خلافات إخوان الأردن تهدّد وحدة جبهة العمل الإسلامي

25 نوفمبر 2015
حزب جبهة العمل الإسلامي مهدد بالتفكك(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
قبل أن تلتقط جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أنفاسها، وتعالج الآثار التي أنتجها الانشقاق الذي تعرضت له مطلع مارس/آذار الماضي، عندما رخّصت جمعية سياسية تحمل اسم جمعية "جماعة الإخوان المسلمين"، يتزعمها قادة تاريخيون يزاحمون، تحت رعاية رسمية، الجماعة التاريخية على شرعيتها وممتلكاتها، تجد الجماعة نفسها اليوم أمام تحرك جديد. هذا التحرك لا يستهدفها مباشرة بقدر ما يستهدف ذراعها السياسي المتمثل بحزب جبهة العمل الإسلامي، الذي حاول خلال الأشهر الماضية أن ينأى بنفسه عن معارك الإخوان الطاحنة.

وقد أعلن القائمون على مبادرة "الشراكة والإنقاذ"، أخيراً، فشل مبادرتهم التي كانت تطمح لترميم ما تصدع في جسم الحركة الإسلامية (الإخوان والحزب)، عبر جملة من المقترحات الرامية إلى نزع فتيل الأزمة عبر تحييد رموزها في قيادتي الجماعة والحزب، واستبدالهم بكفاءات قادرة على إدارة الحزب والجماعة خلال فترة انتقالية تمتد لعام واحد تجرى بعده الانتخابات بشكل طبيعي.

اقرأ أيضاً مراقب "إخوان" الأردن لـ"العربي الجديد": دور جماعتنا لم ينحسر 

لم يكتف القائمون على "الشراكة والإنقاذ" بإعلان فشل مبادرتهم بعد شهر ونصف شهر من تقديمها، بل حمّلوا قيادة الجماعة المسؤولية عن إفشالها عبر رفضها، وقالوا في بيان أصدروه إنّ "الأخطر من الرفض هو الإنكار الشديد والنفي القاطع من القيادة بوجود أية أزمة تمرّ بها الجماعة، بل والتصريح المتكرر أن الجماعة تعيش في أحسن أحوالها وأسمى تجلياتها". كما أعلنوا عن توجههم لإنشاء إطار سياسي جديد يخدم أفكارهم من دون أن يتعارض مع عضويتهم في الجماعة التي أكدوا تمسكهم بها، وهو الإطار الذي تشير الدلائل الأولية إلى أنه حزب سياسي، ما يعني بالضرورة تبرؤهم من حزب جبهة العمل الإسلامي كذراع سياسي للجماعة.
المراقب العام السابق للجماعة، أحد أبرز القائمين على المبادرة التي أعلن فشلها، سالم الفلاحات، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن القيادة هي من رفضت المبادرة. ويرى بعد رفض المبادرة أنّ "الاستمرار في مشروع الشراكة والإنقاذ السياسي واجب وطني يبحث له الآن عن إطار لتنفيذه دون أن نفرّط بعضويتنا في الجماعة"، مضيفاً "لا نسعى إلى تشكيل جماعة جديدة وما سنقوم فيه ليس انشقاقاً".
ويؤكد الفلاحات أنّ الإطار السياسي الذي يجري التكفير في إنشائه لن يكون حكراً على توجه سياسي محدد وسيكون مفتوحاً أمام الجميع، أعضاء في الجماعة كانوا أم لا. ووفقاً للمراقب العام السابق للجماعة، فإن الإطار سيعمل على إيجاد صيغة للتواصل مع القوى اليسارية والقومية والليبرالية التي تختلف اليوم مع جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي.
تصريحات الفلاحات تصبّ في تسريبات تحدثت عن توجه لإنشاء حزب سياسي مدني، ما يعني بالضرورة استقالة أعضاء مبادرة "الشراكة والإنقاذ" وأنصارهم من حزب جبهة العمل الإسلامي. حينها ستكون تلك الضربة الأقسى التي يتعرض لها الحزب الأكبر والأكثر تنظيماً في الأردن، ولا سيما أنّ جميع أعضاء المبادرة من الشخصيات التاريخية في الحركة الإسلامية وشغلت مناصب قيادية في الحزب والجماعة.
يذكر أن الفلاحات كان قد أطيح من منصب المراقب العام للجماعة في العام 2008 بعد تحميله مسؤولية المشاركة في الانتخابات النيابية التي جرت في العام 2007 والتي لم تحقق فيها الجماعة سوى ستة مقاعد، واعترف لاحقاً بتزويرها.

وتستشعر جماعة الإخوان، فضلاً عن حزب العمل الإسلامي، بخطورة الخطوة المقبلة، لكنهما يلتزمان الصمت في محاولة لاحتواء الخلاف الجديد عبر الحوار. لكن أحد قياديي الصف الأول في الحزب يرى الأمر من زاوية محاولات الدولة الأردنية تفتيت الجماعة وإضعاف الحزب.
ووفقاً للقيادي نفسه، فإنّ توجه مجموعة من الإخوان لإنشاء إطار سياسي جديد يعبّر عن الجماعة يمثل خروجاً وتمرداً على النظام الأساسي للجماعة الذي يلزم أعضاءها باحترام مؤسسات الجماعة، والتي من بينها ذراعها السياسي الذي يمثّله الحزب. ويلفت إلى أنه "على الرغم من الفصل التنظيمي والإداري بين الجماعة والحزب، يبقى الحزب أحد مؤسسات الجماعة وعلى أعضائها الحفاظ عليه وعدم العمل على إضعافه". ويتساءل "هل يدركون ما معنى أن يكون للجماعة رأسان سياسيان، واحد يقاطع وآخر يشارك، واحد يعارض وآخر يوالي؟".
ويرجع القيادي دوافع التوجه الجديد إلى مواقف شخصية للقائمين عليه بعد عجزهم عن الوصول إلى مواقع القيادة في الجماعة والحزب في الانتخابات الأخيرة، داعياً إياهم إلى ضرورة الحفاظ على مؤسسات الجماعة والحزب والتمسك بخيار الانتخابات كوسيلة للتغيير.

اقرأ أيضاًإخوان الأردن "الجدد" يسعون إلى تأسيس حزب سياسي

المساهمون