ساعات قليلة ويكون حبيب العادلي، آخر وزير داخلية في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، خارج أسوار السجن للمرة الأولى منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وفقاً لما أكده مصدر قضائي في النيابة العامة المصرية، عقب حكم تبرئته من قضية التربح واستغلال الوظيفة الصادر أمس.
اقرأ أيضاً (مصر: براءة العادلي بقضية التربح وإلغاء التحفظ على أمواله)
وقال مصدر قضائي فضل عدم نشر اسمه لـ"العربي الجديد"، إنّ "العادلي لم يعد لديه قضايا أخرى يُحبس على ذمتها، وبالتالي لم يعد مطلوباً للعدالة، ومن المقرر أن تنتهي إجراءات إخلاء سبيله، مساء اليوم، (أمس الخميس) أو غداً (السبت) على أقصى تقدير، ليكون بذلك أكثر رجال مبارك كرهاً لدى الشعب، قد بُرّئ تماماً من طرف قضاة (انقلاب العسكر) من مختلف التهم الجنائية والسياسية والمالية، وهو ما استدعى تعليقات ساخرة، يلخصها قول أحد المصريين : لم يحصل حتى على غرامة مخالفة مرور". وقُتل وجُرح الآلاف خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني، لكن القضاء المصري لم يجد من قتلهم.
ورغم عشرات القضايا وآلاف البلاغات التي وصلت إلى نحو 2500 بلاغ قُدّمت ضدّ العادلي فقط، بداية من اتهامه بالتخطيط لتفجير كنيسة القديسين قبل الثورة، ومقتل الشاب السلفي سيد بلال، والشاب السكندري خالد سعيد، وآلاف حالات التعذيب والاعتقال والإجرام السياسي، والوثائق التي كُشفت عقب ثورة 25 يناير، ومروراً بقتل المتظاهرين ووصولاً إلى الفساد المالي والسياسي عقب الثورة، أصبح الرجل بريئاً في عهد عبدالفتاح السيسي.
وأسدل القضاء المصري، أمس، الستار على المسرحية الهزلية لمحاكمة آخر رجال مبارك المحبوسين في السجون، حبيب العادلي، بعدما أصدرت محكمة جنايات جنوب الجيزة المصرية، حكمها ببراءته في قضية اتهامه بالكسب غير المشروع بقيمة 212 مليون جنيه مستغلاً وظيفته، بل ووصل الحكم لأبعد من ذلك بأن قضى بإلغاء التحفظ على أمواله وممتلكاته هو وأفراد عائلته بالكامل.
وكانت التحقيقات في هذه القضية قد كشفت قيام العادلي بتكوين ثروة طائلة على نحو لا يتناسب مع مصادر دخله، مستغلاً في ذلك نفوذ عمله وصفته الوزارية، على نحو يمثل كسباً غير مشروع، وقام بتحقيق تلك الثروة خلال الفترة من أغسطس/آب 1961 وحتى نهاية يناير/كانون الثاني 2011 في دائرة محافظة القاهرة، مستغلاً كونه من القائمين بأعباء السلطة العامة رئيساً لجهاز أمن الدولة، ثم وزيراً للداخلية.
وسبق هذا الحكم بأيام قليلة تبرئة العادلي، ورئيس الوزراء الأسبق، أحمد نظيف، ووزير المالية الأسبق، يوسف بطرس غالي، بالقضية الشهيرة إعلامياً بقضية "اللوحات المعدنية" للمركبات والسيارات، والتي كانوا متهمين فيها بإهدار مبلغ 92 مليون جنيه مصري، من أموال الدولة، بإسناد إنتاج اللوحات المعدنية للسيارات لشركة "أوتش" الألمانية بالأمر المباشر وبأسعار تزيد على السعر السوقي، وذلك بغرض تربيحها على نحو يمثل مخالفة للقانون المصري.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت، في وقت سابق، بمعاقبة نظيف بالحبس لمدة عام واحد مع إيقاف التنفيذ، ومعاقبة العادلي بالسجن لمدة 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، ومعاقبة بطرس غالي بالسجن 10 سنوات غيابياً، لهروبه خارج البلاد، وتغريمهم مبلغ 100 مليون و564 ألف جنيه، إلا أن العادلي ونظيف طعنا على الحكم أمام محكمة النقض التي قبلت طعنهما وقررت إعادة محاكمتهما في جلسة أمس.
كما برّأ القضاء المصري، في وقت سابق، العادلي من تهمة التربح وغسل الأموال بما قيمته نحو 5 ملايين جنيه، بعدما سبق وحكم عليه فيها عقب الثورة وتحديداً في مايو/أيار عام 2011 بالسجن المشدد لمدّة 12 عاماً، وتغريمه مبلغ 4 ملايين و853 ألف جنيه مع إلزامه برد مبلغ مساوٍ له وذلك عن تهمة التربح، وتغريمه مبلغ 9 ملايين و26 ألف جنيه على أن يتم مصادرة المبلغ المضبوط موضوع تهمة غسل الأموال والبالغ 4 ملايين و 513 ألف جنيه.
وذكر قرار إحالة العادلي للمحاكمة الصادر من نيابة أمن الدولة، اتهامه بأنه خلال الفترة من شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2010 وحتى 7 فبراير/شباط من عام 2011، وبصفته موظفاً عاماً (وزيراً للداخلية) حصل لنفسه على منفعة من أعمال وظيفته، بأن أصدر تكليفاً إلى مرؤوسيه بالوزارة، وكذلك المسؤولين عن إدارة جمعية النخيل التعاونية لبناء إسكان ضباط الشرطة، وأيضاً لأكاديمية الشرطة، بسرعة العثور على مشترٍ لقطع أرض مخصصة له بمنتجع النخيل، بأعلى سعر، وقبل انتهاء المهلة المقررة له للبناء فيها.
أما القضية الأكبر والأهم لدى الشعب المصري فهي قضية "القرن"، والتي كان يحاكم فيها مع المخلوع مبارك بتهمة قتل المتظاهرين والفساد المالي واستغلال النفوذ وتصدير الغاز لإسرائيل، وجميع هذه الاتهامات حصل فيها العادلي وبقية المتهمين على البراءة.
ولم يُؤيد الحكم على العادلي سوى في قضية واحدة فقط بالسجن المشدد 3 سنوات، في اتهامه باستغلال المجندين في أعمال الخدمات الخاصة بمنزله، وهي القضية المعروفة إعلامياً بـ"سُخرة المجندين"، إذ استخدم بالاشتراك مع آخرين 360 مجنداً و77 سيارة لتوفير 2 مليون و237 ألف جنيه، وهي القضية التي قضى فترة عقوبتها بالكامل.