30 أكتوبر 2024
خطر ترامب الداهم
أثارت تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، بشأن قرار مجلس الأمن الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وبشأن هجوم برلين، ردود أفعال منتقدة ومستهجنة كثيرة، وفي الوقت نفسه، أثارت تخوفاً كثيراً لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين عموماً.
فقد علّق الرئيس المنتخب على قرار مجلس الأمن بالقول إن الأمور سوف تتغير في الأمم المتحدة بعد تسلمه السلطة يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وتوعد بإلغاء القرار. أما تعليقه على هجوم برلين فكان أفظع، عندما وصفه بأنه "تهديد ديني"، في إشارة إلى ديانة الإرهابي الذي نفّذ الهجوم، ومتسائلاً في ما يشبه الدعوة إلى إعلان حرب: "متى سترد الولايات المتحدة وجميع الدول بالقتال؟" على هذا التهديد.
وفي التعليقين، يكون سيد البيت الأبيض الجديد قد أعطى أولى الإشارات على سياسته الخارجية التي أصبحت تتضح بعض ملامحها القائمة على ركيزتين: الأولى المسانَدة المطلقة لإسرائيل، ودعم الاستيطان الذي ظلت أغلب الإدارات الأميركية السابقة، بما فيها التي كانت موالية لإسرائيل تعتبره خطاً أحمر، في دعمها إسرائيل، لأنه يضعها في إحراجٍ كبير، للدفاع عنها أمام العالم. والركيزة الثانية، العداء الدفين الذي يكنّه الرجل للإسلام والمسلمين، والخطورة في هذا العداء صراحة صاحبه الذي أعاد التأكيد على أنه سيمضي في تنفيذ وعوده التي أطلقها في أثناء حملته الانتخابية بمنع المسلمين من دخول أميركا.
وقبل ذلك، أعطى ترامب إشارات أكثر وضوحاً على توجهه المعادي للإسلام والمسلمين والمحابي لإسرائيل، من خلال اختيار فريق عمله ووزراء حكومته المقبلة. فأغلب هؤلاء من الجنرالات المتعصبين للتفوق العسكري الأميركي، ورجال أعمالٍ لا تهمهم سوى مصالحهم. إنهم يشكلون فريق عمل متكاملا، نصفه يتشكّل من مجلس حرب، يرأسه جنرالات متعصبون، والنصف الآخر مجلس إدارة يتألف من رؤساء شركات عالمية لا يهمها سوى مصالحها. وما يجمع بين كل هؤلاء تعصبهم لقوميتهم الأميركية وتطرّفهم في الدفاع عن مصالحهم، تغذّي فكرهم نظرية مؤامرة عالمية، يستندون عليها في رسم سياسات بلادهم المقبلة في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والجيوستراتيجية.
كان أصحاب هذا الفكر دائماً موجودين في أميركا، لكنهم الآن يوجدون في مراكز صناعة
القرار في بلادهم، ويقودهم شخصٌ تنقصه التجربة السياسية، ويفتقد إلى العمق الفكري الذي يمكّنه من تحليل الأحداث وتفسيرها قبل اتخاذ القرارات. وهو ما سيجعل العالم على "كفّ عفريت" في عهد ترامب، لأنه لا أحد يستطيع التنبؤ بقرارات رجلٍ متقلب المزاج، ولا وجود داخل إدارته، على ما يبدو حتى الآن، لشخصيةٍ قويةٍ قادرةٍ على أن تقف ضد تطلعات الصقور الذين عيّنهم في مناصب حساسة ومطامعهم.
سبق لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن شبهت ترامب بأنه مثل "صاروخٍ غير موجه"، ودعت إلى الحذر من تقلبات سياساته وقراراته. وقد كتبت هذا التعليق على اعتبار أن ترامب شخص مستقل في قراره، بما أنه لم يعتمد، كأغلب الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه، على دعم "اللوبي" الإسرائيلي المؤثر في الولايات المتحدة خلال حملته الانتخابية، ولأنه يبدو أكثر حرصاً على إظهار انتمائه إلى الكنيسة المسيحية من الرؤساء الذين سبقوه.
وإذا كانت صحيفةٌ إسرائيليةٌ هي من كتبت هذا، على الرغم من تصريحات ترامب، أخيراً، المؤيدة لإسرائيل، بعد قرار مجلس الأمن، وتعهده بنقل سفارة بلاده إلى القدس، فما بالك بسياساته تجاه العرب والمسلمين الذين توعّدهم بالطرد من بلاده، وبقتالهم في بلادهم!
لأول مرة يُنتخب على رأس البيت الأبيض رئيسٌ من دون عقيدة سياسية واضحة، فحتى في عهد رونالد ريغان وجورج بوش الابن، كانت لهما عقيدة معلن عنها. قارع ريغان "إمبراطورية الشر"، أي الاتحاد السوفييتي، في عهده باسم الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان. وشن بوش الابن حروبه المدمرة في أفغانستان والعراق، باسم نشر قيم الديمقراطية. نجد أنفسنا، الآن، أمام رئيسٍ بلا عقيدة سياسية واحدة، كل شعار حملته ركزه في وعده بقدرته على إعادة أميركا قوية مجددا، وحتى عندما سأله الصحافيون، في إحدى حواراته الصحافية النادرة، رد عليهم بالقول: سوف سترون، سنعيد لأميركا قوتها مجدّدا.
رئيس بمثل هذه المواصفات، بلا عقيدة إيديولوجية تستند عليها سياساته، ولا يملك سياسات واضحة، ومحاط بمجموعة من صقور الجنرالات ورجال الأعمال الذين لا تهمهم سوى تنمية مصالح شركاتهم عبر العالم، ويجهل كيف تدار العلاقات الدولية، يمكن توقع كل شيء منه. وإذا كان الإسرائيليون الذين أظهر محاباته لهم يخشون من تقلباته، فما بالك بالعرب والمسلمين الذين يتوعّدهم منذ بدأ حملته الانتخابية.
مؤشر آخر يجعلنا نخاف من سياسات ترامب المقبلة هو تودّده وإعجابه بالأنظمة الدكتاتورية في روسيا ومصر، وتقربه من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ودعوته عبد الفتاح السيسي لزيارة واشنطن. إعجاب ترامب بأنظمة دكتاتورية، وتقربه منها، علامة سيئة على توجه سياساته الخارجية مستقبلاً، فما هو قادم أخطر.
فقد علّق الرئيس المنتخب على قرار مجلس الأمن بالقول إن الأمور سوف تتغير في الأمم المتحدة بعد تسلمه السلطة يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وتوعد بإلغاء القرار. أما تعليقه على هجوم برلين فكان أفظع، عندما وصفه بأنه "تهديد ديني"، في إشارة إلى ديانة الإرهابي الذي نفّذ الهجوم، ومتسائلاً في ما يشبه الدعوة إلى إعلان حرب: "متى سترد الولايات المتحدة وجميع الدول بالقتال؟" على هذا التهديد.
وفي التعليقين، يكون سيد البيت الأبيض الجديد قد أعطى أولى الإشارات على سياسته الخارجية التي أصبحت تتضح بعض ملامحها القائمة على ركيزتين: الأولى المسانَدة المطلقة لإسرائيل، ودعم الاستيطان الذي ظلت أغلب الإدارات الأميركية السابقة، بما فيها التي كانت موالية لإسرائيل تعتبره خطاً أحمر، في دعمها إسرائيل، لأنه يضعها في إحراجٍ كبير، للدفاع عنها أمام العالم. والركيزة الثانية، العداء الدفين الذي يكنّه الرجل للإسلام والمسلمين، والخطورة في هذا العداء صراحة صاحبه الذي أعاد التأكيد على أنه سيمضي في تنفيذ وعوده التي أطلقها في أثناء حملته الانتخابية بمنع المسلمين من دخول أميركا.
وقبل ذلك، أعطى ترامب إشارات أكثر وضوحاً على توجهه المعادي للإسلام والمسلمين والمحابي لإسرائيل، من خلال اختيار فريق عمله ووزراء حكومته المقبلة. فأغلب هؤلاء من الجنرالات المتعصبين للتفوق العسكري الأميركي، ورجال أعمالٍ لا تهمهم سوى مصالحهم. إنهم يشكلون فريق عمل متكاملا، نصفه يتشكّل من مجلس حرب، يرأسه جنرالات متعصبون، والنصف الآخر مجلس إدارة يتألف من رؤساء شركات عالمية لا يهمها سوى مصالحها. وما يجمع بين كل هؤلاء تعصبهم لقوميتهم الأميركية وتطرّفهم في الدفاع عن مصالحهم، تغذّي فكرهم نظرية مؤامرة عالمية، يستندون عليها في رسم سياسات بلادهم المقبلة في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والجيوستراتيجية.
كان أصحاب هذا الفكر دائماً موجودين في أميركا، لكنهم الآن يوجدون في مراكز صناعة
سبق لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن شبهت ترامب بأنه مثل "صاروخٍ غير موجه"، ودعت إلى الحذر من تقلبات سياساته وقراراته. وقد كتبت هذا التعليق على اعتبار أن ترامب شخص مستقل في قراره، بما أنه لم يعتمد، كأغلب الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه، على دعم "اللوبي" الإسرائيلي المؤثر في الولايات المتحدة خلال حملته الانتخابية، ولأنه يبدو أكثر حرصاً على إظهار انتمائه إلى الكنيسة المسيحية من الرؤساء الذين سبقوه.
وإذا كانت صحيفةٌ إسرائيليةٌ هي من كتبت هذا، على الرغم من تصريحات ترامب، أخيراً، المؤيدة لإسرائيل، بعد قرار مجلس الأمن، وتعهده بنقل سفارة بلاده إلى القدس، فما بالك بسياساته تجاه العرب والمسلمين الذين توعّدهم بالطرد من بلاده، وبقتالهم في بلادهم!
لأول مرة يُنتخب على رأس البيت الأبيض رئيسٌ من دون عقيدة سياسية واضحة، فحتى في عهد رونالد ريغان وجورج بوش الابن، كانت لهما عقيدة معلن عنها. قارع ريغان "إمبراطورية الشر"، أي الاتحاد السوفييتي، في عهده باسم الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان. وشن بوش الابن حروبه المدمرة في أفغانستان والعراق، باسم نشر قيم الديمقراطية. نجد أنفسنا، الآن، أمام رئيسٍ بلا عقيدة سياسية واحدة، كل شعار حملته ركزه في وعده بقدرته على إعادة أميركا قوية مجددا، وحتى عندما سأله الصحافيون، في إحدى حواراته الصحافية النادرة، رد عليهم بالقول: سوف سترون، سنعيد لأميركا قوتها مجدّدا.
رئيس بمثل هذه المواصفات، بلا عقيدة إيديولوجية تستند عليها سياساته، ولا يملك سياسات واضحة، ومحاط بمجموعة من صقور الجنرالات ورجال الأعمال الذين لا تهمهم سوى تنمية مصالح شركاتهم عبر العالم، ويجهل كيف تدار العلاقات الدولية، يمكن توقع كل شيء منه. وإذا كان الإسرائيليون الذين أظهر محاباته لهم يخشون من تقلباته، فما بالك بالعرب والمسلمين الذين يتوعّدهم منذ بدأ حملته الانتخابية.
مؤشر آخر يجعلنا نخاف من سياسات ترامب المقبلة هو تودّده وإعجابه بالأنظمة الدكتاتورية في روسيا ومصر، وتقربه من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ودعوته عبد الفتاح السيسي لزيارة واشنطن. إعجاب ترامب بأنظمة دكتاتورية، وتقربه منها، علامة سيئة على توجه سياساته الخارجية مستقبلاً، فما هو قادم أخطر.