واصلت قوات المعارضة السورية تصدّيها لمحاولات قوات النظام الهادفة لتحقيق تقدّم في ريف اللاذقية الشمالي، وجاءت هذه المحاولات من قِبل قوات النظام في وقت تواصل فيه هجماتها على مناطق سيطرة المعارضة في ريف جسر الشغور، الواقع إلى الغرب من إدلب، في محاولة لفك الحصار عن قوات النظام المحاصرة في مستشفى جسر الشغور.
وأنتج هذا القتال المتزامن على جبهتي جسر الشغور والساحل السوري، حالة من التلازم بين الجبهتين، خصوصاً مع كون غرف العمليات العسكرية لقوات المعارضة وقوات النظام واحدة على الجبهتين، ما جعل إدارة القتال على نقاط التماس على طول خط الاشتباك يتم بشكل يتوافق مع وضع الاشتباكات على النقاط الأخرى.
انطلاقاً من ذلك، حاولت قوات النظام إحراز تقدّم منذ يوم الجمعة على خطوط التماس مع المعارضة في منطقة جبال الأكراد قرب تلة النبي يونس الاستراتيجية التي تسيطر عليها قوات النظام، والتي تُعتبر أعلى قمة جبلية في سلسلة جبال اللاذقية، لكن قوات المعارضة ممثلة بالفرقة الساحلية الأولى التابعة للجيش السوري الحر تمكّنت من صد قوات النظام بعد أن كبّدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وأعلن المكتب الإعلامي للفرقة، أن قواتها تمكّنت من هزيمة قوات النظام التي حاولت التقدّم على محوري جب الغاز وجب الأحمر قرب قمة النبي يونس في ريف مدينة اللاذقية، إثر معارك عنيفة في المنطقة نتج عنها مقتل أربعين عنصراً من قوات النظام. وقال المكتب إن اشتباكات عنيفة اندلعت بشكل متزامن في محور وادي سماكوفي القريب من قمة الجلطة التي تسيطر عليها قوات النظام.
ولفت الناشط مهند البانياسي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن المعارضة تمكّنت من صدّ هجوم النظام الكبير في المنطقة بسبب كثافة النيران من قِبلها. وأكد أن الفرقة الساحلية الأولى قامت بقصف نقاط تمركز قوات النظام في قمة النبي يونس وفي منطقة كتف الجلطة بقذائف المدفعية والهاون، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف النظام.
اقرأ أيضاً: النظام السوري يحاول التسلل إلى جسر الشغور
في سياق متصل، حاولت قوات النظام لليوم الثامن على التوالي التقدّم نحو مدينة جسر الشغور من مناطق سيطرتها في بلدة فريكة وتلة القرقور، جنوب جسر الشغور، لكن المعارضة ممثّلة بحركة "أحرار الشام" وكتائب "أنصار الشام"، استطاعت التصدي لها.
وأوضح عضو المكتب الإعلامي في حركة "أحرار الشام"، يمان عبد العليم، لـ"العربي الجديد"، أن قوات الحركة تواصل تصدّيها بالاشتراك مع جميع فصائل المعارضة المنضوية في صفوف "جيش الفتح"، لقوات النظام التي تحاول التقدّم نحو بلدة "المشرفة" الاستراتيجية، جنوب مدينة جسر الشغور، والتي تطل على أوتوستراد حلب ـ اللاذقية الدولي الذي تسيطر عليه المعارضة، مشيراً إلى أن المعارضة تواصل تصدّيها لقوات النظام التي تحاول التقدم من بلدة فريكة وحواجزها في تل حمكي وتل القرقور نحو تل خطاب الذي تتمركز عليه قوات المعارضة ويشكّل خط دفاعها الأول عن مناطق سيطرتها في جسر الشغور وريفها.
فشلُ قوات النظام بإحراز أي تقدم ميداني في المنطقة، دفعها إلى شن حملات قصف غير مسبوقة على مناطق سيطرة المعارضة في ريف إدلب الغربي. وأوضح عبد العليم أن طائرات النظام شنّت أكثر من خمسين غارة جوية على جسر الشغور وريفها، يوم السبت فقط، كما قامت مدفعية النظام بقصف مناطق تمركز قوات المعارضة في تل خطاب وقرية المشرفة.
ويشير هذا التلازم بين جبهتي الساحل السوري وجسر الشغور إلى مدى استنزاف طاقات قوات المعارضة وقوات النظام في الوقت نفسه على الجبهتين المشتعلتين، فقوات النظام تحاول تشتيت المعارضة التي تتمسك بمناطق سيطرتها في جسر الشغور وريفها، من خلال مهاجمتها في منطقة جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، لكن المعارضة ما زالت قادرة على تكبيد النظام خسائر كبيرة على الجبهتين في وقت واحد، ليكون قتال قوات النظام على الجبهتين معاً ذو أثر سلبي عليها بدلاً من أن يساعدها في تشتيت المعارضة التي تمكنت إلى الآن من استنزاف وتشتيت النظام على الجبهتين.
ويبدو أن التنسيق العالي بين مختلف فصائل المعارضة وقيامها بحشد إمكانياتها العسكرية لمعركة ريف إدلب الغربي وجبال الساحل السوري عموماً ومعركة جسر الشغور خصوصاً، مكّنها من استنزاف قوات النظام التي ما زالت غير قادرة على إنجاز أي تقدّم ميداني يذكر منذ تمكّن قوات المعارضة من السيطرة على مدينة جسر الشغور نهاية الشهر الماضي.
اقرأ أيضاً: معركة الساحل السوري... هل تحسم مصير النظام؟