انتهت اليوم السبت، المائة يوم الأولى من رئاسة دونالد ترامب والتي وعد فيها بإنجازات ضخمة، ولكن ماذا تحقق من وعوده حتى الآن؟
لا شيء يشغل الساسة وعالم المال والاستثمار في العالم هذه الأيام، سوى توجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتداعياتها المتوقعة على الصعيد الداخلي في الولايات المتحدة وخارجها، ولا أحد يعرف بالتحديد إلى أين سينتهي وسط التناقض في قراراته المالية والاقتصادية بعد نهاية المائة يوم الأولى من دون إنجاز اقتصادي يذكر، عدا المراسيم القياسية التي اصدرها والوعود الضخمة التي رفعت مؤشر "داو جونز" إلى مستويات قياسية، فوق 21 ألف نقطة، ثم توقف بسبب تشكيك المستثمرين في فاعلية وعوده وقدرته على تنفيذها.
في هذا التحليل ستحاول "العربي الجديد" سبر أغوار استراتيجية ترامب بعد المائة يوم الأولى التي قضاها في البيت الأبيض من خلال التركيز على خمس نقاط أساسية وهي شعار "حماية الوظائف الأميركية والمنتج الأميركي" ووعوده بفرض "ضريبة الحدود" و"انسحاب أميركا من الكتل التجارية"، وبناء الجدار العازل بين أميركا والمكسيك ومشروعه الأخير الخاص بخفض الضرائب على الشركات والأعمال التجارية.
ضريبة الحدود
بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رحلته الرئاسية بتقزيم الرؤساء السابقين واتهامهم بعقد اتفاقات تجارية مع دول العالم اضرت بمصلحة المواطن الأميركي والنمو الاقتصادي.
وقال في خطاب التنصيب أنه سيعمل على إلغاء هذه الاتفاقات وسيقوم بالتفاو ض التجاري مجدداً دول العالم على أساس مبدأ" أميركا أولاً" واعادة بناء مجد " أميركا العظيمة".
خلال الأسبوع الأول، وقع ترامب مرسوم الانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي والتي تضم 12 دولة.
وهي اتفاقية تفتح المجال التجاري الحر بين 12 دولة تجارية في آسيا وأميركا الشمالية وأميركا اللاتينية.
ويرى خبراء بمعهد بيترسون للدراسات الاقتصادية، أن هذه الاتفاقية كانت مهمة لاستراتيجية ربط حلفاء أميركا في آسيا بواشنطن، وأن إلغائها لايصب في مصلحة الاقتصاد الأميركي. ثم أعلن بعدها أنه سيلغي اتفاقية التجارة الحرة مع كل من المكسيك وكندا.
في هذا الصدد يرى الخبير الاقتصادي بمعهد بيترسون للدراسات الاقتصادية تشاد براون، أن فرض الرسوم التجارية وانسحاب أميركا من الكتل التجارية سيضر بالمستهلك الأميركي وبالأعمال التجارية التي تعتمد على البضائع المستوردة داخل أميركا. وبالتالي يعتقد أن الانسحاب من الكتل التجارية سيضر كثيراً بالنمو الاقتصادي الأميركي.
ويشير براون في تحليل بموقع المعهد الاقتصادي، إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقات الكتل التجارية سيزيد من معدل التضخم الأميركي، حيث إنه سيرفع من أسعار السلع المستوردة، وسيضر بأكثر من 900 ألف وظيفة تعتمد على هذه الاتفاقية. وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب تراجع في لقائه الأخير مع رويترز عن إلغاء اتفاقية " نافتا"، إلا أنه فتح معركة جديدة مع كوريا الجنوبية، حيث قال إنه سيعاقبها على الفائض التجاري مع بلاده. وكوريا الجنوبية من الدول الحليفة لأميركا وتعتمد في 60% من نموها الاقتصادي على الصادرات.
كما يخطط الرئيس ترامب حالياً لفرض رسوم بنسبة 20% على منتجات العديد من شركاء أميركا التجاريين، مثل منتجات الصلب المستوردة من الصين والأخشاب ومنتجات الألبان المستوردة من كندا، ومنتجات السيارات وقطع الغيار المستوردة من ألمانيا. ويرى معهد بيترسون للدراسات الاقتصادية أن هذه الرسوم التي ينوي ترامب فرضها تتعارض مع قوانين منظمة التجارة العالمية، وهو ما يعني أن أميركا ستدخل في نزاعات تجارية. وبالتالي من المتوقع أن تتضرر الصادرات الأميركية والشركات الأميركية في أوروبا وآسيا.
شعارخادع
طرح الرئيس ترامب شعار" اشتر الأميركي ووظف الأميركي"في مرسومين وقعهما، خلال الشهر الماضي. ويستهدف ترامب عبر هذا الشعار حماية الوظائف والصناعة الأميركية. ولكن الخبراء يقولون عكس ذلك.
في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي بمعهد بيرسون للدراسات الاقتصادية غاري كلايد هوفر في بحث على موقع المعهد، أن شعار "اشتِرِ المنتج الأميركي ووظف الأميركي" الذي وقعه ترامب في مرسومين رئاسيين، شعار خادع ولا يصب في مصلحة المواطن الأميركي أو النمو الاقتصادي الأميركي. ويشير إلى أن الاقتصاد الأميركي قام على الانفتاح على العالم تجارياً وتوظيفياً، وأن الشعار نفسه استخدم من قبل في بعض الحملات الانتخابية، ولكنه عملياً لم يطبق.
الجدار المكسيكي
أولى المعارك التجارية فتحها الرئيس ترامب مع المكسيك، حيث وقع مرسوماً لبناء جدار يمنع وصل المواطن المكسيكي للاراضي الأميركية. ويستهدف ترامب من بناء جدار عازل بين أميركا والمكسيك، وقف الهجرة المكسيكية وحماية الوظائف والأجور الأميركية من العمالة الرخيصة. هذا المشروع يشير خبراء إلى أنه مكلف ولن يمنع تسلل المكسيكيين إلى أميركا. وقال ترامب لدى توقيع المرسوم، إن المكسيك ستدفع ثمن الجدار، الذي تراوح كلفته بين 17 و20 مليار دولار، حسب تقديرات أميركية. ولكن أعضاء الكونغرس، يرفضون حتى تمويل دراسة الجدوى لبناء الجدار ودراسات التصميم والمساحة وبقية الكلف الأولية المقدرة بحوالى مليار دولار.
وحسب تقارير نشرة "ذي هيل" التي تعنى بشؤون الكونغرس، فإن أعضاء الحزب الديمقراطي وحتى بعض أعضاء حزبه الجمهوري يرفضون إجازة أي انفاق مالي يتعلق ببناء الجدار. وهنالك شخصيات جمهورية نافذة من بينها " الأخوان كوش" اللذان يملكان حوالى 98 مليار دولار، لديها مصالح تجارية ضخمة في المكسيك ترفض المشروع.
وعلى صعيد حماية الوظائف الأميركية، وقع ترامب مرسوماً بمنع التأشيرات التي تمنحها الشركات الأميركية للموظفين الأجانب. ولكن شركات التقنية الأميركية ترفض تطبيق المرسوم وترفع دعاوى ضد وقف تأشيرة جلب العمال من الخارج والتي يطلق عليها" إتش ـ آي بي"، وتمنح حاملها حق العمل والإقامة في أميركا.
وترى شركات التقنية الأميركية، أن هذا المشروع يتناقض مع مبدأ "أميركا العظيمة" التي جعلها الرئيس ترامب شعاراً له في خطاب التنصيب.
خفض تاريخي للضرائب
على صعيد المفاجأة الأخيرة التي أعلن عنها ترامب يوم الأربعاء والخاصة بمشروع خفض الضرائب بمعدلات تاريخية، فإن هنالك العديد من الشكوك بشأن إجازة المشروع بالكونغرس رغم ما يقدمه من حوافز للأثرياء والذين يشكلون إلى حد ما الأغلبية النافذة في الحزب الجمهوري. وأكبر دليل على ذلك، أن أسواق المال الأميركية لم تتحرك صعوداً كما كان متوقعاً لها.
ويقترح المشروع خفض الضرائب على الشركات الكبرى والمتوسطة من معدلها الحالي البالغ 35% إلى 15%، كما يقترح كذلك خفض الضرائب على الأعمال الصغيرة من مستواها الحالي 39.6% إلى 15%. وترى لجنة الميزانية بالكونغرس أن المشروع سيرفع الدين العام الأميركي حوالى 5.5 ترليواتن دولار خلال 10 سنوات.
اقــرأ أيضاً
لا شيء يشغل الساسة وعالم المال والاستثمار في العالم هذه الأيام، سوى توجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتداعياتها المتوقعة على الصعيد الداخلي في الولايات المتحدة وخارجها، ولا أحد يعرف بالتحديد إلى أين سينتهي وسط التناقض في قراراته المالية والاقتصادية بعد نهاية المائة يوم الأولى من دون إنجاز اقتصادي يذكر، عدا المراسيم القياسية التي اصدرها والوعود الضخمة التي رفعت مؤشر "داو جونز" إلى مستويات قياسية، فوق 21 ألف نقطة، ثم توقف بسبب تشكيك المستثمرين في فاعلية وعوده وقدرته على تنفيذها.
في هذا التحليل ستحاول "العربي الجديد" سبر أغوار استراتيجية ترامب بعد المائة يوم الأولى التي قضاها في البيت الأبيض من خلال التركيز على خمس نقاط أساسية وهي شعار "حماية الوظائف الأميركية والمنتج الأميركي" ووعوده بفرض "ضريبة الحدود" و"انسحاب أميركا من الكتل التجارية"، وبناء الجدار العازل بين أميركا والمكسيك ومشروعه الأخير الخاص بخفض الضرائب على الشركات والأعمال التجارية.
ضريبة الحدود
بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رحلته الرئاسية بتقزيم الرؤساء السابقين واتهامهم بعقد اتفاقات تجارية مع دول العالم اضرت بمصلحة المواطن الأميركي والنمو الاقتصادي.
وقال في خطاب التنصيب أنه سيعمل على إلغاء هذه الاتفاقات وسيقوم بالتفاو ض التجاري مجدداً دول العالم على أساس مبدأ" أميركا أولاً" واعادة بناء مجد " أميركا العظيمة".
خلال الأسبوع الأول، وقع ترامب مرسوم الانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي والتي تضم 12 دولة.
وهي اتفاقية تفتح المجال التجاري الحر بين 12 دولة تجارية في آسيا وأميركا الشمالية وأميركا اللاتينية.
ويرى خبراء بمعهد بيترسون للدراسات الاقتصادية، أن هذه الاتفاقية كانت مهمة لاستراتيجية ربط حلفاء أميركا في آسيا بواشنطن، وأن إلغائها لايصب في مصلحة الاقتصاد الأميركي. ثم أعلن بعدها أنه سيلغي اتفاقية التجارة الحرة مع كل من المكسيك وكندا.
في هذا الصدد يرى الخبير الاقتصادي بمعهد بيترسون للدراسات الاقتصادية تشاد براون، أن فرض الرسوم التجارية وانسحاب أميركا من الكتل التجارية سيضر بالمستهلك الأميركي وبالأعمال التجارية التي تعتمد على البضائع المستوردة داخل أميركا. وبالتالي يعتقد أن الانسحاب من الكتل التجارية سيضر كثيراً بالنمو الاقتصادي الأميركي.
ويشير براون في تحليل بموقع المعهد الاقتصادي، إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقات الكتل التجارية سيزيد من معدل التضخم الأميركي، حيث إنه سيرفع من أسعار السلع المستوردة، وسيضر بأكثر من 900 ألف وظيفة تعتمد على هذه الاتفاقية. وعلى الرغم من أن الرئيس ترامب تراجع في لقائه الأخير مع رويترز عن إلغاء اتفاقية " نافتا"، إلا أنه فتح معركة جديدة مع كوريا الجنوبية، حيث قال إنه سيعاقبها على الفائض التجاري مع بلاده. وكوريا الجنوبية من الدول الحليفة لأميركا وتعتمد في 60% من نموها الاقتصادي على الصادرات.
كما يخطط الرئيس ترامب حالياً لفرض رسوم بنسبة 20% على منتجات العديد من شركاء أميركا التجاريين، مثل منتجات الصلب المستوردة من الصين والأخشاب ومنتجات الألبان المستوردة من كندا، ومنتجات السيارات وقطع الغيار المستوردة من ألمانيا. ويرى معهد بيترسون للدراسات الاقتصادية أن هذه الرسوم التي ينوي ترامب فرضها تتعارض مع قوانين منظمة التجارة العالمية، وهو ما يعني أن أميركا ستدخل في نزاعات تجارية. وبالتالي من المتوقع أن تتضرر الصادرات الأميركية والشركات الأميركية في أوروبا وآسيا.
شعارخادع
طرح الرئيس ترامب شعار" اشتر الأميركي ووظف الأميركي"في مرسومين وقعهما، خلال الشهر الماضي. ويستهدف ترامب عبر هذا الشعار حماية الوظائف والصناعة الأميركية. ولكن الخبراء يقولون عكس ذلك.
في هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي بمعهد بيرسون للدراسات الاقتصادية غاري كلايد هوفر في بحث على موقع المعهد، أن شعار "اشتِرِ المنتج الأميركي ووظف الأميركي" الذي وقعه ترامب في مرسومين رئاسيين، شعار خادع ولا يصب في مصلحة المواطن الأميركي أو النمو الاقتصادي الأميركي. ويشير إلى أن الاقتصاد الأميركي قام على الانفتاح على العالم تجارياً وتوظيفياً، وأن الشعار نفسه استخدم من قبل في بعض الحملات الانتخابية، ولكنه عملياً لم يطبق.
الجدار المكسيكي
أولى المعارك التجارية فتحها الرئيس ترامب مع المكسيك، حيث وقع مرسوماً لبناء جدار يمنع وصل المواطن المكسيكي للاراضي الأميركية. ويستهدف ترامب من بناء جدار عازل بين أميركا والمكسيك، وقف الهجرة المكسيكية وحماية الوظائف والأجور الأميركية من العمالة الرخيصة. هذا المشروع يشير خبراء إلى أنه مكلف ولن يمنع تسلل المكسيكيين إلى أميركا. وقال ترامب لدى توقيع المرسوم، إن المكسيك ستدفع ثمن الجدار، الذي تراوح كلفته بين 17 و20 مليار دولار، حسب تقديرات أميركية. ولكن أعضاء الكونغرس، يرفضون حتى تمويل دراسة الجدوى لبناء الجدار ودراسات التصميم والمساحة وبقية الكلف الأولية المقدرة بحوالى مليار دولار.
وحسب تقارير نشرة "ذي هيل" التي تعنى بشؤون الكونغرس، فإن أعضاء الحزب الديمقراطي وحتى بعض أعضاء حزبه الجمهوري يرفضون إجازة أي انفاق مالي يتعلق ببناء الجدار. وهنالك شخصيات جمهورية نافذة من بينها " الأخوان كوش" اللذان يملكان حوالى 98 مليار دولار، لديها مصالح تجارية ضخمة في المكسيك ترفض المشروع.
وعلى صعيد حماية الوظائف الأميركية، وقع ترامب مرسوماً بمنع التأشيرات التي تمنحها الشركات الأميركية للموظفين الأجانب. ولكن شركات التقنية الأميركية ترفض تطبيق المرسوم وترفع دعاوى ضد وقف تأشيرة جلب العمال من الخارج والتي يطلق عليها" إتش ـ آي بي"، وتمنح حاملها حق العمل والإقامة في أميركا.
وترى شركات التقنية الأميركية، أن هذا المشروع يتناقض مع مبدأ "أميركا العظيمة" التي جعلها الرئيس ترامب شعاراً له في خطاب التنصيب.
خفض تاريخي للضرائب
على صعيد المفاجأة الأخيرة التي أعلن عنها ترامب يوم الأربعاء والخاصة بمشروع خفض الضرائب بمعدلات تاريخية، فإن هنالك العديد من الشكوك بشأن إجازة المشروع بالكونغرس رغم ما يقدمه من حوافز للأثرياء والذين يشكلون إلى حد ما الأغلبية النافذة في الحزب الجمهوري. وأكبر دليل على ذلك، أن أسواق المال الأميركية لم تتحرك صعوداً كما كان متوقعاً لها.
ويقترح المشروع خفض الضرائب على الشركات الكبرى والمتوسطة من معدلها الحالي البالغ 35% إلى 15%، كما يقترح كذلك خفض الضرائب على الأعمال الصغيرة من مستواها الحالي 39.6% إلى 15%. وترى لجنة الميزانية بالكونغرس أن المشروع سيرفع الدين العام الأميركي حوالى 5.5 ترليواتن دولار خلال 10 سنوات.