كشف مصدر برلماني من طبرق (شرق ليبيا) عن امتعاض قائد قوات برلمان طبرق، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من تواصل البعثة الأممية في ليبيا، ممثلة بنائبة رئيس البعثة، ستيفاني وليامز، مع أطراف اجتماعية في بنغازي، بينما نفت البعثة الدولية، رداً على استيضاح من "العربي الجديد"، أن تكون في طور أي محاولة لنقل تجربتها في تهدئة الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس إلى بنغازي.
وبحسب المصدر البرلماني، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن حفتر أبلغ السفير الأميركي لدى تونس، ديفيد روبنسون، وهو المسؤول أيضاً عن الملف الليبي في الإدارة الأميركية، أثناء اجتماعه غير المعلن به في روما الأربعاء الماضي، عن عدم رضاه عن زيارة ستيفاني وليامز، واجتماعها بعدد من قادة المجتمع المدني وشخصيات فاعلة في بنغازي، معتبراً الأمر محاولة "لاختراق صفوفه". وقال النائب من طبرق إن "حفتر اشتكى للسفير الأميركي على اعتبار نائبة رئيس البعثة الأممية دبلوماسية أميركية، ولا يمكن أن تذهب في أي اتجاه من دون دعم بلادها لها أو برغبة منها".
وكانت ستيفاني وليامز أجرت زيارة لبنغازي، الإثنين الماضي، التقت خلالها عدداً من الأكاديميين وقادة مؤسسات المجتمع المدني في إطار التحضير للمؤتمر الوطني الجامع، بحسب إعلان البعثة. واعتبر المصدر البرلماني أن البعثة الأممية تمكنت من تحقيق تقدم كبير في جهودها داخل ليبيا بعد تولي وليامز منصب نائب رئيسها في يوليو/تموز الماضي، لا سيما في طرابلس، التي حققت البعثة فيها نوعاً من الاستقرار الأمني وتمكنت من لجم طموح قادة المليشيات وتعديهم على مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن البعثة قد تسعى لنقل تجربتها إلى بنغازي التي تعيش فوضى أمنية وسياسية رغم سيطرة فصائل حفتر المسلحة عليها. غير أن المتحدثة باسم البعثة الأممية في ليبيا، سوسن غوشه، نفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تكون لزيارة ستيفاني وليامز علاقة بنقل التجربة إلى بنغازي. وأوضحت أن "ستيفاني وليامز قالت إنه عند نجاح التجربة في طرابلس، يمكن أن تتكرر في مدن أخرى لديها ذات الإشكالية الموجودة في طرابلس، بمعنى المدن التي تسيطر على بعض شوارعها ومؤسساتها مجموعة من المليشيات".
في المقابل، اعتبر المصدر البرلماني من طبرق أن حفتر متخوف بشكل كبير من إمكانية خروج قادة مليشيات مهمة، مثل "الصاعقة"، من تحت سيطرته. وقال إن "غالبية الفصائل المسلحة في حالة تململ، ومواقفها لم تعد داعمة بشكل كبير لحفتر، ووجود الأمم المتحدة في بنغازي قد يعني فتح طريق لهم للتواصل والبحث عن مخرج من سيطرة حفتر وأبنائه"، لافتاً إلى أن حفتر يستشعر خطورة كبيرة من اقتراب أي جهة دولية من بنغازي ومحيط معسكراته في الشرق. وتابع النائب "يبدو أن الزيارة أزعجت حفتر بشكل كبير، فانكشاف المستور في ثنايا أزقة بنغازي وخباياها قد يقود حفتر إلى محاكمات دولية، خصوصاً المجازر التي ارتكبت إبان حربه على خصومه. وهناك شخصيات عسكرية مطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية، وعلى خلاف مع حفتر، فماذا لو اعترفت وفضحت حفتر؟".
وأشار المصدر البرلماني إلى إمكانية أن يكون هناك ضغط على حفتر، الذي تنصل من كل التزاماته السياسية أخيراً، للقبول بأي حلول قد ينتجها المؤتمر الوطني الجامع المقرر عقده مطلع العام المقبل. وقال المصدر إن "لقاء وليامز كان من أجل الإعداد لعقد المؤتمر، وأعقبه تصريح لافت للمتحدث باسم حفتر يؤكد فيه أن رئيسه مع عقد المؤتمر وإجراء الانتخابات". لكن المصدر أكد أن السفير الأميركي في تونس لم يعد حفتر بأي شيء. ورجّح المصدر قبول فصائل بنغازي ببرنامج الترتيبات الأمنية التي كانت البعثة دقيقة جداً عندما ربطتها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، وبدت نتائجه واضحة في طرابلس حيث الوضع الاقتصادي تحسن نسبياً بالإضافة لانضباط الوضع الأمني شكل ملحوظ، وهو ما قد يدغدغ عواطف الشارع في بنغازي الذي لم يجد من وعود حفتر أي ترجمة في حياته اليومية. واعترف النائب بأن البعثة لم تطرح شيئاً من ذلك على من التقتهم في بنغازي، لكن "الزيارة نفسها شكلت رسالة واضحة لحفتر بإمكانية وصولها لبنغازي وإرغام حفتر على القبول بدورها كوسيط، وبالحلول التي تقدمها من أجل إنهاء أزمة البلاد".