وذكر التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو أعلى جهة رقابية في الدولة، أن الحكومة أخفت هذه المبالغ في البنك المركزي كوديعة لحسابها، بينما لم يتم تدوينها في إيرادات الدولة.
وكان البنك المركزي أعلن قبل نحو 8 أشهر أن حجم المساعدات، التى حصلت عليها مصر خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2011 وحتى أغسطس/آب 2016 بلغ نحو 30 مليار دولار منوعة بين منح لا ترد وودائع، فيما أظهرت بيانات وزارة المالية أن ما حصلت عليه مصر بلغ 24 مليار دولار فقط.
لكن الجهاز المركزي للمحاسبات أشار في التقرير الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى أن وزارة المالية استقطعت 6 مليارات دولار من المنح وأخفتها فى حساب خاص تحت تصرفها بالبنك المركزي، في مخالفة للقواعد المحاسبية السليمة لتسوية الإيرادات بالموازنة العامة للدولة.
غير أن وزارة المالية، قالت في ردها المذكور في تقرير الجهاز الرقابي إنه تم اتخاذ هذا الإجراء حتى تتمكن من استخدام ذلك الرصيد فى خفض العجز خلال عدة سنوات، بدلاً من خفض العجز في السنوات التي حصلت فيها مصر على تدفقات عربية كبيرة.
وأضافت الوزارة: "وجود هذا المبلغ بالبنك المركزي، يعزز من موقف الدولة النقدي ويؤدي إلى خفض الفوائد على عمليات السحب المالي الحكومي من البنك المركزي".
وجاءت أغلب المساعدات العربية في السنوات الأربع الأخيرة، حيث حصلت مصر على مساعدات سخية من المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت، إثر إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013 بعد عام واحد من وصوله للحكم عبر أول انتخابات رئاسية تشهدها البلاد، عقب إنهاء ثورة يناير/كانون الثاني حكم الرئيس حسني مبارك ذي الخلفية العسكرية، بعد بقائه أكثر من 30 عاما في الحكم.
ورغم المساعدات الخليجية وعمليات الاقتراض الخارجي غير المسبوق، إلا أن مصر تشهد عجزاً ماليا متفاقماً وتردياً في قيمة عملتها.
وفي ظل شح السيولة الدولارية والتباين الكبير بين سعر الصرف في البنوك والسوق السوداء في مصر، قام البنك المركزي، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بتحرير سعر الصرف، ما أدى إلى قفزات غير مسبوقة للعملة الأميركية القوية أمام الجنيه الضعيف، لتصل إلى نحو 20 جنيها في أيام معدودة مقابل 8.88 جنيهات قبل تحرير السعر.
ويرى خبراء أن هذه الخطوة لم تسهم في حل أزمة الدولار في البلاد، وإنما لا يزال السوق يشهد تذبذبا في الأسعار ولم تختف السوق السوداء.
وكان صندوق النقد الدولي طالب الحكومة بإجراءات عدة لخفض العجز خلال العام المالي المقبل (يبدأ يوليو/تموز)، ضماناً لصرف باقي القرض المتفق عليه والبالغ إجماليه 12 مليار دولار، والذي تم صرف الشريحة الأولى منه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بقيمة 2.75 مليار دولار.