خطة "الإنصاف" الباكستانيّة: إغلاق المدن تدريجياً

05 ديسمبر 2014
تتّهم الحكومة الباكستانيّة خان بالعمل لصالح أجندة أجنبيّة (الأناضول)
+ الخط -

تسود أجواء من الترقب والانتظار على الساحة السياسيّة الباكستانية، بعد إعلان الزعيم السياسي المعارض عمران خان، إغلاق المدن الباكستانية تدريجياً، كمرحلة جديدة وخطيرة من الحراك الاحتجاجي الذي يقوده منذ منتصف شهر أغسطس/آب الماضي لإطاحة حكومة نواز شريف.

وفي حين يبدي خان استعداده للتفاوض مع الحكومة، شريطة فتح تحقيق في انتخابات عام 2013، من خلال لجنة تضمّ الاستخبارات العسكريّة الباكستانيّة والمؤسّسة القضائيّة، رفض وزير الإعلام في الحكومة الفدراليّة برويز رشيد مجدداً التفاوض، مع من وصفهم بـ"الداعمين لأجندات أجنبيّة".

وتخطّط حركة الإنصاف، وفق ما أعلنه زعيمها أمام تظاهرة كبرى في إسلام آباد، بمشاركة عشرات الآلاف من أنصاره، لإغلاق مدينة فيصل آباد الصناعيّة، في الثامن من الشهر الحالي، من خلال اعتصامات واحتجاجات ينظمها أنصاره، على أن تتوسّع رقعة الاحتجاجات إلى مدينة كراتشي، عاصمة البلاد الاقتصادية، في الثاني عشر من الشهر الحالي، وإلى مدينة لاهور، عاصمة إقليم البنجاب، في الخامس عشر من الشهر الحالي.

ويهدّد خان بإغلاق كافة أرجاء البلاد في الثامن عشر من الشهر الحالي، إذا لم تلبّ الحكومة مطالب المعارضة، بفتح تحقيق في انتخابات العام الماضي، وإجراء إصلاحات في قانون الانتخابات. وتؤكد حركة الإنصاف والأحزاب الموالية لها، على لسان أكثر من مسؤول فيها، أنّها حاولت استخدام كافة الطرق الدستوريّة لإقناع الحكومة، بفتح تحقيق في انتخابات العام الماضي، لكنّ الحكومة لم تعرها اهتمامها، ولم يبق أمامها إلا مواصلة الاحتجاجات وإغلاق المدن.

في المقابل، تتّهم الحكومة الباكستانيّة خان، بالعمل لصالح أجندة أجنبيّة، ويصبّ شريف غضبه على خان، معتبراً أنّ "الاحتجاجات الحالية، والخطوات التي ينوي القيام بها، تهدف إلى عرقلة الجهود التي تبذلها الحكومة لتقدّم وازدهار البلاد". ويشدد على أن "الحكومة لن تسمح لأحد بأن يعبث بأمن البلاد واستقرارها".
من جهتها، توضح القيادية في حزب الرابطة الحاكم، ماروي ميمن، أنّ "خان ينظّم موجة جديدة من الاحتجاجات ويهدد بإغلاق البلاد، في وقت تستعد فيه باكستان لتلقّي استثمارات أجنبية"، مؤكّدة أنّ "الشعب الباكستاني رفض، وسيرفض الاحتجاجات".

وعلى الرغم من أنّ الحكومة الباكستانيّة رفضت رسمياً الحوار مع حركة الإنصاف، وهو ما يؤكّده وزير الإعلام برويز رشيد بقوله إنّ "الحكومة لن ترغب في التفاوض مع شخص يعمل ضدّ البلاد ورفاهيتها"، لكنّ مصدراً في حزب الرابطة الإسلامية الحاكم، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس الوزراء الباكستاني كلّف وزير المالية والقيادي في الحزب، محمد إسحاق دار، بالتواصل مع حركة الإنصاف، واستئناف المفاوضات معها من حيث انتهت". ويكشف المصدر أنّ "رئيس الوزراء عقد اجتماعاً هاماً مع القياديين في حزبه لوضع استراتيجية جديدة لمواجهة الاحتجاجات المقبلة، وكلف عقب الاجتماع وزير المالية باستئناف الحوار مع حركة الإنصاف.

في غضون ذلك، التقى رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف زعيم المعارضة في البرلمان والقيادي في حزب الشعب الباكستاني خورشيد شاه، وناقش معه ملفات عدّة، أهمها ملف الاحتجاجات التي أعلن عنها حزب خان.
وفي موازاة انتقادات شديدة وجهها شاه لكلّ من الحكومة وحركة الإنصاف، محملاً إياهما مسؤوليّة الأزمة السياسيّة التي قد تدفع البلاد نحو صدامات داخليّة لا تُحمد عقباها، يؤكّد الرئيس الباكستاني السابق، وزعيم حزب الشعب الباكستاني، آصف زرداري، أنّه وعلى الرغم من خلافه شريف، لكنّ حزبه سيقف إلى جانب الحكومة مقابل الاحتجاجات، التي وصفها بـ"محاولة لتقويض النظام الديمقراطي في البلاد". ويرى أن "الاحتجاجات في الوقت الراهن، لا تصبّ في مصلحة البلاد، بل هي محاولة لإتاحة الفرصة لانقلاب عسكري".


من جهة أخرى، تبدأ جمعيّة علماء الإسلام، أكبر الأحزاب الدينيّة في باكستان وحليفة شريف، لبدء احتجاجات وتظاهرات، بعد غد الجمعة، في كافّة المدن الباكستانيّة، للتنديد بمقتل قيادي فيها يدعى خالد محمد سومرو. الأمر الذي اعتبره خان محاولة لمنع أنصاره من المشاركة في الاحتجاجات والاعتصامات المقبلة.
ويتّهم خان الحكومة الباكستانيّة ورئيس الوزراء باستخدام علماء الدين وطلاب المدارس الدينيّة في التصدّي للمرحلة المقبلة من التظاهرات والاحتجاجات، في وقت يصف فيه المراقبون إعلان الجمعية بدء احتجاجاتها بموازاة احتجاجات أنصار خان، بالخطوة الخطيرة، محذّرين من وقوع صدامات بين الطرفين، وخصوصاً بعد مواجهات، يوم الأحد الماضي، بين أنصار خان ومؤيدي جمعية علماء الإسلام في عدد من المدن الباكستانية، أدّت إلى إصابة 12 شخصاً من الطرفين.

في غضون ذلك، يبدي قياديون في الأحزاب السياسيّة والدينيّة استعدادهم لتولّي دور الوساطة بين الحكومة والمعارضة. وفي سياق متصل، يعتبر وزير الداخلية السابق والقيادي في حزب الشعب الباكستاني، رحمن ملك، أنّ حلّ المعضلة السياسيّة هو المفاوضات المثمرة، مطالباً كلّاً من الحكومة والمعارضة بالعودة إلى طاولة المفاوضات".
وفي هذا الإطار، يقول المحلّل السياسي نجم سيتهي، إنّ "الصدامات ستقع لا محالة، إذا أصرّ الطرفان على مواقفهما"، معرباً عن خشيته من تدخّل الجيش مجدداً لحلّ الأزمة.