يشهد حزب النهضة سجالا داخليا في تونس، منذ اغتيال الشهيد محمد الزواري على يد الموساد والمناداة بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني. ففي حين دعمت أصوات داخل الحزب والكتلة البرلمانية طلبات تمرير مشروع قانون يتعلق بتجريم التطبيع، اعتبر القيادي بالنهضة، رئيس حكومة الترويكا سابقا علي العريض، أن الأمر سيضر بمصالح البلاد.
وفي تدوينة على صفحته الرسمية، قال العريض إن "التعاطي مع كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية والسياسة الأمنية يجب أن يكون متسما بأعلى درجات الروية والتمحيص، فيجب تجنب التسرع والانفعال والمزايدات لدى تناول هذه المواضيع الأكثر خصوصية وحساسية من الملفات الاقتصادية والاجتماعية".
وأوضح القيادي أن "تونس ضد التطبيع ولا تحتاج إلى قانون في الغرض"، مشيرا إلى أن "سن قانون يجرم التطبيع لا يحل مشكلة قائمة، ولم يطلبه الفلسطينيون فهو لا يضيف لهم شيئا، وإنما يضع تونس أمام مشاكل جديدة وعويصة مع عدد كبير من الدول الشقيقة والصديقة، ومع مؤسسات دولية كثيرة".
وتساءل حول ما إذا كان تجريم التطبيع سيخدم موقع تونس وصورتها دوليا، لا سيما بعدما نال منها الإرهاب في الساحة الدولية، وحول حقيقة الدوافع التي ستجعل البلاد تغير أولوياتها المعروفة، وهي التنمية والإصلاح الاقتصادي، ومواصلة الحرب على الإرهاب والجريمة والفوضى وترسيخ الديمقراطية، نافيا أن يكون هذا القانون خدمة لأمن تونس، وسيحقق أهدافها وطموحات شعبها.
وأوضح رئيس الحكومة الأسبق أن "الموضوع لا يتعلق بالقانون، وإنما يدخل بمجال السياسة، إذ هي من مشمولات السلطة التنفيذية برأسيها، وتأتي في إطار خيارات سياسية تتجاوب مع المجتمع، ويكون للسلطة التشريعية دور التقييم والمراقبة لا التشريع".
ودعا التونسيين إلى التركيز على قضايا البلاد وأولوياتها، آملاً أن تكون ساستها ومثقفوها وإعلاميوها قادة للوعي والتنوير، حريصين على سلامة بوصلة تونس، وأن يحذروا الشعبوية والتجاذب، "فقوتنا في وحدتنا الوطنية"، على حد تعبيره.
في المقابل، رد عدد من قيادات الحزب على العريض، مشيرين إلى أن القضية الفلسطينية تعد أم القضايا وبوصلة التونسيين. وأبرز القيادي بحزب "النهضة"، النائب بكتلتها البرلمانية عبد اللطيف المكي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "لا رأي موحدا داخل الحزب حول مسألة إدراج تجريم التطبيع، كما أنها لم تطرح في الوقت الحالي داخل حزب النهضة، وأنها متى طرحت، ستكون محل تصويت يحسم الجدل بين المنادين بتجريم التطبيع والمعترضين عليه".
وأضاف المكي أنه "يجب أن يتم توضيح المفاهيم والمقصود بتجريم التطبيع، فالدولة بحكم التزاماتها العربية، والتزامات أحزابها داخليا، لا يمكن أن تكون مطبعة مع الكيان الصهيوني، أما القانون فسيسن في حق الأفراد والجمعيات، ولذلك يجب توضيح معنى التطبيع قبل سن القانون". وأكد أنه "لا يرى مانعا في إدراج منع التطبيع صلب تشريع خاص".