18 أكتوبر 2024
تفجيرات القاع اللبنانية والانتحار الجماعي
استهدفت، فجر السابع والعشرين من الشهر الماضي (يونيو/ حزيران 2015) تفجيراتٌ بلدة القاع المسيحية في أقصى شرق البقاع اللبناني بين بلدتي عرسال والهرمل. ووفقاً للرواية الرسمية، أقدم أربعة "انتحاريين" على تفجير أنفسهم في بلدة القاع، عند الرابعة فجراً داخل أحياء البلدة، وعلى بعد أمتار من مركز الجمارك اللبنانية، وبفارق عشر دقائق بين كل "انتحاري" وآخر، وأدّت هذه التفجيرات إلى سقوط خمسة قتلى وعشرة جرحى من المدنيين من أهل البلدة. وعند العاشرة من ليل الاثنين الثلاثاء، عادت البلدة وتعرّضت لهجمة جديدة من التفجيرات، وذكرت الرواية الرسمية أن خمسة "انتحاريين" أقدموا على تفجير أنفسهم أيضاً داخل البلدة في أوقاتٍ متفاوتة، ما أدى إلى جرح ثلاثة عشر من المدنيين أيضاً، وشدّدت الرواية الرسمية على أن التفجيرات المسائية لم تكن بأحزمة ناسفة، وإنما بقنابل يدوية. وهنا، تسجل عدة ملاحظات حول الروايات والأسباب والمآلات.
أولاً، الروايات التي سيقت عن حادثتي التفجير، غير متماسكة وغير مقنعة بأي شكل، إذ كيف يمكن أن يقدم ثمانية "انتحاريين" في يوم واحد على تفجير أنفسهم بهذه الطريقة الجماعية، وفي وقت فيه تفاوتٌ بين تفجير وآخر، في منطقةٍ حدوديةٍ تشهد إجراءاتٍ أمنيةً مشدّدة للجيش والقوى الأمنية من الجهة اللبنانية، وتخضع لسيطرة النظام السوري من الجهة السورية. ناهيك عن أن الروايتين تشبهان، إلى حدٍّ كبير، المشاهد التي ترد غالباً في الأفلام البوليودية. وعليه، لماذا يقدم هؤلاء على "الانتحار الجماعي" بهذا الشكل، فيما المردود من كل هذه العملية يكاد يكون متواضعاً (مع احترامنا وتقديرنا للشهداء المدنيين الذين سقطوا) قياساً بحجم الهدف من هذه العملية؟
وفي ما يتصل بالأسباب التي ربما تكون خلف هذه التفجيرات، فهي ترتبط بالجهة المسؤولة عنها. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات، وإن كان الجميع أخذ الموضع باتجاه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حيث شنّ كثير من الإعلام اللبناني حملة واسعة، اتهم فيها مخيمات اللاجئين السوريين بالمسؤولية عن ذلك، على خلفية خروج "الانتحاريين" المفترضين من تلك المخيمات، واللافت أن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، شنّ قبل يوم حملة واسعة وعنيفة على اللاجئين السوريين، وطالب بإقفال المخيمات، كما أعلن أن البلديات التي يسيطر عليها حزبه (التيار الوطني الحر) ستعمد إلى طرد السوريين منها، وستمنعهم من العمل في إطارها البلدي، وقد كرّر مثل هذه التصريحات في أثناء زيارته بلدة القاع المستهدفة. ولاحقاً، أعلن وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، أن الانتحاريين قدموا من الأراضي السورية.
وبالعودة إلى الأسباب، يمكن أن تجعلنا معرفة الجهة المسؤولة عن التفجيرات نعرف الأسباب. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن الاستثمار السياسي عنصر مهم جداً في معرفة تلك الأسباب
واكتشافها. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن موجات التفجير التي حصلت فجراً ومساءً كانت تحمل هدفاً سياسياً معيناً، قد يكون من بنوده تهجير بلدة القاع المسيحية من منطقة الحدود، وتوسيع الفجوة بين اللاجئين السوريين من جهة والمجتمع المسيحي تحديداً من جهة ثانية بشكل خاص، فضلاً عن بقية اللبنانيين والدولة اللبنانية، استكمالاً لمشروع "تطهير" المنطقة من الوجود السوري أولاً، ومن أبناء المنطقة، حتى تتحوّل إلى لون طائفي ومذهبي واحد، فضلاً أن توريط الجيش اللبناني بمعارك جديدة يتم استثمارها في المحافل الدولية من ضمن التسويق للحرب على الإرهاب. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن بعضهم في لبنان شكّك برواية وجود هذا العدد من الانتحاريين، وأشار إلى فرضة وجود العبوات الناسفة، والقنابل اليدوية.
وفي سياق آخر، ذهب بعضهم إلى فرضية تحضير الأجواء داخلياً وخارجياً إلى معارك جديدة في سورية، ينخرط فيها بعض اللبنانيين، وتحتاج إلى غطاءٍ لتبرير الانخراط فيها، وإقناع الرأي العام بجدواها. وهنا جاء الاستغلال، ليتم ضرب عدة عصافير بحجر واحد، بل وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، عندما تحدث عن رابط معيّن بين تفجير بيروت الذي استهدف بنك لبنان والمهجر في أول رمضان وهذه التفجيرات.
وعن تداعيات هذه التفجيرات، يكاد يتفق الجميع في لبنان على أنها تدخل في إطار الرسائل السياسية التي لا ترقى، في المرحلة الحالية، إلى مستوى الأهداف السياسية، أو المشاريع السياسية التي تستهدف الأمن اللبناني والاستقرار فيه، وإن كان اللاجئون السوريون سيدفعون ثمناً جرّاء هذه الرسائل الدموية، وستزيد معاناتهم اليومية بانتظار حسم الأمور في سورية، حرباً أو سلماً.
أولاً، الروايات التي سيقت عن حادثتي التفجير، غير متماسكة وغير مقنعة بأي شكل، إذ كيف يمكن أن يقدم ثمانية "انتحاريين" في يوم واحد على تفجير أنفسهم بهذه الطريقة الجماعية، وفي وقت فيه تفاوتٌ بين تفجير وآخر، في منطقةٍ حدوديةٍ تشهد إجراءاتٍ أمنيةً مشدّدة للجيش والقوى الأمنية من الجهة اللبنانية، وتخضع لسيطرة النظام السوري من الجهة السورية. ناهيك عن أن الروايتين تشبهان، إلى حدٍّ كبير، المشاهد التي ترد غالباً في الأفلام البوليودية. وعليه، لماذا يقدم هؤلاء على "الانتحار الجماعي" بهذا الشكل، فيما المردود من كل هذه العملية يكاد يكون متواضعاً (مع احترامنا وتقديرنا للشهداء المدنيين الذين سقطوا) قياساً بحجم الهدف من هذه العملية؟
وفي ما يتصل بالأسباب التي ربما تكون خلف هذه التفجيرات، فهي ترتبط بالجهة المسؤولة عنها. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات، وإن كان الجميع أخذ الموضع باتجاه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حيث شنّ كثير من الإعلام اللبناني حملة واسعة، اتهم فيها مخيمات اللاجئين السوريين بالمسؤولية عن ذلك، على خلفية خروج "الانتحاريين" المفترضين من تلك المخيمات، واللافت أن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، شنّ قبل يوم حملة واسعة وعنيفة على اللاجئين السوريين، وطالب بإقفال المخيمات، كما أعلن أن البلديات التي يسيطر عليها حزبه (التيار الوطني الحر) ستعمد إلى طرد السوريين منها، وستمنعهم من العمل في إطارها البلدي، وقد كرّر مثل هذه التصريحات في أثناء زيارته بلدة القاع المستهدفة. ولاحقاً، أعلن وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، أن الانتحاريين قدموا من الأراضي السورية.
وبالعودة إلى الأسباب، يمكن أن تجعلنا معرفة الجهة المسؤولة عن التفجيرات نعرف الأسباب. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن الاستثمار السياسي عنصر مهم جداً في معرفة تلك الأسباب
وفي سياق آخر، ذهب بعضهم إلى فرضية تحضير الأجواء داخلياً وخارجياً إلى معارك جديدة في سورية، ينخرط فيها بعض اللبنانيين، وتحتاج إلى غطاءٍ لتبرير الانخراط فيها، وإقناع الرأي العام بجدواها. وهنا جاء الاستغلال، ليتم ضرب عدة عصافير بحجر واحد، بل وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، عندما تحدث عن رابط معيّن بين تفجير بيروت الذي استهدف بنك لبنان والمهجر في أول رمضان وهذه التفجيرات.
وعن تداعيات هذه التفجيرات، يكاد يتفق الجميع في لبنان على أنها تدخل في إطار الرسائل السياسية التي لا ترقى، في المرحلة الحالية، إلى مستوى الأهداف السياسية، أو المشاريع السياسية التي تستهدف الأمن اللبناني والاستقرار فيه، وإن كان اللاجئون السوريون سيدفعون ثمناً جرّاء هذه الرسائل الدموية، وستزيد معاناتهم اليومية بانتظار حسم الأمور في سورية، حرباً أو سلماً.