مع الفشل الذي انتهت إليه الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف بين وفدي المعارضة والنظام، بعد الشروط التي وضعها الأخير ورفضه أي حوار، تعمل روسيا على تعويم مؤتمر "الحوار الوطني السوري" الذي تعتزم عقده في سوتشي باعتباره "فرصة لا تفوت" ويجب على الجميع المشاركة فيه، لتصبح المعارضة في وضع صعب وأمام خيارات محدودة، مع محاولة حصر الخيارات أمامها بضرورة التوجّه إلى سوتشي كحل إنقاذي بعد تعطيل مفاوضات جنيف. إلا أن المعارضة سعت لمقاومة هذا السيناريو، والتأكيد على التمسك بمرجعية جنيف، لتصبح أمام مفترق طرق قد يحدد مستقبل البلاد.
وبعد يوم واحد من إقرار المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بفشل الجولة الثامنة من جنيف، واعتباره أنه تم تفويت فرصة ذهبية، لم تتأخر روسيا لتقديم مؤتمر سوتشي كبديل للتوصل إلى حل. واعتبر المندوب الروسي الدائم في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، أن مؤتمر سوتشي "يصبح على خلفية جنيف فرصة لا يمكن تفويتها، ويجب أن يشارك الجميع في التحضير له"، معتبراً أن التصريحات التي تتحدث عن أن سوتشي يمكن أن يقوض عملية جنيف "عبارة عن تخمين ومحاولة لعرقلة تنظيم المؤتمر".
وبينما يبدو واضحاً أن النظام السوري يحاول فرض التغييرات الميدانية بعد توسيع سيطرته بدعم موسكو وطهران، على المفاوضات السياسية، فإن بورودافكين اعتبر في المقابل أن "على المعارضة أن تعكس بشكل واضح في وثائقها عدم وجود حل عسكري للأزمة السورية، وتأخذ بعين الاعتبار العمل على التسوية السياسية في هذه الدولة".
في السياق نفسه، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس أن دحر الإرهابيين في سورية وخلق مناطق خفض التصعيد يمهدان للتسوية السياسية في البلاد على أساس القرار الأممي رقم 2254.
مقابل ذلك، كان رئيس وفد المعارضة إلى جنيف، نصر الحريري، قد أكد أن "عملية جنيف هي المكان الوحيد للحل السياسي"، مضيفاً: "كما نحارب من أجل الانتقال السياسي لن نقبل بأي شكل من أشكال التقسيم، لكن النظام يرفض كل شيء لأنه لا يحب العملية السياسية"، داعياً لـ"جهد دولي يؤدي إلى توازن على طاولة المفاوضات في جنيف".
ودعا الحريري، خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اختتام المفاوضات يوم الخميس، المجتمع الدولي للقيام بالمزيد من أجل إرغام نظام بشار الأسد على خوض مفاوضات مباشرة، مضيفاً: "طالبنا بمفاوضات مباشرة غير مشروطة تتناول السلال الأربع للقرار 2254 ولبيان جنيف1 وقدّمنا رؤيتنا للأمم المتحدة. وشاهد العالم أجمع أنه لا يوجد شريك لنا في مفاوضات جنيف وفي عملية السلام، بالعكس هناك من جاء ليغتال السلام ويقتل حلم السوريين بالحرية، مستنداً إلى ذرائع واهية".
واعتبر أن عملية جنيف في خطر حقيقي، مشدداً على أنه يجب على المجتمع الدولي ومجلس الأمن حماية هذه العملية، داعياً كلاً من الأمم المتحدة ودي ميستورا، "للإفصاح أمام العالم كله عن الطرف الذي يريد تقويض العملية السياسية ويريد هدم مفاوضات جنيف، والذي رفض المفاوضات المباشرة وبحث الانتقال السياسي ووضع العديد من الشروط المسبقة وتجاوز بسلوكه وعنجهيته كل أعراف المنظمة الدولية".
اقــرأ أيضاً
غير أن المتحدث باسم وفد المعارضة يحيى العريضي، لم يستبعد ذهاب المعارضة إلى سوتشي إذا كانت المفاوضات هناك ستساهم بإطلاق عملية الانتقال السياسي وعودة اللاجئين وإطلاق المعتقلين، لكن قبل ذلك تجب معرفة تاريخ المؤتمر وهدفه والأطراف التي ستشارك فيه. وبشأن الخيارات المتاحة اليوم أمام المعارضة بعد المأزق الذي وصلت إليه مفاوضات جنيف، قال العريضي في تصريح لـ"العربي الجديد": "نحن على مفترق طرق. فإما حل حقيقي من دون منظومة الاستبداد، وإما ثورة تحرير شعبية طويلة الأمد".
من جهته، قال المحلل الاستراتيجي العميد أحمد رحال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "أمام انسداد الأفق السياسي وغياب الضغط الدولي على النظام، ومع الغطرسة العسكرية التي تفرض أجندتها على جنيف، لا بد للمعارضة أن تتبنى استراتيجية سياسية وعسكرية جديدة بناء على الواقع وعلى الإمكانات المتاحة بما في ذلك المقاومة الشعبية، خصوصاً أننا أمام نظام لا يفهم سوى لغة السلاح". ورأى رحال أن "البقاء في جنيف في ظل الموازين الحالية لن ينتج عنه شيء سوى مزيد من التعطيل والتسويف والغطرسة من جانب النظام ووفده"، مشيراً إلى الدور السلبي لمنصة موسكو في وفد المعارضة إذ تتبنّى طروحات موسكو بالكامل.
وأضاف رحال: "لا يمكنك أن تفاوض نظاماً يمتلك عقلية العصابة مسنوداً من طهران وموسكو من دون أن تمتلك القدرة على الضغط عليه سياسياً أو عسكرياً"، مشيراً إلى أن الضغط العسكري بات معدوماً بعد أستانة وبعد ما حصل في الواقع الميداني من تراجع في قوة المعارضة العسكرية، بينما الضغط السياسي على النظام غير موجود لا في جنيف ولا خارجه، وبالتالي لا يوجد ما يجبره على تقديم أي تنازل. ودعا المعارضة إلى "إعادة التفكير بمواقفها باتجاه إنتاج استراتيجيات عسكرية وسياسية جديدة لا تقصي أحداً، خصوصاً من يوصفون بالصقور، لأنه عندما تنزعج روسيا وعصابة الأسد وإيران فاعلم أنك تسير بالاتجاه الصحيح".
وكان دي ميستورا وفي مؤتمرٍ صحافي عقب اختتام جولة المفاوضات، قد ألقى باللوم على وفد النظام في إفشال المفاوضات. وقال: "لا أرى أن الحكومة تتطلع حقيقة إلى إيجاد طريق للحوار أو التفاوض خلال هذه الجولة". وأوضح أن وفد المعارضة لم يضع أي شروط، في حين طالب وفد النظام بسحب المعارضة بيان الرياض2، الذي يدعو إلى رحيل الأسد، مشيراً إلى أن وفد النظام كان يريد فقط مناقشة قضية مكافحة الإرهاب، وأنه لم تكن لديه حتى الرغبة في التواصل مع وفد المعارضة بشكلٍ مباشر أو غير مباشرٍ. وتابع قائلاً "كانت المحادثات فرصة ذهبية مهدورة، لكن قد تكون هناك جولة أخرى، الشهر المقبل، إذا تم التوصل لأفكار جديدة تشجع النظام على المشاركة".
وكان المبعوث الأممي قد دعا في تصريحات للتلفزيون السويسري، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للضغط على نظام الأسد، وهو ما أثار حفيظة رئيس وفد النظام بشار الجعفري، الذي اعتبر أن تصريح دي ميستورا يقوض مهمته كوسيط أممي، معتبراً أن نظامه يتمتع بـ"أكبر قدر ممكن من السيادة. ولذلك لا يؤثر علينا أحد".
اقــرأ أيضاً
وبعد يوم واحد من إقرار المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بفشل الجولة الثامنة من جنيف، واعتباره أنه تم تفويت فرصة ذهبية، لم تتأخر روسيا لتقديم مؤتمر سوتشي كبديل للتوصل إلى حل. واعتبر المندوب الروسي الدائم في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أليكسي بورودافكين، أن مؤتمر سوتشي "يصبح على خلفية جنيف فرصة لا يمكن تفويتها، ويجب أن يشارك الجميع في التحضير له"، معتبراً أن التصريحات التي تتحدث عن أن سوتشي يمكن أن يقوض عملية جنيف "عبارة عن تخمين ومحاولة لعرقلة تنظيم المؤتمر".
في السياق نفسه، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس أن دحر الإرهابيين في سورية وخلق مناطق خفض التصعيد يمهدان للتسوية السياسية في البلاد على أساس القرار الأممي رقم 2254.
مقابل ذلك، كان رئيس وفد المعارضة إلى جنيف، نصر الحريري، قد أكد أن "عملية جنيف هي المكان الوحيد للحل السياسي"، مضيفاً: "كما نحارب من أجل الانتقال السياسي لن نقبل بأي شكل من أشكال التقسيم، لكن النظام يرفض كل شيء لأنه لا يحب العملية السياسية"، داعياً لـ"جهد دولي يؤدي إلى توازن على طاولة المفاوضات في جنيف".
ودعا الحريري، خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اختتام المفاوضات يوم الخميس، المجتمع الدولي للقيام بالمزيد من أجل إرغام نظام بشار الأسد على خوض مفاوضات مباشرة، مضيفاً: "طالبنا بمفاوضات مباشرة غير مشروطة تتناول السلال الأربع للقرار 2254 ولبيان جنيف1 وقدّمنا رؤيتنا للأمم المتحدة. وشاهد العالم أجمع أنه لا يوجد شريك لنا في مفاوضات جنيف وفي عملية السلام، بالعكس هناك من جاء ليغتال السلام ويقتل حلم السوريين بالحرية، مستنداً إلى ذرائع واهية".
واعتبر أن عملية جنيف في خطر حقيقي، مشدداً على أنه يجب على المجتمع الدولي ومجلس الأمن حماية هذه العملية، داعياً كلاً من الأمم المتحدة ودي ميستورا، "للإفصاح أمام العالم كله عن الطرف الذي يريد تقويض العملية السياسية ويريد هدم مفاوضات جنيف، والذي رفض المفاوضات المباشرة وبحث الانتقال السياسي ووضع العديد من الشروط المسبقة وتجاوز بسلوكه وعنجهيته كل أعراف المنظمة الدولية".
غير أن المتحدث باسم وفد المعارضة يحيى العريضي، لم يستبعد ذهاب المعارضة إلى سوتشي إذا كانت المفاوضات هناك ستساهم بإطلاق عملية الانتقال السياسي وعودة اللاجئين وإطلاق المعتقلين، لكن قبل ذلك تجب معرفة تاريخ المؤتمر وهدفه والأطراف التي ستشارك فيه. وبشأن الخيارات المتاحة اليوم أمام المعارضة بعد المأزق الذي وصلت إليه مفاوضات جنيف، قال العريضي في تصريح لـ"العربي الجديد": "نحن على مفترق طرق. فإما حل حقيقي من دون منظومة الاستبداد، وإما ثورة تحرير شعبية طويلة الأمد".
من جهته، قال المحلل الاستراتيجي العميد أحمد رحال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "أمام انسداد الأفق السياسي وغياب الضغط الدولي على النظام، ومع الغطرسة العسكرية التي تفرض أجندتها على جنيف، لا بد للمعارضة أن تتبنى استراتيجية سياسية وعسكرية جديدة بناء على الواقع وعلى الإمكانات المتاحة بما في ذلك المقاومة الشعبية، خصوصاً أننا أمام نظام لا يفهم سوى لغة السلاح". ورأى رحال أن "البقاء في جنيف في ظل الموازين الحالية لن ينتج عنه شيء سوى مزيد من التعطيل والتسويف والغطرسة من جانب النظام ووفده"، مشيراً إلى الدور السلبي لمنصة موسكو في وفد المعارضة إذ تتبنّى طروحات موسكو بالكامل.
وأضاف رحال: "لا يمكنك أن تفاوض نظاماً يمتلك عقلية العصابة مسنوداً من طهران وموسكو من دون أن تمتلك القدرة على الضغط عليه سياسياً أو عسكرياً"، مشيراً إلى أن الضغط العسكري بات معدوماً بعد أستانة وبعد ما حصل في الواقع الميداني من تراجع في قوة المعارضة العسكرية، بينما الضغط السياسي على النظام غير موجود لا في جنيف ولا خارجه، وبالتالي لا يوجد ما يجبره على تقديم أي تنازل. ودعا المعارضة إلى "إعادة التفكير بمواقفها باتجاه إنتاج استراتيجيات عسكرية وسياسية جديدة لا تقصي أحداً، خصوصاً من يوصفون بالصقور، لأنه عندما تنزعج روسيا وعصابة الأسد وإيران فاعلم أنك تسير بالاتجاه الصحيح".
وكان المبعوث الأممي قد دعا في تصريحات للتلفزيون السويسري، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للضغط على نظام الأسد، وهو ما أثار حفيظة رئيس وفد النظام بشار الجعفري، الذي اعتبر أن تصريح دي ميستورا يقوض مهمته كوسيط أممي، معتبراً أن نظامه يتمتع بـ"أكبر قدر ممكن من السيادة. ولذلك لا يؤثر علينا أحد".