اعترفت السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، في أكثر من تقرير رسمي، بمعاناتها من ظاهرة الفقر، إلا أنها لم تفصح عن أعدادهم أو نسبتهم حيث تعمدت إخفاء أية إحصائيات حول هذا الموضوع، وفي المقابل كشفت تقارير غير رسمية عن أن نسبة الفقر تفاقمت لتتراوح ما بين 15 و25% من إجمالي عدد السعوديين البالغ 20.4 مليون نسمة.
وحسب محللي اقتصاد، فإن البرامج التي أطلقتها السعودية لم تنجح في الحد من الفقر رغم امتلاكها مقدرات وثروات هائلة، إذ يبلغ حجم الاحتياطي النقدي في السعودية نحو نصف تريليون دولار، كما أنها أكبر مصدّر للنفط في العالم ما يوفر موارد مالية ضخمة متجدّدة، ومن مظاهر ثراء السعودية ضخ أموال تقدر بنحو 460 مليار دولار في أميركا لشراء أسلحة وإقامة استثمارات جديدة هناك، بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض في مايو/أيار الماضي.
ويتوزع ملايين الفقراء السعوديين في العديد من المناطق، ولا سيما التي تقع في الأطراف وتعاني من إهمال على مدار الحكومات المتعاقبة، وحسب المحللين فإن الأطراف المهملة والتي تعاني من أزمات معيشية متفاقمة هي أكثر المناطق التي شهدت مظاهرات واضطرابات، ومنها الطائف والعوامية، التي شهدت مواجهات مسلحة بين الأمن والأهالي خلّف قتلى وجرحى وتدمير عدد من المنازل والمنشآت.
وحول معدلات الدخل التي تدخل صاحبها في دائرة الفقر بالسعودية، حدّد تقرير اقتصادي لجمعية الملك خالد الخيرية، خط الكفاية في السعودية للأسرة المكونة من سبعة أفراد، بنحو 12486 ريالاً (نحو 3323 دولاراً أميركياً) في الشهر، معتبراً أن ما دون ذلك يدخل تحت خط الفقر.
وفي الوقت الذي قدّرت فيه تقارير غير رسمية نسبة الفقر في السعودية ما بين 15 و25%، أكدت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في تقرير سابق، تزايد معدلات البطالة والفقر، مشيرة إلى أن "ما بين مليونين وأربعة ملايين سعودي يعيشون على أقل من 530 دولارا شهريا أي (17 دولارا يوميا)، وأن الدولة تخفي نسب الفقر".
ومن المتناقضات ضم السعودية لأكبر عدد من المليارديرات على مستوى الوطن العربي، إذ رصد تقرير صدر عن مؤشر "ويلث إكس" لتعداد المليارديرات في العالم، بالاشتراك مع بنك "يو بي إس" السويسري، أن السعودية بها 64 مليارديراً وحلت الثامنة في قائمة الدول الـ10 الأكثر احتضانًا للمليارديرات، وعلى رأسهم الوليد بن طلال بثروة تقدر بنحو 18.7 مليار دولار، حسب مجلة "فوربس" العالمية، وما يثير تساؤلات حول تركز ثروات النفط في أيدي عدد محدود من الأفراد.
مؤشر البطالة وأزمة السكن
ترتبط نسبة الفقر بالبطالة كأحد أبرز مؤشرات تفاقم الأزمات المعيشية إذ بلغت نسبة العاطلين السعوديين عن العمل 12.7% خلال الربع الأول من العام الجاري، حسب هيئة الإحصاء الحكومي.
وكانت أكبر نسبة للبطالة في المنطقة الشرقية والحدود الشمالية ومدن أخرى بنسب متفاوتة، وفقاً لتقرير هيئة الإحصاء الحكومية، إذ بلغت نسبة البطالة في الجوف 22.6% وفي المدينة 21.2 %، وفي جازان 17.5% وفي الحائل 16.8% وفي الرياض 11.6%.
ومن مظاهر مؤشرات الفقر أيضاً عدم امتلاك نسبة كبيرة من السعوديين لمسكن خاص رغم البرامج الحكومية، التي تقدم دعماً وقروضاً للمواطنين عبر الصندوق العقاري للتنمية ضمن برنامج سكني يتضمّن 280 ألف منتج سكني لمحدودي الدخل.
وكان وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي السابق، محمد الجاسر، قد قال إن 60% من السعوديين يملكون مساكن، مما يعني أن 40% من بين السعوديين (8.1 ملايين نسمة) البالغ عددهم نحو 20.4 مليون نسمة، لا يمتلكون سكناً خاصاً بهم، حسب تقديرات لمصلحة الإحصاءات السعودية.
زيادة دعم الفقراء
وتعد برامج الدعم الحكومية أحد المؤشرات الرسمية لتفاقم الفقر، وقالت وزارة العمل السعودية، في شهر أبريل/ نيسان الماضي، إن أكثر من 11.84 مليون سعودي تقدموا لبرنامج الدعم النقدي الذي طرحته الحكومة لتخفيف تبعات فرض رسوم وزيادة أخرى على العديد من السلع والخدمات. ويمثل الرقم الإجمالي نحو 60% من إجمالي أعداد السعوديين.
وتنوعت البرامج الحكومية الهادفة إلى تقليص أعداد الفقراء في البلاد، ما بين مشروعات إسكانية مدعّمة وأخرى اجتماعية، ومن ضمن هذه البرامج "حساب المواطن"، الذي أقرته السعودية بالموازنة الحالية بهدف دعم الفقراء ولا سيما في ظل الإجراءات التقشفية، التي زادت من أعدادهم وفاقمت مشاكلهم.
وأعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية بدء التسجيل في برنامج "حساب المواطن"، في فبراير/شباط الماضي، والذي يهدف إلى توجيه الدعم الحكومي للطاقة والسلع للفقراء الأكثر احتياجاً من ذوي الدخل المنخفض بشكل مباشر. ويُعد برنامج حساب المواطن من أهم الأدوات لتمكين عملية التحول الاقتصادي في السعودية.
ووفقاً لآلية تنفيذ البرنامج ستتم دراسة ملفات المستفيدين بعد اكتمال التسجيل، وتقرير أهلية الأسر المتقدمة، وسيتم تسجيل جميع المؤهلين لنظام الدعم تلقائياً، وتسديد مبالغ الدعم للمستفيدين نقداً عن طريق التحويل المصرفي، بحيث يتم صرف البدلات للأسر المستحقة قبل تنفيذ أي من الإصلاحات، التي قد تمس المواطن، كما أن مخرجات التسجيل ستعرض على لجنة وزارية مسؤولة عن برنامج حساب المواطن لتقييم النتائج، واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها.
وكان نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية، أحمد بن صالح الحميدان، قد أكد في يناير/كانون الثاني الماضي أن حساب المواطن سيكون آلية من شأنها أن تعيد هيكلة كل أنواع الدعم، مشدداً على أن الهدف من البرنامج، حماية الأسر ذات الدخل المتوسط والمحدود من انعكاسات الإصلاحات في خطة التوازن المالي 2020، وإعادة هيكلة مخصصات الدعم الحكومي، ورفع فعالية برامج الدعم الحكومي.
اقــرأ أيضاً
غضب واحتجاجات
أفرزت ظاهرة الفقر غضباً شعبياً دفع إلى تنظيم الاحتجاجات في العديد من المدن لتحسين أحوالهم المعيشية، وكانت العوامية آخر المناطق التي شهدت احتجاجات واسعة لعدة أسباب، منها معاناة المواطنين من تأزم الأوضاع المعيشية في ظل الإهمال الحكومي للمنطقة، ونشرت العديد من المواقع صوراً لمنازل متواضعة تم تدمير بعضها في المواجهات المسلحة التي جرت مؤخراً في المدينة. وشهدت الطائف العديد من المظاهرات رفع فيها الأهالي العديد من المطالب، منها تحسين ظروفهم الاقتصادية.
كما دعا عاطلون عن العمل في السعودية إلى التظاهر احتجاجا على البطالة، تحت عنوان "تجمع العاطلين 30 أبريل". ونشر مستخدمون لتويتر في السعودية دعوات للتظاهر أمام مقرات التوظيف في المملكة الغنية بالنفط، احتجاجا على البطالة، رغم منع السلطات للتظاهرات.
ومع تزايد أعداد سكان السعودية، تعقّدت مشكلة الفقر أمام الحكومة التي تعثرت جهودها من أجل مكافحته. وكانت الهيئة العامة للإحصاء قد أعلنت عن ارتفاع عدد سكان البلاد إلى 32.6 مليون نسمة في النصف الأول من عام 2017 وبزيادة بلغت حوالى 870 ألف نسمة مقارنة بنهاية 2016. وحسب بيانات الهيئة، فقد بلغ عدد المواطنين والمواطنات السعوديين حوالى 20.4 مليون نسمة وهو ما يعادل 63 % من إجمالي عدد السكان. أما عدد السكان غير السعوديين فبلغ 12.2 مليون نسمة وهو ما يمثل حوالى 37% من إجمالي عدد السكان. وكان إجمالي عدد السكان في عام 1970 نحو 6 ملايين نسمة.
وحسب محللي اقتصاد، فإن البرامج التي أطلقتها السعودية لم تنجح في الحد من الفقر رغم امتلاكها مقدرات وثروات هائلة، إذ يبلغ حجم الاحتياطي النقدي في السعودية نحو نصف تريليون دولار، كما أنها أكبر مصدّر للنفط في العالم ما يوفر موارد مالية ضخمة متجدّدة، ومن مظاهر ثراء السعودية ضخ أموال تقدر بنحو 460 مليار دولار في أميركا لشراء أسلحة وإقامة استثمارات جديدة هناك، بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض في مايو/أيار الماضي.
ويتوزع ملايين الفقراء السعوديين في العديد من المناطق، ولا سيما التي تقع في الأطراف وتعاني من إهمال على مدار الحكومات المتعاقبة، وحسب المحللين فإن الأطراف المهملة والتي تعاني من أزمات معيشية متفاقمة هي أكثر المناطق التي شهدت مظاهرات واضطرابات، ومنها الطائف والعوامية، التي شهدت مواجهات مسلحة بين الأمن والأهالي خلّف قتلى وجرحى وتدمير عدد من المنازل والمنشآت.
وحول معدلات الدخل التي تدخل صاحبها في دائرة الفقر بالسعودية، حدّد تقرير اقتصادي لجمعية الملك خالد الخيرية، خط الكفاية في السعودية للأسرة المكونة من سبعة أفراد، بنحو 12486 ريالاً (نحو 3323 دولاراً أميركياً) في الشهر، معتبراً أن ما دون ذلك يدخل تحت خط الفقر.
وفي الوقت الذي قدّرت فيه تقارير غير رسمية نسبة الفقر في السعودية ما بين 15 و25%، أكدت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في تقرير سابق، تزايد معدلات البطالة والفقر، مشيرة إلى أن "ما بين مليونين وأربعة ملايين سعودي يعيشون على أقل من 530 دولارا شهريا أي (17 دولارا يوميا)، وأن الدولة تخفي نسب الفقر".
ومن المتناقضات ضم السعودية لأكبر عدد من المليارديرات على مستوى الوطن العربي، إذ رصد تقرير صدر عن مؤشر "ويلث إكس" لتعداد المليارديرات في العالم، بالاشتراك مع بنك "يو بي إس" السويسري، أن السعودية بها 64 مليارديراً وحلت الثامنة في قائمة الدول الـ10 الأكثر احتضانًا للمليارديرات، وعلى رأسهم الوليد بن طلال بثروة تقدر بنحو 18.7 مليار دولار، حسب مجلة "فوربس" العالمية، وما يثير تساؤلات حول تركز ثروات النفط في أيدي عدد محدود من الأفراد.
مؤشر البطالة وأزمة السكن
ترتبط نسبة الفقر بالبطالة كأحد أبرز مؤشرات تفاقم الأزمات المعيشية إذ بلغت نسبة العاطلين السعوديين عن العمل 12.7% خلال الربع الأول من العام الجاري، حسب هيئة الإحصاء الحكومي.
وكانت أكبر نسبة للبطالة في المنطقة الشرقية والحدود الشمالية ومدن أخرى بنسب متفاوتة، وفقاً لتقرير هيئة الإحصاء الحكومية، إذ بلغت نسبة البطالة في الجوف 22.6% وفي المدينة 21.2 %، وفي جازان 17.5% وفي الحائل 16.8% وفي الرياض 11.6%.
ومن مظاهر مؤشرات الفقر أيضاً عدم امتلاك نسبة كبيرة من السعوديين لمسكن خاص رغم البرامج الحكومية، التي تقدم دعماً وقروضاً للمواطنين عبر الصندوق العقاري للتنمية ضمن برنامج سكني يتضمّن 280 ألف منتج سكني لمحدودي الدخل.
وكان وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي السابق، محمد الجاسر، قد قال إن 60% من السعوديين يملكون مساكن، مما يعني أن 40% من بين السعوديين (8.1 ملايين نسمة) البالغ عددهم نحو 20.4 مليون نسمة، لا يمتلكون سكناً خاصاً بهم، حسب تقديرات لمصلحة الإحصاءات السعودية.
زيادة دعم الفقراء
وتعد برامج الدعم الحكومية أحد المؤشرات الرسمية لتفاقم الفقر، وقالت وزارة العمل السعودية، في شهر أبريل/ نيسان الماضي، إن أكثر من 11.84 مليون سعودي تقدموا لبرنامج الدعم النقدي الذي طرحته الحكومة لتخفيف تبعات فرض رسوم وزيادة أخرى على العديد من السلع والخدمات. ويمثل الرقم الإجمالي نحو 60% من إجمالي أعداد السعوديين.
وتنوعت البرامج الحكومية الهادفة إلى تقليص أعداد الفقراء في البلاد، ما بين مشروعات إسكانية مدعّمة وأخرى اجتماعية، ومن ضمن هذه البرامج "حساب المواطن"، الذي أقرته السعودية بالموازنة الحالية بهدف دعم الفقراء ولا سيما في ظل الإجراءات التقشفية، التي زادت من أعدادهم وفاقمت مشاكلهم.
وأعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية بدء التسجيل في برنامج "حساب المواطن"، في فبراير/شباط الماضي، والذي يهدف إلى توجيه الدعم الحكومي للطاقة والسلع للفقراء الأكثر احتياجاً من ذوي الدخل المنخفض بشكل مباشر. ويُعد برنامج حساب المواطن من أهم الأدوات لتمكين عملية التحول الاقتصادي في السعودية.
ووفقاً لآلية تنفيذ البرنامج ستتم دراسة ملفات المستفيدين بعد اكتمال التسجيل، وتقرير أهلية الأسر المتقدمة، وسيتم تسجيل جميع المؤهلين لنظام الدعم تلقائياً، وتسديد مبالغ الدعم للمستفيدين نقداً عن طريق التحويل المصرفي، بحيث يتم صرف البدلات للأسر المستحقة قبل تنفيذ أي من الإصلاحات، التي قد تمس المواطن، كما أن مخرجات التسجيل ستعرض على لجنة وزارية مسؤولة عن برنامج حساب المواطن لتقييم النتائج، واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها.
وكان نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية، أحمد بن صالح الحميدان، قد أكد في يناير/كانون الثاني الماضي أن حساب المواطن سيكون آلية من شأنها أن تعيد هيكلة كل أنواع الدعم، مشدداً على أن الهدف من البرنامج، حماية الأسر ذات الدخل المتوسط والمحدود من انعكاسات الإصلاحات في خطة التوازن المالي 2020، وإعادة هيكلة مخصصات الدعم الحكومي، ورفع فعالية برامج الدعم الحكومي.
غضب واحتجاجات
أفرزت ظاهرة الفقر غضباً شعبياً دفع إلى تنظيم الاحتجاجات في العديد من المدن لتحسين أحوالهم المعيشية، وكانت العوامية آخر المناطق التي شهدت احتجاجات واسعة لعدة أسباب، منها معاناة المواطنين من تأزم الأوضاع المعيشية في ظل الإهمال الحكومي للمنطقة، ونشرت العديد من المواقع صوراً لمنازل متواضعة تم تدمير بعضها في المواجهات المسلحة التي جرت مؤخراً في المدينة. وشهدت الطائف العديد من المظاهرات رفع فيها الأهالي العديد من المطالب، منها تحسين ظروفهم الاقتصادية.
كما دعا عاطلون عن العمل في السعودية إلى التظاهر احتجاجا على البطالة، تحت عنوان "تجمع العاطلين 30 أبريل". ونشر مستخدمون لتويتر في السعودية دعوات للتظاهر أمام مقرات التوظيف في المملكة الغنية بالنفط، احتجاجا على البطالة، رغم منع السلطات للتظاهرات.
ومع تزايد أعداد سكان السعودية، تعقّدت مشكلة الفقر أمام الحكومة التي تعثرت جهودها من أجل مكافحته. وكانت الهيئة العامة للإحصاء قد أعلنت عن ارتفاع عدد سكان البلاد إلى 32.6 مليون نسمة في النصف الأول من عام 2017 وبزيادة بلغت حوالى 870 ألف نسمة مقارنة بنهاية 2016. وحسب بيانات الهيئة، فقد بلغ عدد المواطنين والمواطنات السعوديين حوالى 20.4 مليون نسمة وهو ما يعادل 63 % من إجمالي عدد السكان. أما عدد السكان غير السعوديين فبلغ 12.2 مليون نسمة وهو ما يمثل حوالى 37% من إجمالي عدد السكان. وكان إجمالي عدد السكان في عام 1970 نحو 6 ملايين نسمة.