لا يبدو سيناريو الديون اللبنانية بعيداً عن تونس، التي قد تضطر، وفق مسؤولين وخبراء اقتصاد، إلى طلب جدولة ديونها الخارجية، بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها الدولة، والتي يتوقع أن تزداد حدة مع تداعيات فيروس كورونا على قطاعات حيوية مثل السياحة وتصدير الفوسفات.
وبحسب خارطة الدين الخارجي، التي كشف عنها البنك المركزي مؤخراً، ينتظر أن تسدد تونس في إبريل/ نيسان المقبل قسطا بقيمة 200 مليون دولار، بالإضافة إلى 444 مليون دولار في يونيو/حزيران.
وأكد مصدر مسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد" أن آجال سداد الديون تأتي في وضع اقتصادي محلي وعالمي صعب، مشيرا إلى أن بلاده كانت تعول على صرف دفعة من قرض صندوق النقد الدولي خلال الفترة الماضية، من أجل الوفاء بالدين المستحق في الشهر المقبل، لكن المفاوضات مع صندوق النقد توقفت خلال الفترة الماضية بسبب الانتخابات وتعثر تشكيل الحكومة الذي استمر عدة أشهر قبل تشكيلها نهاية فبراير/شباط الماضي.
وقال الخبير الاقتصادي ووزير المالية السابق سليم بسباس إن "70 في المائة من التمويلات الخارجية التي تحتاجها تونس مرتبطة بالتفاوض مع صندوق النقد، وأي تأخير أو تعثر في المفاوضات قد يجبر الحكومة على طلب جدولة الدين الخارجي أو تعليقه".
وأضاف بسباس أن " الحكومة في وضع حرج ومدعوّة إلى إيجاد حلول سريعة لتوفير الموارد المالية اللازمة للموازنة"، مرجحا أن تجد حلولا لسداد قسط الـ200 مليون دولار الذي يحل أجله الشهر القادم، لكن تظل الاستحقاقات المقبلة رهينة الوضع المالي الصعب.
وقبل 7 أشهر، علّق صندوق النقد الدولي المفاوضات مع تونس بشأن ما تبقى من أقساط القرض الذي وقعت عليه البلاد منذ مايو/أيار 2016 بقيمة 2.8 مليار دولار.
وتزامنت آخر مهمة لخبراء صندوق النقد في تونس في سبتمبر/ أيلول، مع انشغال السلطات بالانتخابات التشريعية والرئاسية التي أفضت إلى انتخاب البرلمان الحالي برئاسة حركة النهضة ووصول قيس سعيد إلى منصب الرئاسة.
وتسعى حكومة إلياس الفخفاخ، إلى إقناع خبراء صندوق النقد بإتمام المراجعة السادسة قبل 20 مارس/آذار الجاري، من أجل ضمان صرف قسط أخير من القرض بقيمة 450 مليون دولار.
وقبل نحو أسبوع، قال رئيس الحكومة التونسية، في تصريحات صحافية، إن بلاده أضاعت على نفسها المراجعتين السابعة والثامنة، اللتين كان على أساسهما سيُصرَف نحو مليار دولار، وذلك بسبب عدم اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب.
وتمكنت تونس في المراجعات الخمس السابقة من سحب نحو 1.6 مليار دولار، ساهمت في تمويل عجز الموازنة وتوفير النفقات اللازمة للأجور والدعم، وفق البيانات الحكومية.
ووفق بسباس، فإن هشاشة الوضع الاقتصادي مرجحة للارتفاع، بسبب فيروس كورونا، الذي تسبب في شلل عالمي لحركة النقل والسلع، مرجحا أن تلجأ الحكومة إلى حلول تقشفية للإفلات من السيناريو اللبناني.
غير أن فرضية جدولة الدين تبقى قائمة بحسب تأكيده. وكان لبنان قد علق في وقت سابق من مارس الجاري سداد ديون مستحقة في ظل الصعوبات المالية التي تواجهها.
وقال بسباس إن الخروج للسوق العالمية، من دون التوافق مع صندوق النقد، سيجبر الحكومة على قبول شروط مجحفة للحصول على القروض المطلوبة، مشيرا إلى أن جدولة الدين أو تعليقه ستكون لهما كلفة كبيرة.
لكنه توقع تفادي الحكومة هذا السيناريو "إذا نجحت في تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية، وحصلت على تمويلات أو مساعدات في إطار مباحثات ثنائية قد تجريها مع دول صديقة وشقيقة". وتقدر الاحتياجات التونسية من التمويلات الخارجية خلال العام الجاري بنحو 4 مليارات دولار.
ولم تكشف حكومة الفخفاخ عن هيكل موارد التمويل الخارجي، فيما يشدد البرلمان قبضته على كل طلبات الاقتراض الجديدة من قبل الحكومة، في ظل الخوف من اتساع الدين العام.
ومؤخرا رفضت لجنة المالية في البرلمان، المصادقة على طلب قرض بقيمة 750 مليون دينار (245 مليون دولار) تقدمت به مؤسسة نقل حكومية من أجل اقتناء معدات وعربات لصالح خطوط حديدية لنقل المسافرين.