دبلوماسيون يتوقعون استمرار الضغط الروسي على الأسد

16 مارس 2016
طائرات روسيّة في سماء موسكو (Getty)
+ الخط -

توقّع دبلوماسيون غربيّون، أن تستمرّ الضغوط الرّوسية على الرئيس السوري، بشّار الأسد، لإيقاف الحرب الأهليّة التي بدأت منذ خمس سنوات، وذلك بعد أن قرّر فلاديمير بوتين سحب قوّاته التي تزعم أنّها كانت تقصف القوّات المتمرّدة على مدى الستّة أشهر الماضية.

وعلى ما يبدو، فإنّ الدبلوماسيين على ثقة أنّ قرار بوتين الذي أعلن عنه يوم الإثنين، يهدف إلى عرض نوع جديد من النفوذ الرّوسي في سورية، والضغط على الأسد حتى يوافق على حلّ وسطي.

بدوره، قال أحد كبار الدبلوماسيين المشاركين في محادثات جنيف للسلام، إنّه بإمكان الأسد صياغة الدستور الجديد، لكن روسيا تدرك أنّ لا خيار له سوى الوقوف جانباً في مرحلة معيّنة، وإلّا تجمّدت الأمور. اعتبر أنّ الرّوس دعموا موقف الأسد بما يكفي للمشاركة على طاولة المفاوضات في وضع قريب إلى التوازن مع الأطراف الأخرى، لكنّهم يريدون إيقاف هذه الحرب. كما أنّهم يسعون إلى الإبقاء على نفوذهم في المنطقة، أكثر من البقاء إلى جانب الأسد.

كذلك كتبت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أنّ وزير الدولة الأميركي جون كيري سيذهب إلى موسكو في الأسبوع المقبل للتحدّث مع الرئيس حول مقاربته للانتقال السياسي في سورية، وهو ما يدل على سيطرة بوتين على مجرى الأمور.

وفي غضون ذلك، أرسلت روسيا فيتالي نومكين، وهو أكاديمي متميّز، لمساعدة الأمم المتحدة في محادثات السّلام في جنيف. وقال نومكين إنّ التصالح هو الحلّ الوحيد لأنّ لا أحد من أطراف النزاع سينتصر.

اعتمدت التقديرات الغربية على مناقشات دبلوماسية جاءت بعد أن بدأت بعض القوّات الرّوسية بالعودة إلى موسكو. بيد أنّ التقارير أبلغت عن استمرار الغارات الداعمة للحكومة السورية، وهي تتقدّم باتجاه تدمر.

من جهته، قال وزير الدفاع الرّوسي، سيرغي شويغو، إنّهم سيحافظون على نظام الرادار وقاعدتهم الجويّة التي أنشئت حديثاً في سورية. وأكمل أنّه يحقّ لروسيا الاستمرار في حملاتها الجويّة ضدّ الإرهابيين، ولكن ليس واضحاً إن كانت ستستهدف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أو بعض الجماعات المرتبطة بـ "اللجنة العليا للمفاوضات" التي تمثّل مظلّة القوّات المتمرّدة في جنيف.

في المقابل قال نائب وزير الدفاع، نيكولاي بانكوف، إنّه من المبكر التحدّث عن الانتصار على الإرهاب، ولدى القوّات الجويّة الرّوسية مهمّة الاستمرار في قصف مواقع الإرهابيين.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما حثّ روسيا في اتّصال هاتفي له مع بوتين، مساء الإثنين على تجنّب زيادة هجماتها الجويّة، لأنّ ذلك ينتهك هدنة الأسبوعين من وقف إطلاق النار، ويشكّل التهديد الأكبر والوحيد لمحادثات السّلام.

وأشار المحلّلون إلى أنّ إعلان بوتين، جاء في وقت سعت فيه الحكومة السورّية إلى التشدّد في مواقفها في اليوم الأوّل لمحادثات السّلام، لافتين إلى أنّ الزعم بأنّ إعلان بوتين كان قراراً مشتركاً مع الأسد، كان المحاولة الأكثر سطحيّة.

واللافت أنّ المخابرات الإسرائيلية، التي زعمت معرفتها بالتدخل الرّوسي قبل البدء به، لم يكن لديها أدنى فكرة بشأن إعلان بوتين الأخير، حتى مبعوث الأمم المتحدة في سورية، ستيفان دي ميستورا، وذلك على الرّغم من عمل كبار الرّوس مع موظّفيه على تفاصيل وقف إطلاق النار. كما شكّل الإعلان صدمة كبيرة لزعماء "اللجنة العليا للمفاوضات".

إلى ذلك، قال المتحدّث باسم "اللجنة العليا للمفاوضات" سالم المسلط، إنّ روسيا رحّبت ببداية العام السادس للحرب الأهلية، بعلامة إيجابية. وأكمل أنّهم لا يعلمون إن كان الانسحاب كلّيا أو جزئيا، لكن إذا كان انسحاباً كليّا فسيسمح بفرص نجاح العمليّة السياسية أكثر. وأشار إلى أنّه يفضّل رحيل الرّوس بشكل كامل، وأنّ الأهم عدم استهداف المدنيين وإيقاف العمليّات العسكرية في سوريّة، وأنّه لا يهم ما نسمعه بل ما يحدث على الأرض. وأكمل أنّ صنّاع القرار الآن في سورية هم الروس وليس النظام، وإذا ضغط الرّوس بشكل جدّي على حكومة الأسد فستسير المحادثات بشكل أفضل، ولكن ذلك يحتاج إلى قرار شجاع آخر من بوتين، يكون إلى جانب الشعب السّوري.

وهناك تساؤلات إن كانت روسيا قادرة على الاستمرار في تدخل عسكري طويل الأمد في ظلّ الركود الاقتصادي الذي تعانيه البلاد بسبب العقوبات، وانخفاض أسعار النفط. ولكن على الرّغم من كلّ ذلك، أثبت التدخل العسكري الرّوسي أنّه بعيد كل البعد عمّا كانت عليه روسيا قبل بضعة أعوام.

ويقول محلّلون، إنّ الإصلاحات التي طرأت على الجيش الرّوسي بعد الحرب مع جورجيا، عبّدت الطريق لما وصلت إليه القوّات الرّوسية منذ عامين.    

  اقرأ أيضاً:الخارجية الروسية: سحب قواتنا من سورية لن يضعف الأسد

المساهمون