تكنولوجيا التعرف إلى الوجوه والعنصرية

08 نوفمبر 2019
+ الخط -
عدد من الباحثين في جامعة MIT قاموا بإجراء اختبارات لقياس دقة برامج التعرف على الوجه Facial Recognition Software التي تستخدمها كبريات شركات التكنولوحيا (آبل وفيسبوك وغوغل وأمازون). خلصت الدراسة إلى أن مقدرة هذه البرامج إلى التعرف على الوجوه تعتمد على الجنس واللون.


فبينما سجلت البرامج دقة عالية في التعرف إلى صور الرجال من أصول أوروبية Caucasian Men بنسبة بلغت 99%، إلا أنَّ دقتها في التعرف إلى صور النساء ذوات البشرة الداكنة كانت مخيبة للآمال، إذ لم تتجاوز الـ65%. 

كما خلصت الدراسة إلى أن دقة البرامج في التعرف إلى صور الرجال من أصول أوروبية هي أعلى من دقتها في تمييز النساء من أصول أوروبية. على الجانب الآخر، سجلت الاختبارات دقة أعلى بكثير في التعرف إلى الرجال أصحاب البشرة الداكنة مقارنة بالنساء ذوات البشرة الداكنة.

لكن أكثر ما أثار ضجة لدى الرأي العام، هو فشل تلك الاختبارات في التعرف إلى شخصيات نسائية تتمتع بشعبية واسعة مثل ميشيل أوباما وأوبرا.

عزا الباحثون هذه الظاهرة إلى أن نسبة كبيرة من المبرمجين الذين قاموا بتطوير برامج التعرف إلى الوجه هم من الرجال البيض؛ وهذا ما يعزز فرضية استخدامهم لصورهم (وصور أصدقائهم) في مرحلة تطوير الخوارزميات Logarithms الخاصة بالبرنامج؛ وهو الشيء الذي جعل هذه البرامج أكثر مقدرة على التعرف إلى صور الرجال البيض مقارنة بباقي الفئات.

شركات التكنولوجيا بدورها رحبت بنتائج الدراسة وتعاملت معها بإيجابية؛ فقامت معظم الشركات آنفة الذكر بتطوير برامجها، وهو ما زاد من فعاليتها وكفاءتها.

لا يغيب عن فطنة القارئ أن هذه الثغرات تزامنت مع بداية إطلاق البرامج؛ أما اليوم فقد شهدت هذه البرامج تطوراً كبيراً عزز من فعاليتها ومقدرتها على التعرف إلى الوجوه. حتى أن الأجهزة الأمنية في أميركا وأوروبا والصين، أصبحت تربط كاميرات المراقبة المنتشرة في المطارات ومحطات القطار ببرامج الـFR للتعرف على خلفيات المسافرين.

فعند التقاط صورتك من قبل الكاميرات المنتشرة، يتم مقارنتها بصورك الموجودة في قاعدة البيانات، وهكذا يتم التعرف إلى شخصيتك وسجلاتك. فإذا كنت من الأشخاص كثيري السفر، وإذا خلا سجلك من أي ملاحظات أو نقاط تساؤل، فإن موظفي الأمن يقومون بتسهيل إجراءات سفرك. أما إذا كنت ضمن قوائم المراقبة، او احتوى سجلك على أي إشارة استفهام، فإن موظف الأمن يقوم باختيارك بدقة من بين مئات المسافرين، لإخضاعك لمزيد من الفحص والتفتيش.

توقفتُ قبل شهر في مطار شيكاغو في طريقي إلى هيوستن. لاحظت أن عدداً من عناصر الأمن جاؤوا إلى بوابة الدخول إلى الطائرة (وهذا إجراء غير معتاد في المطارات الأميركية) وأخذوا في استدعاء بعض المسافرين بصورة عشوائية لإخضاعهم لمزيد من التفتيش.

لم يساورني شك أن اسمي وسحنتي سيجعلان مني لقمة سائغة وسيقوداني لا محالة إلى التفتيش العشوائي. لكن صدمتي كانت كبيرة، فقد تبسموا عند مروري وطلبوا مني الصعود إلى الطائرة بلطف ومن دون تفتيش إضافي قائلين "نتمنى لك رحلة سعيدة". بدا لي أن طبيعة عملي التي تفرض علي الكثير من السفر عبر مطار شيكاغو، ومروري المتكرر على كاميرات المطار المرتبطة بتقنية الـFR جعلني شخصاً معروفًا لا يحتاج إلى مزيد من الفحص والتدقيق؛ حينها شعرت بالامتنان والتقدير لشركات التكنولوجيا.

5CEFD478-0B79-43D8-A143-92BFF1DF7C51
عبد الرحمن عبد الله

محلل اقتصادي... درست الهندسة في جامعة الخرطوم. حضرت إلى الولايات المتحدة من أجل الدراسات العليا في مجال الاقتصاد والتمويل. مهتم بالفكر الاقتصادي والتنمية واقتصاديات الطاقة.