حلب... مختبر "تحالف" النظام و"داعش"

03 يونيو 2015
يرجّح أن تنجح المعارضة بصدّ هجوم "داعش"(أحمد محمد علي/الأناضول)
+ الخط -

يحاول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من خلال هجومه الأخير على مواقع المعارضة في ريف حلب الشمالي، السيطرة على منطقة حدودية مع تركيا تؤمن له نقاطاً تمكّنه من تهريب مقاتلين وأسلحة عبر الحدود التركية، وعقد صفقات شراء أسلحة وبيع نفط من خلال تجار ومهربين خارج إطار الحكومة التركية، مستغلاً انشغال فصائل المعارضة السورية المسلحة بالتجهيز لعملية السيطرة على حلب، وطرد قوات النظام منها بعد تشكيل "غرفة عمليات فتح حلب"، المكوّنة من أكثر من 21 فصيلاً مسلّحاً.

اقرأ أيضاً: سيناريو الحصار البديل يخيّم على قوات المعارضة في حلب

هجمات "داعش" والتحضير لمعركة تحرير حلب، يضع قوات المعارضة بين فكي كماشة النظام والتنظيم؛ فوصول "داعش" إلى الشريط الحدودي مع تركيا يمكّنه من خنق قوات المعارضة الموجودة في ريف حلب الشمالي وفرض حصار فعلي عليها بفصلها عن معبرها الحدودي مع تركيا، والذي بات منذ ثلاث سنوات الرئة التي تتنفس منها قوات المعارضة وسكان المناطق التي تسيطر عليها في حلب. كما تجنبه خوض معركة خاسرة ضد قوات المعارضة المتمركزة في مدينتي مارع وتل رفعت في ريف حلب الشمالي، ذلك أن المدينتين تعتبران خزانا بشريا ولوجستيا كبيرا لقوات المعارضة في ريف حلب الشمالي، وتحتويان على كتائب المعارضة التي أجبرت "داعش" على الانسحاب من المنطقة مطلع العام الماضي.

ومن خلال أداء "داعش" في معاركه السابقة، يبدو أنه يتبع استراتيجية تقوم على التوجه نحو مصادر الثروة بالدرجة الأولى شريطة أن تكون المعركة سهلة، ومبررة شرعياً حسب فقه التنظيم. ومن ناحية ثانية، يستغل انشغال كل من المعارضة والنظام بمعارك فيما بينهما، وبروز خواصر رخوة لدى كل منهما، لشنّ هجوم يحقق له انتصار ما.

ويتوافق ابتعاد التنظيم في الفترة الأخيرة عن المناطق الكردية مع استراتيجيته التي تقوم على خوض معارك سهلة، بسبب صعوبة المعارك مع تحالف "قوات حماية الشعب" مع بعض فصائل المعارضة، بسبب مشاركة قوات التحالف الدولي بتأمين غطاء جوي في تلك المعارك لتحالف المعارضة، وهو ما لا تفعله قوات التحالف الدولي مع قوات المعارضة، حتى أثناء قتالها تنظيم "داعش" في حلب.

رغم ذلك، يرجح أن تتمكن فصائل المعارضة من صدّ التنظيم ومنعه من السيطرة على شمال حلب وفرض حصار عليها، بسبب وصول مؤازرة لقوات المعارضة، وأيضاً لأن القوى الإقليمية، ممثلة في تركيا والسعودية وقطر التي تقدم دعماً لوجستياً لغرفة عمليات "جيش الفتح" في كل من إدلب وحالياً حلب، لن تسمح بذلك.

وفي بيان لها، أكدت غرفة عمليات حلب عزمها على التصدي لتنظيم "داعش" واستعادة القرى التي سيطر عليها في ريف حلب الشمالي، قبل الانطلاق نحو معركة تحرير حلب، متهمة التنظيم بمساعدة قوات النظام "في عدوانه على حلب، ومحاولة فك الحصار عنها، وعرقلة تقدم الثوار نحو مدينة حلب لتحريرها".

وتتكون "غرفة عمليات فتح حلب" بشكل رئيسي من فصائل "الجبهة الشامية، حركة أحرار الشام، فيلق الشام، كتائب ثوار الشام، جيش الإسلام، كتائب فجر الخلافة، تجمع فاستقم كما أمرت".

واستعاد مقاتلو المعارضة زمام المبادرة الاثنين الماضي، بعد وصول مؤازرة عسكرية كبيرة من فصائل مختلفة إلى الريف الشمالي، وتمكنوا من إيقاف هجوم التنظيم باتجاه مدينة أعزاز ومعبر باب السلامة الحدودي مع تركيا، وكبدوه خسائر كبيرة في العتاد والأرواح في المعارك الممتدة على طول أكثر من 30 كيلومترا، من مدرسة المشاة جنوبا حتى قرية حور كلس الحدودية مع تركيا شمالاً.

وأعلن مقاتلو المعارضة مقتل القائد العسكري لتنظيم "داعش" ويدعى أبو عبد الله التونسي، واستعادة السيطرة على نقاط كان قد استولى عليها، ومنها قرية أم حوش، فيما لا تزال المعارك تدور عند قرى حساجك وتل مالد والحصية وسط محاولة مقاتلي المعارضة إعادة فتح طريق مدرسة المشاة – مارع الذي قطع يوم الأحد، بعد سيطرة التنظيم على قرية الحصية.

وخلال هجومه الحالي، هجّر التنظيم أكثر من 30 ألف مدني من سكان بلدة صوران أعزاز، وقرى البل والكفرة والطوقلي، وتلالين، وغرناطة، والحصية، وحساجك، وأم حوش تحت وطأة قصفه الصاروخي العشوائي على المنازل السكنية.

بدورها، أصدرت حركة "فجر الشام" بياناً أعلنت فيه تخليها عن موقف الحياد الذي تبنته سابقاً حيال التنظيم، وأكّدت نيتها "دفع صيال التنظيم وردّ عاديته"، واتهمته بأنه "منحرف عن منهج أهل السُّنة والجماعة، وأسقط رموزها وتبنى منهج الغلو، وبات عبارة عن خليط من دولة البعث العميقة ومن الغلاة".

كما أصدرت "هيئة قوى الثورة في حلب"، بياناً ناشدت فيه مختلف القوى الإقليمية والدولية "القيام بواجبهم الأخلاقي والإنساني لمنع وقوع كارثة يمكن أن تتعرض لها حلب نتيجة الحملة المستعرة التي يقودها الإرهاب المتمثل بقوات (نظام بشار) الأسد وداعش".

من جهته، أكد المتحدث الرسمي باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سالم المسلط، في حديث إلى "العربي الجديد" أنّه يتعين "على المجتمع الدولي تأمين منطقة آمنة للسوريين يمنعون فيها طيران نظام الأسد من التحليق فوقها، كي لا يتحول إلى سلاح جو يخدم تنظيم (داعش) الإرهابي، وتزويد الثوار بالأسلحة النوعية لصد أي هجوم من النظام وداعش".

وقال إن "نظام الأسد يساند قوات (داعش) بالهجوم على معاقل الثوار بعد عجزه عن السيطرة على كامل الأراضي السورية".

وأضاف أن "الأسد يدعم تنظيم (داعش) للقضاء على من يحمل راية الثورة السورية، وتصوير المشهد أمام العالم أنها حرب بينه وبين الإرهاب"، لافتاً إلى أن "التنظيم منذ نشأته يهاجم الثوار في كل مرة يحققون فيها الانتصارات على قوات الأسد، وهذا ما يؤكد أن قوات الأسد تنهار وباتت غير قادرة على الانتشار في جميع أنحاء سورية".

وكان  رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، خالد خوجة، قد دعا بدوره دول جوار سورية والمجتمع الدولي للتحرك من أجل عدم تحويل سورية إلى مرتع لقوى الإرهاب والتطرف، معتبرا أن تنظيم الدولة ينوب عن نظام الاسد بعدما سلمه الأخير أكبر مخزون للسلاح في تدمر.

اقرأ أيضاً: الائتلاف السوري يدعو إلى نجدة حلب من خطر "داعش"

واعتبر خوجة أن طيران النظام يعمل لمصلحة التنظيم، حين يقصف المناطق التي توجد فيها فصائل المعارضة قبل أن يقتحمها مقاتلو التنظيم.

وفي الإطار نفسه، اتهم "المجلس الإسلامي السوري"، "داعش" بالعمالة للنظام والتحالف الدولي لإجهاض الثورة، وأفتى بوجوب قتاله. واعتبر أن "هجوم التنظيم على ريف حلب الشمالي جاء لإفشال خطة جيش الفتح في تحرير مدينة حلب من نظام الأسد، من خلال مهاجمتهم الثوار من الخلف".

المساهمون