفتاء شعبي عام خلال الأشهر المقبلة.