جدل في مصر حول تبرعات السيسي وملفات الفساد

27 يونيو 2014
تبرعات السيسي تفتح ملفات الفساد في مصر (وكالة الاناضول/Getty)
+ الخط -
تباينت ردود الأفعال على ما أعلنه الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، حول تبرعه بنصف ممتلكاته، وتنازله عن نصف راتبه من أجل مصر. البعض اعتبر تلك الخطوة مهمة، لأنه أول رئيس يتخذ مثل هذا القرار، والبعض نظر اليها كنوع من "الدعاية الإعلامية"، والبعض أيدها بتحفظ. ويستحضر المصريون الحملات السابقة للتبرع من أجل مصر، وأهمها حملة سداد ديون مصر، التي لا يعرف الناس أين ذهبت حصيلتها.

وأوضح الباحث الاقتصادي، إلهامي الميرغني، أن تكلفة الفساد في مصر بالمليارات، مشيراً إلى أن حجم العمولات في مشروعات البنية الأساسية تخطى 40 مليار جنيه خلال سنوات.

وأكد الميرغني، لـ"العربي الجديد"، ضرورة إعادة النظر في القوانين، التي صدرت لتخدم مصالح خاصة على حساب الصالح العام، مشيراً إلى أن مظاهر الفساد في مصر تندرج ضمنها جريمة الرشوة، وتصرف الموظف بالأموال العامة لتحقيق مصلحة شخصية، بالإضافة إلى سرقة المال العام.

وكانت "منظمة النزاهة الدولية" قد أعلنت أن قيمة التحويلات المالية غير المشروعة، والناتجة عن الفساد، التي خرجت من مصر، تصل إلى نحو 7 مليارات دولار، (أي ما يعادل 38 مليار جنيه سنوياً) قبل ثورة يناير/كانون الثاني، مقسمة ما بين مخدرات ورشى وسمسرة غير مشروعة.

ويذكر محمود حامد، مدير مؤسسة الدفاع عن المظلومين، أن رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة في حكومة أحمد نظيف، أعلن تنازله عن مرتبه بالكامل، وعن أية بدلات أو ميزات مالية طوال فترة توليه الوزارة وحتى قيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني. ولكن الفساد ظل مستشرياً فى وزارته، كما أنه، هو نفسه، أحيل إلى المحاكمة بتهم تتعلق بالفساد، بعدما تم تهريبه خارج مصر بأساليب تنم عن فساد كبير.

ويرى حامد أن الأمر يتطلب مواجهة حقيقية للفساد عبر تنقية القوانين الحالية من كل الثغرات، التي تقنن الفساد، وتشديد العقوبات، وإعلاء شأن الشفافية، وإصلاح النظام الضريبي. وأشار في هذا الصدد الى أنواع عديدة من الفساد المالي والإداري والسياسي تتطلب المواجهة . وقال: "إذا بدأ الناس يتبرعون تمشياً مع نهج السيسي، فمن حقهم أن يعرفوا إلى أين ستذهب تبرعاتهم؟".
ويقترح تشكيل لجنة أهلية تشرف على كيفية التصرف في المبالغ المتبرع بها لضمان حسن إدارتها، بعيداً عن أطر الفساد، التي لا تزال متحكمة في البلاد.

وفي الاتجاه ذاته، يحذر الخبير الاقتصادي، عبد الخالق فاروق، من خطورة آليات الفساد الممنهج، والتي ما زالت قائمة منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك. وقال إن هذه الآليات هي التي ساعدت على نهب المال العام في قضية الخصخصة، فضلاً عن الفساد فى المحليات والصناديق الخاصة المقننة للفساد، حيث سمح القانون لكل هيئة أو محافظة أن تنشئ ما تشاء من صناديق خاصة خارج إطار الموازنة العامة للدولة.

وهكذا، كما يقولون، كلنا بنحب مصر.. لكن بأي شكل يكون الحب؟ وهل بالتبرعات تحل المشكلات؟ أم أن الأولى مواجهة حاسمة وحقيقية للفساد توفر للدولة مبالغ بالمليارات، إذا توافرت إرادة سياسية لذلك؟. ولكن من أين تتوافر هذه الإرادة؟ طالما أن نتيجتها الطبيعية القضاء تماماً على كل فاسد في عهد مبارك، بينما رجال مبارك هم الذين يتصدرون الآن  المشهد السياسي في مصر بعد 3 يوليو/تموز.

 

 

 

المساهمون