خرافة الانتصار

03 ديسمبر 2015
أحاول دائماً أن أخرج من دائرة المنافسة (Getty)
+ الخط -
مملة هي المعارك التي تَكسب بها الغنائم وتخسر جنودك، هذا وحدهُ ما يفهمهُ الملوك الحقيقيون، من يَعرفون أن مجرد الدخول في أي حرب يعتبر خسارة لهم، وأن الجنود اللذين يُفقدون في هذه المعارك هُم الغنائم التي لن يعاودوا الحصول عليها مرةً أُخرى.


لم يَكُن أبداً معنى الملوك هوَ أن تَملُك من يُدافع عنك ولكن المعنى الحقيقي هوَ أن تجد الكثير حولك في وقت الحاجة، أليس من الفُكاهه أن يموت كُل من يُدافع عن حياتكَ أنت وتبقى في النهاية الملك الوحيد على الفراغ الذي تركهُ هؤلاء الجنود المجهولين، تبقى أنت وخُرافة الغنائم التي لن تملأ فراغ الوحدة.

وحدة الانتصار على من؟! على ذاتك؟ أليس من الفُكاهة أيضاً أن تَعود للبحث عن جنود جُدد ليُعلنوا ولاءهم لك ثم تُقحمهم في انتصاراتك التافهه؟ إذ كان هنالكَ معنى مُرادف للحياة وهوَ الموت فأنا أفضل أن أعيش المسافة بطولها وعرضها ما بين الحياة والموت، أن أرفض أن أحارب كَجُندي في معركة لا أعلم ما الهدف منها وأن أرفض أن أكون هذا الملك الذي ينام في النهاية وحيداً، أنا أكره الحروب وأكره كُل من يُقحمني في حرب لا علم لي فيها، أفضل أن أعيش مع الأصدقاء، لا المنافسين، وأحاول دائماً أن أخرج من دائرة المنافسة، لأني أجاهد نَفسي وهذا يَكفيني، أنافس غرائزي ونَفسي الأمارة أولاً، لأني قد فهمتُ بعد خَمس وعشرين سَنة أن الدُنيا شيء في قلبكَ لن تملكهُ إلا إذا أخرجتهُ من قلبكَ فستجدهُ ماثلاً بينَ يديك..

وقد فهمتُ بطريقة أفضل من البارحة نُقطة مهمة لاستمرار الحياة، وهي أن تيأس، حتى تجف كُل مظاهر الحياة حولك وتبقى بذرة الروح تُخبركَ أنك تستطيع أن تنمو من جديد في بيئة أخرى مناسبة لك..

نعم سقطت أوراقك على الأرض وأخذتها الريح وسقطت الثمار ولكن ما زالت جذورك تحتمل العيش..

(الأردن)