ولفت إلى أنه "فرض حظر على التجوال خلال الليل، والقوات العراقية استعانت بالطيران المروحي من أجل مراقبة أية تحركات قد تقوم بها خلايا داعش الموجودة في الموصل". وأضاف أن "القوات العراقية تفرض حتى إشعار آخر طوقاً محكماً على أحياء التنك واليرموك والمطاحن واليابسات، التي تقوم بعمليات تفتيش دقيقة فيها بحثاً عن مطلوبين"، مبيناً أن الجيش العراقي طلب من السكان هناك التزام منازلهم وعدم مغادرتها لأي سبب كان".
جاء ذلك على خلفية الاشتباكات التي وقعت، يوم الإثنين، بين القوات العراقية وتنظيم "داعش"، التي تبادل من خلالها الجانبان قذائف الهاون، بعد تسلل العشرات من عناصر التنظيم من قرية القراج جنوب شرقي الموصل. وتسببت الاشتباكات بسقوط قتلى وجرحى من الجانبين.
في هذا الصدد، اعتبر مستشار قائد حرس نينوى، خالد الدبوني، أن "القوات الأمنية بدأت بعملية مسح واسعة للمنطقة القديمة في الموصل، امتدت من الجسر الخامس حتى الجسر العتيق، بعد تطويق جميع مداخلها ومخارجها من قبل قوات حرس نينوى". وأشار في تصريح صحافي إلى أنه "تمّ العثور على أربعة أنفاق وتدميرها بشكل كامل، فضلاً عن أحزمة ناسفة وصناديق عتاد مختلفة، فتمّ تفكيك عدد من العبوات الناسفة"، لافتاً إلى "استمرار التنسيق مع المؤسسات الخدمية من أجل رفع الأنقاض لتسهيل عودة السكان إلى منازلهم". وحذّر القيادي في القوات العشائرية المناهضة لـ "داعش" رعد الجبوري، من "خطورة التغاضي عن وجود عناصر للتنظيم يختبئون من مناطق متفرقة من محافظة نينوى"، مؤكداً لـ "العربي الجديد"، أن "داعش ضرب في الموصل، وقبل ذلك في القيارة (جنوب الموصل)". ونوّه إلى أن "هذه الهجمات تتزامن مع خروق حدثت في مناطق أخرى، مثل مدينة الحويجة في محافظة كركوك"، موضحاً أن "هذه الهجمات أصبحت تمثل مصدر قلق للسكان المحليين الذين يخشون من عودة داعش بثوب جديد".
أما الخبير العسكري حسين علوان، فاعتبر أن "ما تبقى من عناصر تنظيم داعش في العراق، بدؤوا يعتمدون استراتيجية جديدة تقوم على الضرب في المناطق المحررة لإيصال رسالة للقوات العراقية، بأن التنظيم لا يزال متواجداً هناك". وأوضح لـ "العربي الجديد" أن "النصر النهائي على تنظيم داعش لا يمكن أن يُعلن ما لم يتم القضاء على جميع جيوب وخلايا التنظيم".
ودعا علوان القوات العراقية إلى "التعامل بحذر أثناء قيامها بعمليات الدهم والتفتيش بحثاً عن عناصر داعش"، مذكراً بـ"إساءات القوات الأمنية للمدنيين في الموصل خلال حكومتي رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، (2006-2014)". وحذّر من "تكرار السيناريو ذاته إذا اعتمدت القوات العراقية على الانتقام كمبدأ للتعامل مع السكان في المناطق التي تشهد خروقاً لداعش".
في هذا السياق، ذكر منسّق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، أن "عدم الوقوف إلى جانب الاعتدال، هو الذي تسبب بظهور تنظيم داعش عام 2014"، مشيراً في تصريح صحافي إلى أن "الأحداث المأساوية التي شهدها العراق وسورية خلال السنوات الماضية، تكمن في حرمان مواطنين من حقوقهم وتهميشهم وعزلهم عن إدارة الدولة". وذكر بـ"الاحتجاجات التي شهدتها محافظة الأنبار (غرب العراق) نهاية عام 2013، حين كان المواطنون يطالبون بتحسين الظروف المعيشية"، منبّهاً من "خطر هائل ناجم عن تنظيمات إرهابية تخضع لتدخلات خارجية".
وعلى الرغم من تأكيد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، على انتهاء المعركة مع تنظيم "داعش" من الناحية العسكرية، إلا أن ضباط عراقيون سابقون أكدوا أن "المعركة لم تنته بعد". وأشار العميد الركن المتقاعد حسين العزاوي، إلى "أن النصر النهائي على داعش، لا يمكن أن يعلن ما لم يتم الانتهاء من تحرير الصحراء الغربية، والقضاء على فلول التنظيم في المدن والمناطق المحررة"، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن "داعش لا يزال يمتلك عنصر القدرة على الهجوم وإن كان على نطاق محدود".