حكواتي: نملٌ عنيد عزيز النفس

25 يونيو 2014
نمل عزيز النفس (Getty)
+ الخط -

 

مرحباً صديقي...

وعدتك البارحة أن أخبرك بكلّ جديد عن نملاتي. كنت أتمنّى أن آتيك بأخبار جيدة، لكن للأسف ما حدث البارحة كان كارثة ياصديقي. كارثة ستقودني إلى الجنون أو الانتحار إن لم أجد لها حلاً... بدأ الأمر عندما أردت أن أمنح النملات بعض الترفيه، فجعلتها تشاهد فيلم "حياة حشرة ". في الحقيقة أجبرتها على ذلك بربطها إلى أعواد ثقاب، و بعد ساعتين قمت بتحريرها، وهنا وقعت المصيبة، عندما تبيّن أنني أحكمت ربط إحدى النملات ما أدى إلى اختناقها..

نعم يا صديقي ماتت نملة.

الكارثة كانت في ردّة فعل باقي النملات عندما تجمهرت في وسط عالمهم (صندوق الخضار المصنوع من الفلّين وبعض التراب والحصى) ومنعتني من أخذ النملة الميتة لأرميها خارجاً.. اعتقدت أنّ الأمر سينتهي بعد قليل، لكنّني صدمت عندما رفضت الأكل، نعم يا صديقي أضربت النملات عن الطعام.. و الأكثر من ذلك قامت بإشعال أعواد الثقاب.. ماهذا؟ ما كان ينقصني إلا نمل مناضل. لكن هذا كلّه كان خطأي، عندما نسيت أن أوصل مشغّل الفيديو إلى التلفزيون فظلّت تشاهد نشرات الأخبار لمدّة ساعتين بدلاً من الفيلم. حاولت أن أشرح للنملات أنّني لم أقصد قتل تلك النملة، وأن كلّ ما أردته أن أجعلها تحظى ببعض التسلية. لكنّها لم تفهم ذلك. شعرت بغصّة كبيرة. فكيف بإمكانها نسيان كلّ ما فعلته من أجلها؟ هذا ما جعل الغضب يتملّكني فبدأت أصرخ في وجهها بطريقة هستيرية:
من أنتم!؟ من أنتم!؟ كلّ هذا من أجل نملة قُتِلَت!!؟ منذ متى تهتمون؟ يومياً يقتل منكم الآلاف تحت الأحذية؟
كنت أصرخ والدموع تختلط مع اللعاب المتطاير من فمي، وأضفت بغضب شديد: هل تتوقعون أنّني إذا قُـتِـلت سيلاحظ أحد ذلك أو أنّ أحداً سيهتم؟ كما تفعلون أنتم الآن؟ طبعاً لا. فمنذ متى أصبح لكم قيمة؟ تباً لكم..
بعدها تركتهم وأنا أمسح دموعي. وجئت أطلب مساعدتك، أرجوك جد لي حلاً يا صديقي. لا أريد أن أموت بسبب إضرابهم عن الطعام، لا أريد أن أفقد آخر ما تبقّى لي، والله العظيم لم أقصد قتل تلك النملة.
صديقي أضع حياتي بين يديك. أتوسّل إليك أن تجد لي حلاً. لا أريد أن أفقدهم. بانتظار ردّك.

وداعاً

المساهمون