على مدار ثلاثة أعوام منذ الانقلاب العسكري على الرئيس المعزول محمد مرسي، بقيادة عبد الفتاح السيسي، يروّج الأخير لسيناريو "الإرهاب" بقوة، لضمان بقائه في السلطة. وتحت وطأة تعرّض مصر للإرهاب، بحسب رؤية النظام الحالي، أطلق السيسي يد وزارة الداخلية للتنكيل بكل معارضيه.
ويكشف أكاديمي مقرّب من النظام الحالي، عن تقديم عدد من الخبراء المتخصصين في الشأن السياسي مقترحات لمؤسسة الرئاسة بالإفراج عن الشباب الذي لم يثبت تورطه في العنف. ويقول الأكاديمي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك شعوراً بتوليد فترة عنف جديدة بعد التجاوزات الكبيرة لجهاز الشرطة، والسعي للانتقام لكرامته عقب ثورة 25 يناير، وفق ما ترى قياداته". ويضيف أن "تلك المبادرة جاءت بعد تصريحات السيسي في أكثر من مناسبة، بوجود مظلومين داخل السجون، وأنه يراجع مواقف أغلبهم تمهيداً للإفراج عنهم".
ويشدّد على "أنه حتى الآن لم يظهر مردود فعلي لتصريحات السيسي"، محذّراً من "توليد أفكار تكفيرية داخل السجون، مثلما حدث في فترات سابقة، فأغلب أفكار حمل السلاح كانت وليدة السجون في عهود ظلم سابقة". ويذهب إلى حدّ القول إن "مسألة الترويج للإرهاب وجعلها شمّاعة لكل الفشل الذي تشهده مصر في عهد النظام الحالي، لم تعد تنطلي على الشعب المصري أو حتى القوى الخارجية".
كما يشير الأكاديمي إلى أن "المجتمع الدولي يتخوّف بشدة من موجة عنف شديدة بفعل الزجّ بالآلاف من الشباب في السجون، وهذا محور هام في مناقشات الاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية مع خبراء وشخصيات عامة مصرية". من جهته، يقول القيادي بـ"الجبهة السلفية المصرية"، خالد سعيد، إن "3 يوليو جاءت نتيجة تزاوج الفساد والدولة العميقة، وفشل الفئات السياسية في مصر وعلى رأسها الإسلاميون التقليديون تليهم القوى العلمانية، فكلاهما وثق في المجلس العسكري وهو صلب الدولة العميقة وعمودها الفقري".
ويلفت إلى أن "النظام الحالي صنع الإرهاب حين جعل العقل الجماعي المصري متشوقاً للدماء، يوم شيطنة خصومه من الإسلاميين مطلقاً عليهم جيوش البلطجية المسلحة، وحين أخرجهم للشوارع لقتلهم وسفك دمائهم في الحرس والمنصة ورابعة والمظاهرات، كما انتهج التصفية العشوائية لأبرياء 6 أكتوبر وأبرياء الميكروباص بزعم قتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني وغيرها".
ويكشف الشاب عن "وجود تحوّلات فكرية لدى قطاع من الشباب، ما دفعهم لتطوير أدائهم بتشكيل مجموعات لردع قوات الأمن خلال الهجوم على التظاهرات الرافضة للانقلاب، بعد عمليات قتل واسعة في التظاهرات التي أعقبت فض اعتصامات أنصار مرسي، وظهرت مجموعات العقاب الثوري والمقاومة الشعبية، وردع وغيرها". ويستطرد: "الإخوان لا تريد الجنوح للعنف، ولو أرادت لفعلت ذلك في أصعب اللحظات، ولكن الخوف هو على الشباب الإسلامي غير المحصّن من أفكار التكفير وحمل السلاح، والذي قد يلجأ بفعل ضغوط معينة لمواجهة النظام بالقوة".
ويجدّد الخبير الأمني، العميد محمود قطري، مخاوفه من أن "تؤدي سياسات النظام الحالي العنيفة تجاه الشباب والأطياف السياسية المختلفة، إلى استيلاد فترة من العنف خلال الفترة المقبلة". ويقول قطري لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تجارب في دول عدة، حين يلجأ فصيل أو فئة لحمل السلاح أو ممارسة العنف، رداً على عنف السلطات والأنظمة والقمع والانتهاكات والتصفيات الجسدية وغيرها من التجاوزات". ويضيف أن "الآلاف من الشباب في السجون وأغلبهم لم يثبت تورطهم في عنف أو حمل سلاح، وبالتالي هؤلاء مشاريع متطرفين، في ظلّ الشعور بالظلم والقهر". ويشير إلى أن "ممارسات الداخلية تسيئ للنظام الحالي أكثر مما تفيد بالقبض على المئات من الشباب المعارض من خارج التيار الإسلامي". ويلفت الخبير الأمني، إلى أنه "لا بدّ من معالجة الشباب داخل السجون نفسياً، والبدء في إخلاء سبيلهم بشكل عاجل، إذ أن كل يوم في السجن يؤدي لتحولات فكرية خطيرة". ويوضح أن "الانسداد السياسي وعدم تمكين الشباب تربة خصبة لانتشار أفكار حمل السلاح"، مشيراً إلى "انتقال شباب لا ينتمون للتيار الإسلامي من مصر للقتال في سورية والعراق".