أثار تكرار الاستهدافات المباشرة التي نفّذها تنظيم "ولاية سيناء" ضد قيادات أمنية مصرية رفيعة المستوى، خلال السنوات الثلاث الماضية، التي كان آخرها اغتيال مفتش الأمن العام العقيد ياسر الحديدي، في منطقة جنوب سيناء، إثر تفجير استهدف موكبه، يوم الأربعاء، تساؤلات أمنية عدة، خصوصاً في ما يتعلق بالثغرات في المنظومة الأمنية، التي تسمح بتسرب المعلومات المخابراتية عن تنقّل القيادات. وأظهر تكرار تنفيذ العملية أن "ولاية سيناء"، الذي أعلن مبايعته لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، قد سار منذ أشهر طويلة على نهج جمع المعلومات الاستخبارية، بالاعتماد على عناصر داخل الأجهزة الأمنية المصرية. وهو ما أكده جهاز الأمن الوطني، باعتقاله اثنين من أمناء الشرطة، بحجة تسريب معلومات حول تحركات الأمن في سيناء في يونيو/ حزيران الماضي، أو من خلال مجموعات البحث والرصد والتحري التابعة له.
وأشارت تقارير أمنية مصرية إلى أن "تنظيم ولاية سيناء، ربما استطاع استخدام عدد من ضباط الجيش والشرطة لصالحه، إما بحكم التقارب الأيديولوجي الحاصل بينه وبين بعض الضباط والجنود، كالرائد هشام عشماوي والضابط وليد بدر والضابط أحمد عامر، أو من خلال المساومة بين تقديم المعلومات والحفاظ على حياتهم". في المقابل، إن عدم اعتراف التنظيم ببعض عمليات الاغتيال التي وقعت في سيناء، مؤشر إلى حالة من تصفية حسابات ما، مع فشل بعض المحاولات.
أما عن عمليات الاغتيال، فقد أفادت وزارة الداخلية عن اغتيال اللواء خالد كمال عثمان، من قوة قطاع الأمن المركزي، في 16 سبتمبر/ أيلول 2015، أثناء مروره لتفقد الخدمات والتمركزات الأمنية في العريش، إثر قيام مجهولين يستقلون سيارة بيضاء اللون بإطلاق الأعيرة النارية تجاهه في ميدان النصر دائرة قسم شرطة ثان العريش.
كما اغتيل مدير إدارة الأحوال المدنية بشمال سيناء العميد أحمد عسكر، ضمن سلسلة عمليات سماها التنظيم "غزوة صيد المرتدين"، أمام منزله في مدينة العريش، وتمّ إحراق سيارته، في 20 سبتمبر 2015. وتبنّى "ولاية سيناء" الاغتيال.
وفي 20 ديسمبر/ كانون الأول 2015، تعرض موكب نائب مدير أمن شمال سيناء، اللواء مصطفى الرزاز، لتفجير عبوة ناسفة على الطريق الدولي بمدينة العريش. وكان الرزاز يستقل سيارته برفقة عدد من مدرعات قوات الشرطة، وأثناء مرورهم من أمام فندق "سويس إن"، فجّر مسلحون عبوة ناسفة عن بُعد، ولكنها انفجرت بعد مرور السيارة.
ونجا مساعد مدير الأمن بمحافظة شمال سيناء اللواء سامح خضر، من محاولة اغتيال استهدفت المدرعة التي كان يستقلها في منطقة الميدان، غرب العريش، في 28 فبراير/ شباط 2016. واغتيل العميد أحمد كمال الشيخ خليل، في 11 يوليو/ تموز، في تفجير استهدف آليته في منطقة المنبطح، وسط سيناء، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن العميد كمال قتل بالرصاص أثناء استقلاله سيارته المدنية في المنطقة عينها. وعمل خليل معلماً بالكلية الحربية، ومديراً لمكتب قائد الجيش الثالث الميداني. كما عمل أيضاً مديراً للعلاقات العامة بمستشفى الجيش العسكري بمصر الجديدة. وكان قائداً لحوالي 20 مدرعة. وفي 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، قُتل قائد كتيبة الصاعقة 103 بمحافظة شمال سيناء، المقدم رامي حسنين، بتفجير استهدف آليته التي كانت تسير ضمن رتل عسكري جنوبي الشيخ زويد.
وفي 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أعلنت وكالة "أعماق" التابعة لـ"داعش"، مسؤوليتها عن اغتيال العميد في الجيش المصري، من قوات الدفاع الجوي، هشام شاهين، قرب منزله في شارع الأزهر بمدينة العريش، في محافظة شمال سيناء. وفي 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، تعرّض وكيل المباحث بمديرية أمن شمال سيناء، العميد وهبة الشورى، وأحد المجنّدين المرافقين له لإصابات، إثر قيام عناصر مسلحة بإطلاق الأعيرة النارية على السيارة التي يستقلها على الطريق الدائري جنوب مدينة العريش.
ويوم الأربعاء، اغتيل مفتش الأمن العام في منطقة جنوب سيناء العقيد ياسر الحديدي، إثر تفجير استهدف موكبه في شارع أسيوط، جنوب مدينة العريش، بمحافظة شمال سيناء، بعد انتدابه منذ أسبوع للعمل بالعريش لمدة 15 يوماً، ضمن الحملة الأمنية التي تبعت أحداث القتل التي حدثت لعدد من الأقباط. وتبقى القائمة مفتوحة لمزيد من عمليات الاغتيال في المرحلة المقبلة في ظل تردي الحالة الأمنية بشكل غير مسبوق، خصوصاً في مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، والتي يتواجد فيها قادة أمنيون من الجيش والشرطة.