تغيير وزاري مفاجئ في مصر... والبرلمان آخر من يعلم

13 يناير 2018
تحول ظروف إسماعيل الصحية دون عودته لمنصبه (العربي الجديد)
+ الخط -
يقر مجلس النواب المصري، الأحد، تعديلاً وزارياً محدوداً، يبقي بموجبه على رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، مع احتفاظ وزير الإسكان، مصطفى مدبولي بمنصبه كقائم بأعمال رئيس الحكومة، تجنباً لإشكالية دستورية تتمثل في اشتراط عرض الحكومة برنامجاً جديداً في حالة تغيير رئيس الوزراء، باعتبار أنها حكومة جديدة، ولا بد أن تحظى بثقة البرلمان.
ووفقاً لمصدر نيابي مطلع، فإنه تقرر الإبقاء على حقيبة الإسكان بحوزة مدبولي، إلى جانب شغله منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة، كما هو الوضع حالياً، مرجحاً تغيير شريف إسماعيل، وتكليف مدبولي بتشكيل حكومة جديدة وعرض برنامجها على البرلمان وفقاً للإجراءات الدستورية، فور الانتهاء من سباق الانتخابات الرئاسية في إبريل/ نيسان المقبل، وذلك في حالة حسم الرئاسة في الجولة الأولى.

وتأتي التغييرات الحكومية من دون تشاور مع البرلمان، أو معرفة أعضائه بأسماء الوزراء الجدد، كما جرت العادة من تهميش دور المجلس النيابي منذ انعقاده قبل عامين، بوصفه موالياً للسلطة الحاكمة، ومشكلاً بمعرفة أجهزتها الاستخباراتية. فبشكل مفاجئ، دعا رئيس البرلمان علي عبد العال، أعضاء المجلس لجلسة نيابية طارئة، في الثانية عشرة من ظهر الأحد، قبل الجلسة المحددة سلفاً للانعقاد بعد غد الثلاثاء، للتصويت على تغيير وزاري يشمل من 5 إلى 7 وزراء، وتثبيت مدبولي كقائم بأعمال رئيس الحكومة، بعدما حالت ظروف إسماعيل الصحية دون العودة لمنصبه، كونه يُعالج من مرض السرطان منذ نحو ثلاثة أشهر.

وكان إسماعيل قد سافر إلى ألمانيا، في رحلة علاجية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني، وعيّن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مدبولي قائماً بأعماله حتى الآن، على الرغم من عودة إسماعيل إلى القاهرة في 21 ديسمبر/ كانون الأول. ويأتي التعديل الوزاري المرتقب قبل أسبوع واحد من بدء إجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية في 20 يناير/ كانون الثاني الحالي.

وتعد الجلسة الطارئة الثانية من نوعها للبرلمان الحالي، بعد جلسة الموافقة على إجراءات إنشاء المحطة النووية في منطقة الضبعة الشهر الماضي، واستندت إلى الفقرة الأخيرة من المادة 277 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، التي منحت رئيس المجلس حق الدعوة للانعقاد قبل موعد الجلسة المحددة "إذا طرأ ما يدعو إلى ذلك، أو بناءً على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء". ونصت المادة 129 من اللائحة على التصويت بشأن التعديل الوزاري "جملةً واحدة"، في حين نصت المادة 147 من الدستور المصري على أنه "لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء، وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس".


وقال مصدر نيابي بارز في حديث لـ"العربي الجديد" إن التغيير سيطاول وزراء السياحة، والتنمية المحلية، والزراعة، والري، وقد يمتد إلى الثقافة، بناءً على مشاورات جرت بين القائم بأعمال رئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، ورئيس ائتلاف الغالبية، محمد زكي السويدي، معتبراً أن الهدف من التغيير هو ضخ دماء جديدة في الحقائب الخدمية، بالتزامن مع بدء إجراءات الانتخابات الرئاسية.

وأفاد المصدر بأن المستشارة في صندوق النقد الدولي، رانيا المشاط، مرشحة لتولي حقيبة السياحة، خلفاً للوزير الحالي يحيى راشد، الذي شهدت معدلات توافد السائحين تراجعاً كبيراً خلال توليه المنصب، عازياً استبعاد وزير الري، محمد عبد العاطي، إلى تصريحاته الأخيرة بشأن أزمة سد النهضة. وتابع أن عبد العاطي يحظى بقبول عام لدى قطاع من النواب، غير أن "صراحته الزائدة" وضعته في مرمى التغيير، في ضوء تصريحاته الأخيرة عن ضرورة قلق المصريين من تعثر مفاوضات السد الإثيوبي، ومطالبته لهم بالعمل على تحقيق الاستخدام الأمثل لكل نقطة مياه، علاوة على تقدّم عشرات النواب بطلبات إحاطة ضده، على خلفية أزمة نقص مياه الري للأراضي الزراعية في مناطق الدلتا والصعيد.

إلى ذلك، استبعد مصدر نيابي آخر الحديث الدائر عن شمول التغيير وزراء في المجموعة الاقتصادية، أو وزراء الصحة، والنقل، والشباب، بوصف هؤلاء من المقربين للسيسي، على الرغم من المشاكل الجمة في الملفات المكلفين بها، وانتقادات النواب المستمرة لأدائهم، منتقداً اقتصار التشاور بين السلطة التنفيذية، ممثلة في رئيس الجمهورية (رئيس الحكومة)، ورئيس البرلمان، عن أسماء الوزراء الجدد من دون اعتبار للنواب.
وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، إن "البرلمان كان آخر من يعلم بهذا التعديل، وفوجئ أعضاؤه صباح أمس برسالة من الأمانة العامة للمجلس بالدعوة للانعقاد"، مضيفاً أن "النواب لا يعرفون أسماء الوزراء الجدد، ويعتمدون فقط على تسريبات وسائل الإعلام، بينما من المفترض أن يصوتوا على قبولها في جلسه الأحد، بما يتنافى مع كل قواعد المنطق أو الشفافية". وأضاف أن "السلطة التنفيذية تتعامل مع البرلمان، منذ انعقاده، على أن موافقته تحصيل حاصل، نظراً للانحياز الدائم من جانب ائتلاف الغالبية وأحزاب الأكثرية لكل قرارات السلطة التنفيذية"، متسائلاً: "كيف سنصوت بالموافقة أو الرفض، ولم يتم إخطارنا بالسير الذاتية للمرشحين للحقائب الوزارية، حتى نبني قراراً سليماً بشأنهم؟".

من جهته، قال عضو تكتل (25-30)، النائب هيثم الحريري، إن "وسائل الإعلام تتحدث عن تغيير وزاري مرتقب، ولكن نواب البرلمان لا يعرفون شيئاً عن الأسماء المطروحة"، مرجحاً تصويت أعضاء التكتل برفض التغيير الوزاري، اتساقاً مع موقفه السابق برفض برنامج الحكومة الحالية، مع الاعتراف بعدم تأثير الكتلة التصويتية للتكتل الذي يضم 20 نائباً من مجموع 594 عضواً بالبرلمان.

وبحسب رئيس لجنة الإدارة المحلية في البرلمان، أحمد السجيني، فإن النواب لا يعلمون شيئاً عن الوزراء المنتظر طرح أسمائهم، ما يثير علامات استفهام حول رؤية السلطة التنفيذية لنظيرتها التشريعية، لافتاً إلى وجود حالة غضب من أعضاء اللجنة بشأن أداء وزير التنمية المحلية، هشام الشريف، الأمر الذي كان يستدعي مشاورتهم في اسم الوزير الجديد، في إطار من الموائمة. يُذكر أن حكومة إسماعيل شهدت تعديلاً وزارياً في مارس/ آذار 2016، شمل عشر حقائب وزارية، ليلحقه تعديل آخر في سبتمبر/ أيلول من العام ذاته بتغيير حقيبة التموين، وأخيراً تعديل ثالث في فبراير/ شباط 2017 شمل تسع حقائب.