العرب والفشل في الاختبار

27 مايو 2018
+ الخط -
اتخذ الرئيس الأميركين دونالد ترامب، في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 2017، قرارا باعتبار القدس المحتلة عاصمة لدولة إسرائيل، ونية واشنطن نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو القرار الذي كان يعتقد رؤساء أميركا السابقون أنّ بإعلانه قد يُفتح بابا جديدا للصراع الأميركي الشرق أوسطي، وفصلا معقدا من الأزمات في الشرق الأوسط، غير أن ترامب جازف بذلك، واعتبره مجرد اختبارٍ أخير لمواقف العرب والمسلمين، فكان ما أراد، حين رأى ضعف مواقف الحكومات، فهو بخبرته الطويلة في عقد الصفقات التجارية، وبيع المواقف السياسية وشرائها، استطاع أن يمرّر هذا القرار مثل مرامبٍ يُجيد تسويق النبيذ وبيعه على زمرةٍ من المسلمين الأغنياء.
وفي وقت لاحق، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، هذا القرار، وقالت في بيان "نحن بغاية السرور لقيامنا بهذا التقدم التاريخي، وننتظر بفارغ الصبر الإفتتاح في مايو/ أيار"، لتبدأ واشنطن، بحسب تصريحات مسؤولين في وزارة الخارجية، إجراءات نقل السفارة إلى القدس.
وقال نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، في زيارته إسرائيل، أنّ من شأن قرار نقل القدس أن "يسهم في دفع عملية السلام إلى الأمام"، مؤكدا أنّ قرار ترامب بشأن القدس "تصحيح خطأ عمره سبعون عامًا".
في المقابل، تهافتت الإدانات والبيانات العربية والإسلامية التي تطالب واشنطن على استحياء بالعدول عن قرارها الذي من شأنه عرقلة عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية التي تقودها واشنطن.
ولكن السياسة الأميركية كانت أكثر معرفةً بما سيحدث حيال هذا القرار، فدبلوماسية التنديد والإستنكار هي من صنعتها وروجتها، وظلت ترضي بها حلفاءها في الشرق الأوسط عقودا، لتمنح ما لا تملك لمن لا يستحق.
وفي المواقف السلبية نفسها التي انتهجتها واشنطن، أعلنت رسميا افتتاح سفارتها في القدس، يوم 14 مايو/ أيار الجاري ، مستغلةً الإنقسام العربي الحاصل على مستوى البلدان، بل على مستوى البلد الواحد، ما أثر سلبا على رؤية توحيد المواقف السياسية التي تخص القضايا القومية، وهو الأمر الذي تبنته الدول العدوانية، لزرع الخذلان في صدر الأمة العربية والإسلامية.
جاء تاريخ افتتاح سفارة واشنطن في القدس تزامنا مع يوم العودة الفلسطيني، ليشرب فيه سياسيو الولايات المتحدة ودولة الإحتلال الصهيوني، نخبا معتقا من دماء 62 شهيدا، وأكثر من 2500 جريح، من المدنيين الُعزل، والذين استهدفتهم قوات الإحتلال بالرصاص الحي، وهو ما لا يدعو للشك صورة ذُل قوى الباطل وخوفها، على الرغم من سلاحها، من أصحاب الحق، وإن كانوا عُزّل لا يملكون الرصاص، بل الحجارة الصلبة كعزائمهم، والثبات الراسخ في نفوسهم، فقد قال الشيخ محمد الغزالي عن مثل هذه المواقف "هناك ساعة حرجة يبلغ فيها الباطل ذروة قوته، ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول"، فقد حقق المقاومون بصبرهم أسمى درجات الثبات، وبشدتهم، أبلغ الدروس في تجسيد معاني العزة والكرامة.
D3DEB331-FD61-412F-A981-A02DF5C92998
D3DEB331-FD61-412F-A981-A02DF5C92998
مطهر الخضمي (اليمن)
مطهر الخضمي (اليمن)