حفر الأنفاق: من وسائل التعذيب الجديدة لقوات النظام

25 نوفمبر 2014
تعمل قوات النظام على إحاطة دمشق بالأنفاق (فرانس برس)
+ الخط -

حشدت قوات المعارضة امكانيات ضخمة لحفر الأنفاق، بهدف التسلل إلى أسفل المباني التي تتحصّن بها قوات النظام السوري على خطوط التماس بين الجانبين. واستفادت المعارضة من فاعلية تفجير نفق تحت مقرّ لقوات النظام، لجهة دقة الاصابة والنتائج المضمونة، وانخفاض التكلفة العسكرية، التي تقتصر في الواقع على الجهد العضلي والتخطيط من قبل قوات المعارضة فقط. في المقابل، قامت قوات النظام السوري باستخدام المعتقلين في الأفرع الأمنية وعلى الحواجز العسكرية الكبرى، في عملية حفر أنفاقها.

واستخدمت قوات النظام السوري، منذ نهاية العام الماضي، عشرات المعتقلين في فرع المخابرات الجوية في منطقة حرستا، بريف دمشق، في عمليات حفر أنفاق خاصة بها في المنطقة، بعد تقييد أرجلهم بسلاسل حديدية ضخمة، وإجبارهم على العمل لمدة تصل إلى 16 ساعة في اليوم الواحد، مع تقديم وجبة طعام واحدة لهم في اليوم، ومنعهم من الاستحمام لأشهر.

وبصورة مماثلة، قامت مختلف الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري في مدينة دمشق وريفها، باستخدام المعتقلين في عملية حفر الأنفاق، حيث يتم اجبار مجموعات من المعتقلين على القيام بعملية الحفر، في الوقت الذي يتولى فيه عناصر قوات النظام عملية الإشراف على العمل، من خلال توجيه المعتقلين واعطاء الأوامر لهم، وضرب وتعذيب المقصرين في عملية الحفر.

وقد تمكن خمسة معتقلين كانوا يعملون على حفر نفق لقوات النظام في المنطقة القريبة من بساتين بلدة عربين في ريف دمشق، من الفرار أثناء عملية الحفر، قبل نهاية العام الماضي ليرووا في شهادة مصوّرة، حالة العبودية التي وضعتهم أجهزة الأمن السورية فيها، إثر اجبارهم على حفر الأنفاق، وتعريضهم لأبشع صور التعذيب في حال امتناعهم أو تقصيرهم.

ويشير الناشط وائل الداراني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قوات المعارضة عثرت في مدينة داريا، في أكثر من مرة على جثث لمعتقلين مكبّلي الأرجل بسلاسل حديدية، داخل أنفاق كانت قوات النظام تعمل على حفرها على الجبهة الشمالية من مدينة داريا، بهدف التسلل إلى نقاط تمركز قوات المعارضة، قبل أن تنجح هذه القوات بكشف الأنفاق وتفجيرها لتنهار بالكامل على من يعمل بها".

ويتحدث الداراني عن "عثور قوات المعارضة على جثة طفل لم يبلغ السادسة عشرة من العمر، في أحد الأنفاق التي تمكنت قوات المعارضة من تدميرها، الأمر الذي يشير إلى تشغيل قوات النظام للأطفال المعتقلين في عملية حفر الأنفاق".

لم يقتصر استخدام قوات النظام للمعتقلين فقط في حفر الأنفاق، بل عمدت حواجز قوات النظام، المنتشرة في مناطق سيطرته في العاصمة، مراراً إلى اعتقال عشرات المارة من الشبان، بعد طلب بطاقاتهم الشخصية، لتقوم بتحويلهم بسيارات نقل عسكرية إلى المناطق القريبة من الجبهات، وتقوم بعدها بتشغيلهم لأيام قليلة بحفر الأنفاق، قبل أن تطلق سراحهم.

ويقول الناشط يمان عبد الحنان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "قوات النظام تقوم بذلك عن طريق إجبار الشبان الذين تجمعهم من حواجزها العسكرية، على العمل سخرة، ومن دون أي مقابل في عملية الحفر، وذلك عبر تهديدهم بالتصفية أو الاعتقال، أو التحويل إلى أقبية التعذيب في الفروع الأمنية، الشهيرة بصنوف التعذيب القاسية بين السوريين".

ويوضح عبد الحنان، أن "ذلك حصل مراراً على حواجز قوات النظام في مناطق برزة ودمّر وقدسيا وغيرها من ضواحي العاصمة الشمالية والغربية، التي تسيطر قوات النظام عليها. إذ يقوم عناصرها بجمع عشرات الشبان، لتشغيلهم في عمليات حفر الأنفاق وبناء السواتر الترابية بعد مصادرة بطاقاتهم الشخصية وما يحملونه من أموال وهواتف نقالة، وبعد إتمام العمل، يعيدون المحفظة الشخصية للشبان، خالية من النقود".

المساهمون