ويؤكد التربويون وعلماء الاجتماع التربوي على فوائد الفنون وإتقان المهارات الفنية، وانعكاسها على الأداء الدراسي وتنشيط الذهن والتركيز، وما يستتبع ذلك من حسن اختيار المدرسين الأكفاء لمثل تلك المواد الفنية في المدارس. فما هي فوائد تعليم الفنون للتلاميذ؟
الإبداع: إن الإبداع في مجال الفنون يجعل الطفل قادراً على التفكير خارج الأطر المحددة التي تقيد التفكير. وحث الطفل على الابتكار والإبداع يفتح أمامه أفق المستقبل وليس الحاضر فقط. ويتطور التفكير الإبداعي لدى الطفل في كل مرة يجد نفسه أمام مسألة تتطلب الحل أو لديه دور أو مهمة عليه إنجازها.
الثقة: المسرح المدرسي أو النشاطات المسرحية اللاصفية تعود بالنفع على شخصية الطفل المؤدي، وتقوي لديه ثقته بنفسه، وتعزز هذه الثقة أمام الآخرين، وتمكنه من الإمساك بزمام الأمور والقيادة. فالتدريب المسرحي يجعل الطفل معتاداً على الحركة والتفاعل والأداء خارج منطقته التي يرتاح لها، يسمح له بارتكاب الأخطاء وتصحيحها.
حل المشكلات: كيف سيتمكن الطفل من جعل الصلصال بين يديه شكلاً منحوتاً؟ أو كيف عليه أن يؤدي مشهداً تعبيرياً مؤثراً من خلال الرقص؟ كيف ستكون شخصيته وتعبيراته خلال المشهد المسرحي؟ في كل تلك الخطوات الفنية يجد الطفل نفسه أمام مشاكل عليه أن يحلها، أسئلة تحتاج إلى إجابات، مواقف تتطلب رد فعل مناسب وهكذا. كل تلك الخطوات الفنية تدفع الطفل دفعاً للتفكير والفهم، وتجعله يطور مهارات حلّ المشكلات التي تساعده في أي مهنة سيختارها في المستقبل.
المثابرة: عندما يلتقط الطفل الكمان للمرة الأولى يعلم أنه لن يستطيع تأدية مقطوعة فنية بالتمام والكمال، لكنه يدرك أيضاً أن حبه للموسيقى والتدريب الجاد والمتواصل سيجعله يوماً يعزف المقطوعات الموسيقية الشهيرة. فالموسيقى وإتقان مهاراتها وتقنياتها دون استسلام، يجعله يقترب أكثر فأكثر من الأداء المرضي والجيد. المنافسة كذلك تضعه أمام تحديات لا سبيل لتحقيقها إلا بالمثابرة.
التركيز: التركيز من المهارات التي يكتسبها الطالب من خلال التعود على العمل الجماعي. فالتلميذ في الحصص الفنية التي تتطلب المشاركة والتفاعل وإبداء الرأي والحوار، تجعله يوازن بين الاستماع والمشاركة، وهذا بحد ذاته ينطوي على قدر كبير من التركيز. وينطبق ذلك على كل الفنون إن كانت في فرقة موسيقية أو في أداء راقص أو مسرحي أو عمل فني (ديكور، نحت، رسم، تركيب...). وتشير الأبحاث إلى أن المشاركة في الفنون تساعد الطفل على التركيز في كل جوانب حياته.
التواصل غير اللفظي: خلال التدريبات المسرحية والرقص يتعلم الطفل كيفية التواصل غير اللفظي مع الآخرين، ويتعرف شيئاً فشيئاً على لغة الجسد. يتعلم عبر الحركة والخطوات والأداء كيف يعبر عن أفكاره ومشاعره وكيف يتواصل مع الآخرين. يتدرب الطفل في تلك الحصص والدروس على مهارات الأداء التي تجعله متأكداً من تقديم نفسه وفق الشخصية المطلوبة.
تلقي الملاحظات والنقد البناء: عندما يتلقى الطفل ملاحظات أو انتقادات على عمل فني قام به، فيكون ذلك جزءاً من العمل الذي قد يتطلب تعديله، أو محاولة إقناع المدربين بوجهة نظره الفنية والتحاور بشأنه. يتعلم عندها أن النقد ورد الفعل مسألة طبيعية وضرورية لتطوير العمل وإنجاحه. ويدرك أن النقد ليس سيئاً بل مفيد. وهو مطلوب في كل خطوة من خطوات العمل الفني، إلى أن يخرج بصيغته النهائية.
التعاون: أغلبية التخصصات الفنية تقوم على التعاون. ومن خلال الفنون يعتاد الأطفال ويتدربون على العمل الجماعي التعاوني، وتقاسم المسؤولية، والمساومة مع الآخرين لتحقيق هدف مشترك. فعند مشاركة الطفل في عمل مسرحي أو رقصة أو عمل فني يدرك أن عمله ضمن المجموعة ضروري لإنجاح العمل. ومن خلال التعاون يتعلم الأطفال أن أدوارهم لها قيمة، وأن مساهمتهم القيّمة ستؤدي إلى إنجاح العمل ككل.
الإخلاص: عندما يخطو الأطفال خطوات متتالية لإنجاز مشروعهم الفني، يتدربون على التفاني لتحقيق النتيجة المرجوة. يتعلمون أهمية الانضباط وعدم تضييع الوقت والإنجاز في الوقت المحدد، إضافة إلى احترام مساهمات الآخرين، وتقدير الجهد المبذول منهم ومن الآخرين. وفي النهاية يلقى الجميع التقدير والمكافأة (تصفيق الجمهور، إعجاب المدربين والأهل، سماع المديح، الترغيب بـ تطوير المهارات، الثناء على الخصال الجيدة مثل الجدية والمثابرة وحسن التعاون...إلخ).
المساءلة: عندما يشارك الطفل في عمل فني جماعي يدرك أن فعل الجماعة سيؤثر بالآخرين. إن كانت النتيجة ناجحة، أو كانت سلبية فهي ستخلق ردود أفعال وانطباعات لدى المتلقين أو المنتظرين لنتيجة العمل. يتعلم الطفل أن يتحمل المسؤولية، وكذلك يعترف بخطئه في حال لم ينجز عمله كما يجب وفي الوقت المناسب. فالأخطاء جزء أساسي من عملية التعليم وكذلك التدرب على العودة عن الأخطاء وتفاديها في المستقبل.
اقرأ أيضاً:المسرح المدرسي مشروع تربوي عربي طموح