استمع إلى الملخص
- **استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج:** تعتمد العائلات على منصات مثل "فيسبوك" للترويج لعروض تأجير المنازل، مع عقود شفوية تتطلب الثقة، وإجراءات احترازية مثل الاحتفاظ بنسخ من الوثائق الشخصية.
- **تفضيل الشقق المفروشة على الفنادق:** يفضل المصطافون الشقق المفروشة لتكلفتها الأقل وخصوصيتها مقارنة بالفنادق، مع مرونة في الأسعار تعتمد على مدة الإقامة.
ابتدع العديد من العائلات الجزائرية ذات القدرة الشرائية الضعيفة طرقاً مختلفة للحصول على دخل إضافي خلال موسم الصيف، لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة وسط الغلاء المستمر لأسعار غالبية المنتجات واسعة الاستهلاك.
فقد دفعت الظروف المعيشية الصعبة عائلات جزائرية من ذوي الدخل الضعيف، لتأجير منازلها الخاصة شققاً مفروشة للسيّاح والمصطافين، كون هذه المنازل تقع بالقرب من شواطئ البحر، حيث يكثر الطلب عليها لقضاء فترة العطلة الصيفية، وتعتبر ولايتا جيجل وسكيكدة ومدينة القالة الواقعة على السواحل الشرقية للبلاد الأكثر استعمالاً لهذا النوع من النشاطات ذات الطابع السياحي.
وتُعتبر إيرادات الكراء (الإيجار) مصدر دخل إضافي مهما للعائلات المعنية بهذا النوع من "النشاطات"، لتواجه من خلالها هذه الشريحة من المجتمع مصاريف كبيرة ترتبط بالإنفاق الاجتماعي والمدرسي وتكاليف مباشرة ترافقهما، تصل على أقل تقدير إلى سبعة آلاف دينار جزائري عن كل طفل متمدرس.
عرفت ظاهرة كراء المنازل الشخصية للسياح والمصطافين أبعاداً أخرى بعد انتشار اللجوء إلى وسائط التواصل الاجتماعي، لا سيما "فيسبوك"، حيث يستعمل أصحاب هذه الشقق الفضاء الأزرق وبعض المواقع المتخصصة للبيع والكراء لـ"الإشهار" والترويج لعروض كراء منازلهم، بدلاً من الأسلوب المستعمل في وقت سابق، القائم على انتقال المعلومة بين الأفراد (الأصدقاء والأقارب) في حدود ضيقة.
وعادة ما تكون صيغة إجراء "عقد" الكراء بطريقة شفوية وغير رسمية، وهو الأمر الذي يجعل الطرفين يتجنبان تحمل أي رسوم أو ضرائب خاصة بالتسجيل، وبالمقابل يفرض هذا النوع من المعاملات ضرورة توفر مبدأ "الثقة" بالدرجة الأولى، على أنّ بعض من يمارس هذا النشاط يُفضّل الحفاظ على نسخ طبق الأصل من الدفتر العائلي أو بطاقات التعريف لزبائنه، كحماية إضافية لحقوقه.
ويلجأ آخرون، حسب مؤجرين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، إلى إضافة بعض المبالغ فوق مبلغ الكراء، كضامن للحفاظ على الشقة والمقتنيات الموجودة فيها، واسترجاعه من قبل المستأجر عند التأكد من عدم تخريب أي جزء من الأجزاء المنزل، وهي المبالغ التي لا تضاف في حالة توفر الثقة بين الطرفين.
نقص المرافق السياحية وغلاء تكاليفها
على الجانب الآخر، يفضل المصطافون القادمون من المناطق الداخلية وجنوب البلاد كراء هذا النوع من الشقق، كونها تعتبر أقل تكلفة من الإقامة في الفنادق أو المركبات (وحدات داخل فندق أو مجموعات شقق أو شاليهات) السياحية، بصرف النظر عن نقص هذه المرافق مقارنة بحجم الطلب، حيث يقدر متوسط تكلفة قضاء ليلة واحدة في فندق مقبول (بنصف إقامة توفر فطور الصباح فقط) بعشرة آلاف دينار جزائري للفرد الواحد (74.36 دولاراً)، وبالتالي فإنّ تكاليف إقامة أسرة تتكون من أربعة أفراد تصل في أقل تقدير إلى 40 ألف دينار (297.45 دولاراً)، وهو مبلغ مرتفع بالمقارنة مع تسعيرة كراء الشقق المفروشة، أو حتى بالنظر إلى القدرة الشرائية للمواطنين.
وبالإضافة إلى هذا، تعتمد الأسر الراغبة في قضاء عطلة الصيف بالقرب من شاطئ البحر على كراء الشقق المفروشة كحل لتقليص تكاليف الإقامة إلى أقصى حد ممكن، حيث قال محمد (مواطن من ولاية أدرار في جنوب البلاد وهو أب لطفلين) لـ"العربي الجديد" إنّ "خيار الإقامة في شقة تتكون من ثلاث غرف يتيح لي تقاسم التكاليف بيني وبين شقيقي"، وذلك من خلال إقامة الأسرتين الصغيرتين في نفس الشقة، فالتسعيرة لا تأخذ بعين الاعتبار عدد الأفراد، كما هو الشأن بالنسبة للإقامة في الفنادق أو المركبات.
حل لتقليص التكاليف
وأشار محمد إلى أن الأسعار المطبقة على الكراء عادة ما تخضع أيضاً لمنطق التفاوض، على الرغم من أنها تتراوح في المتوسط بين أربعة آلاف إلى سبعة آلاف دينار (29.74 إلى 52.05 دولاراً) في الليلة، وبالتالي فإنّ المبلغ غير ثابت بل هو مرشح للانخفاض تارة بفضل قوة التفاوض مع المؤجر، وتارة أخرى حسب عدد الأيام المراد قضاؤها، فكلما كانت المدة أطول كانت التسعيرة مرشحة للانخفاض أكثر.
ويفضل البعض، أيضاً، تأجير شقة على الإقامة في الفندق لضمان خصوصية أكبر لهم ولعائلتهم، كما هو الحال بالنسبة إلى عبد القادر (مواطن من ولاية سطيف شمال شرقي البلاد)، فقد ذكر أنّ الإقامة في الفنادق لإمضاء عطلة الصيف لا تستهويه، ويؤثر عليها كراء منزل أو شقة منفردة، تتيح له ولعائلته الخصوصية المنشودة وحرية الدخول والخروج وعدم التقيّد ببرامج الفنادق ومواعيد وجبات الإفطار وغيرها.
وجاءت الجزائر في المرتبة الـ95 عالمياً من بين 108 دول في ترتيب أغلى بلدان العالم الذي يُصدِره موقع "Worlddata.info" بمؤشِّر تكلفة معيشة بلغ 28.1، بينما بلغ مؤشِّر القدرة الشرائية فيها 18.2، الأمر الذي يؤكِّد معاناة المواطن الجزائري البسيط من الفجوة التي تزداد اتِّساعاً بين قدرته الشرائية المنكمشة وتكاليف المعيشة المتزايدة. ويوفِّر هذا الموقع قراءة آنية لمتوسِّط الراتب الشهري الذي بلغ 327 دولاراً في الجزائر، بينما وصل إلى 7878 دولاراً في النرويج، و4097 دولاراً في الإمارات، و3774 دولاراً في فرنسا، و2307 دولارات في السعودية.
تستهدف الحكومة خفض نسبة التضخم التي تتراوح حالياً من 7% و8% إلى 4%، وفق ما قاله الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في مقابلة مع وسائل إعلام نهاية مارس/آذار الماضي، فضلاً عن الحفاظ على نسبة النمو الاقتصادي عند مستوى 4.2% الذي تحقق العام الماضي، واستهداف ناتج محلي في نهاية 2026 بقيمة 400 مليار دولار.