جدلية الراتب والطالب

15 يوليو 2017
+ الخط -
بينما يقف الموظف اليمني عاجزًا عن دفع إيجار مسكنه، ومحترقًا بنار الحرب والكوليرا، يقف أبناؤه عاجزين عن توفير مصروف الدراسة اليومي، وكذا دفع الأقساط الدراسية المتبقية عليهم، لكلياتهم وجامعاتهم، وذلك للعلاقة المتينة بين راتب الأب ومصروف الابن مع معظم الموظفين.
وبما أن هذه المشكلة بسيطة في تركيبها وغير معقدة، ولا تحمل لوغاريتمات رياضية، ولا مناهج تحليلية، ولا تَمُتُ بصلةٍ لعلم الميتافزيقا، يظل بعض أكاديمي الجامعة عاجزين عن فهمها، والأصح متعاجزين بالمفهوم الأكاديمي الجديد، فينظرون إلى الطالب كأنه ليس من المتضرّرين من هذه الأزمة التي يمر بها الوطن، نتيجة تجار الحروب وساسة الإجرام، وكأنه أتى من هولندا وليس ابن الموظف اليمني الذي له ما يقارب العام صامتًا، وربما صامدًا بدون راتبٍ يسدّ به حاجته وحاجة أبنائه.
الدكتور الجامعي أيضًا جزء من الموظف اليمني الذي عانى ويعاني وسيعاني، ما دام هو الذي يحمل أكبر شهادة أكاديمية عالمية، ولا يزال عاجزًا عن وضع الحلول للمشكلات التي يعاني منها هو، ويعاني منها الطالب، فلا أحد ينكر ما قدمه الدكتور الجامعي من جهود عظيمة في سبيل الوقوف مع الطالب في أحلك القضايا، خصوصًا وجميعها قضايا مصيرية، تمس مصلحة العلم وطلابه وحاملي راياته (الدكاترة)، ولكن أن تُرمى كل هذه القضايا على كاهل الطالب اليمني المنهك، هذا ما يسمّى الأنانية الأكاديمية، وهو وباء جديد أصاب بعض الدكاترة الأجلاء، وليس جُلّهم وحاشا ذلك.
فعندما يقضي معظم الطلاب وقتهم الدراسي وقوفاً على باب الكلية التي يدرسون بها، مرميون خلف القضبانٍ كسجناء بلا تهمٍ، بعد أن خذلتهم أيدي العدالة، فيمر دكتور جامعي من وسط ازدحامهم صامتًا، لا يستطيع أن يقف مع الطالب بالكلمة ويطمئنه أنه سيحاول البحث عن حل لهذه المشكلة، عندها فأعلم أن الدكتور مصاب بوباء الأنانية الأكاديمية.
عندما تهرع، كي تحظى باللحاق بعميد الكلية، لتخبره أنك لا تستطيع الدفع، ولكنك قادر على المجيء مشيًا على الأقدام ساعتين، فيقول لك بأسلوب مستفز وبلا اكتراث: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، أوقف القيد ما دمت غير قادرًا على دفع المال المتبقي عليك للكلية" وكأنه لا يعنيه أمر الطالب الفقير، فمؤكدٌ أنه مصاب بوباء الأنانية الأكاديمية.
لست ممن يتحامل على الدكاترة الذين علمونا ولا زالوا يقدّمون من أجلنا الكثير، ولكني ضد أن يبقى الدكتور دكتورًا يدرّس بضعة طلاب، وهم الذين استطاعوا إلى الدفع سبيلا، بينما يصبح بقية الطلاب متسولين على أبواب الكليات، أو تائهين في الشوارع، بسبب تصرفات غير إنسانية من بعض الأشخاص.
D3DEB331-FD61-412F-A981-A02DF5C92998
D3DEB331-FD61-412F-A981-A02DF5C92998
مطهر الخضمي (اليمن)
مطهر الخضمي (اليمن)