أعلنت وزارة الصناعة بحكومة بشار الأسد، أن هناك 11 شركة صناعية تابعة للوزارة متوقفة، ولا توجد جدوى من تشغيلها على الرغم من أنها تقع في مناطق آمنة، و12 شركة أخرى خاسرة بسبب الظروف الحالية، فيما بلغ عدد الشركات الصناعية التي هي في مناطق خارج سيطرة الدولة نحو 21 شركة.
واقترحت الوزارة، خلال دراسة وجهتها أخيراً إلى رئاسة مجلس الوزراء، اتخاذ قرار بإغلاق الشركات المتوقفة التي لا توجد جدوى من تشغيلها وتقع في مناطق آمنة، ومن ثم العمل على استغلال موقعها وبنيتها التحتية لإقامة مشاريع مشتركة بحيث تكون حصة الدولة بمقدار الأصول الثابتة من خلال تطوير التكنولوجيا المستخدمة فيها أو إقامة مشاريع جديدة، بغض النظر عن نشاطها الأساسي، وذلك بالتعاون مع المستثمرين.
ويتساءل المدير العام السابق بوزارة الصناعة، عدنان تامر، ما هي الشركات الرابحة في وزارة الصناعة حتى تحدد الوزارة 23 شركة فقط، بين متوقفة وخاسرة، ونحن نعلم أن خسائر القطاع الصناعي الحكومي 500 مليار ليرة ومثلها بالقطاع الخاص الذي توقفت نحو 80% من شركاته خلال الحرب.
وأشار المدير العام السابق تامر، إلى أن الهدف من التركيز على بعض الشركات الصناعية هو بهدف خصخصتها وبيعها للقطاع الخاص، لأن معظمها يمتاز بمواقع مهمة داخل العاصمة دمشق، كمعمل إسمنت دمر ومعمل الزجاج ومصانع الكونسروة والكبريت.
ويضيف تامر خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن خسائر القطاع الصناعي مزمنة بسورية، مرجعاً الأسباب إلى الفساد وانتقاء المديرين بحسب الولاء وليس الكفاءة، ما أدى إلى تراجع المواصفة والإنتاج وزاد من المخازين والسرقات، مشيراً إلى أن شركات صناعية كثرة تحولت إلى ثكنات عسكرية وتم طرد العمال منها، ليستوطن جنود الأسد وشبيحته فيها.
وكان مجلس وزراء النظام السوري قد أقر الأسبوع الماضي خطة لتنشيط القطاع الصناعي العام والخاص التي تضمنت دعم الشركات الجديدة لزيادة طاقتها الإنتاجية بهدف تحويلها إلى شركات رابحة والاستفادة من العمالة الموجودة في الشركات الخاسرة والمخسرة، من خلال إعادة تأهيل هذه العمالة وتدريبها على القيام بالعمل الصناعي.
وهدفت الخطة التي اطلع "العربي الجديد" عليها، إلى تقديم الدعم للشركات الرابحة وتأمين مستلزمات استمرارها في الإنتاج وتطوير عمل بعض الشركات الخاسرة وتحديث خطوط إنتاجها أو إضافة خطوط جديدة وإغلاق الشركات المتوقفة واستغلال موقعها وبنيتها التحتية لإقامة مشاريع مشتركة.
ويرى مراقبون أن المصدر الوحيد المتبقي أمام نظام بشار الأسد، لتمويل الحرب، هو بيع الشركات الحكومية، بعد تراجع موارد الضرائب والنفط التي كانت تعمد عليهما الخزينة العامة بسورية، بشكل رئيس.
وأقر مجلس الشعب السوري، مطلع العام الجاري، قانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص، متذرعاً بحسب تصريحات وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، السابق همام جزائري "أن القانون يضع الإطار القانوني الناظم لترميم وتطوير القطاع العام والمشاريع الإنتاجية والمرافق العامة وضبط عملية التشاركية ضمن قانون وتعليمات كفيلة بتحقيق مصلحة الدولة والتقليل من المديونية والاقتراض العام الخارجي، خاصة في المشاريع ذات التكلفة الكبيرة والبعد الاجتماعي الخدمي وبما يلبي متطلبات إعادة الإعمار".
ويرى الاقتصادي السوري محمود حسين، أن هذه المحاولات فاشلة في واقع استمرار الحرب، متسائلاً خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" عمن سيستثمر بسورية الآن ولو عبر إغراء شراء شركات وخطوط إنتاج ومواقع جغرافية مهمة، بواقع ظروف الحرب المفتوحة.
وتوقع حسين أن قانون التشاركية و"معزوفة الشركات الخاسرة" إنما هي موجهة للمستثمرين الخارجيين، وخاصة في إيران، والتي لا يهمها الإنتاج بقدر ما تسعى للتملك في سورية واسترداد أموالها التي مولت بها نظام الأسد خلال الحرب.
وأضاف حسين أن "أي مستثمر سوري لا يمكن أن يجازف بأمواله ويشتري أراضي أو شركات، في بلد تشير جميع الدلائل على استمرار الحرب فيه، أو أن يشارك بشركة حكومية خطوط إنتاجها متهالكة وتكاليف الإنتاج مرتفعة، فضلاً عن عدم وجود سوق مغرية بواقع الفقر وتراجع القدرة الشرائية لدى السوريين".