تعطل استثمارات بترولية يقلق حكومة تونس

29 اغسطس 2017
تراجع إنتاج النفط إلى 44 ألف برميل يومياً (Getty)
+ الخط -

تتعجّل تونس استثمارات معطلة لاستكمال أكبر حقل مزدوج للغاز والنفط جنوب غرب البلاد تسببت الاحتجاجات الاجتماعية بالمنطقة في وقف العمل به منذ أشهر، في مسعى للاستفادة من ثروات كبيرة لا تزال تُحرم منها خزانة الدولة.
وتعوّل وزارة الطاقة على مشروع حقل "نوارة" لدعم الإنتاج الوطني من الغاز والنفط بهدف التحكم في فاتورة واردات الطاقة التي تسببت في تفاقم عجز الميزان التجاري، فضلا عن خسائر تفوق مائتي مليون دينار (85 مليون دولار) تكبدتها الدولة في الأشهر الأخيرة بسبب توقف نشاط حقول نفط في المنطقة التي تشهد احتجاجات متواصلة على نقص فرص العمل وبرامج التنمية الحكومية.

وتونس منتج صغير للنفط والغاز بالمقارنة بجارتيها ليبيا والجزائر العضوين بمنظمة أوبك، لكن احتجاجات تستهدف إنتاج الطاقة تفجرت في وقت حساس بينما تحاول حكومة يوسف الشاهد تنفيذ إصلاحات في إطار برنامج للتقشف.
وقالت وزيرة الطاقة هالة شيخ روحو في تصريح إعلامي، قبل يومين، إن قطع الطرقات ووقف الإنتاج تسبب في تعطيل أكبر مشروع استثماري كان سيشهده الجنوب التونسي، وهو مشروع نوارة، معتبرة أن تعطل الاستثمارات النفطية يفاقم الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد نتيجة تضخم فاتورة استيراد مواد الطاقة.

وتراجعت عائدات إنتاج المحروقات في تونس خلال خمس سنوات بنسبة 35.8%، وبقيمة 4.3 مليارات دينار (1.76 مليار دولار)، حيث تشير بيانات وزارة الطاقة إلى تراجع عائدات إنتاج النفط والغاز الطبيعي والغاز المسال في تونس إلى 2.4 مليار دينار (1 مليار دولار) عام 2016، مقابل 6.7 مليارات دينار (2.8 مليار دولار) في 2012.
وفي مايو/أيار 2014 أعلنت شركة "أو أم في" النمساوية بالاشتراك مع الشركة التونسية للأنشطة البترولية عن تطوير حقل غاز نوارة بمحافظة تطاوين بقيمة مالية تبلغ 500 مليون يورو.
وأكدت الشركة حينها أن الإنتاج في هذا الحقل الذي تم اكتشافه منذ سنة 2006 سينطلق بداية من سنة 2016 بطاقة إنتاج تصل إلى 10 آلاف برميل نفط مكافئ يوميا، قبل أن يتعثر استكمال الاستثمارات اللازمة نتيجة الظروف الاجتماعية في المنطقة، والتي أدت إلى تلويح عدد من شركات النفط في البلاد بالمغادرة أو تأجيل استثماراتها.

ويتكون مشروع غاز 'نوارة" من جزأين يتمثل الأول في مد أنبوب من حقل نوارة بمحافظة تطاوين جنوب غرب البلاد، إلى محافظة قابس بالجنوب الشرقي، فضلا عن إنجاز وحدة معالجة للغاز بقابس بكلفة إجمالية 850 مليون دولار، بينما يتمثل الجزء الثاني من المشروع في مدّ أنبوب إلى تطاوين وإنجاز وحدة معالجة للغاز هناك بسعة 600 ألف متر مكعب يوميا، إضافة إلى إنجاز وحدة لتعبئة قوارير الغاز المسال في تطاوين تمكّن من تزويد كامل الجهة بالغاز الطبيعي والغاز المسال.
ويعتبر مراقبون تعطل الاستثمارات في أحد أهم حقول النفط في البلاد مؤشراً سلبياً للقطاع عموما، خاصة أن البلاد لم تستطع خلال العام الجاري تنفيذ برنامج الاستكشافات الجديدة الذي كان من المفترض أن يشمل 11 حقلا.

وشهد معدل عدد الرخص سارية المفعول في قطاع المحروقات تقلصاً واضحاً من 50 رخصة قبل عام 2012 إلى 26 رخصة عام 2016، ما ترتب عنه تقلص عدد الآبار الاستكشافية والاكتشافات، بحسب بيانات وزارة الطاقة.
وأكد المدير العام للاستراتيجية واليقظة في وزارة الطاقة، محمد علي خليل، تراجع مختلف مؤشرات قطاع المحروقات فيما يتعلق بالاستكشاف والاستغلال، مشيرا إلى تقلص معدل إنتاج النفط إلى حدود 44 ألف برميل يوميا في الفترة الحالية، مقابل 80 ألف برميل سنة 2010.

وأشار المسؤول في وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن حقل نوارة الذي تعطلت استثماراته من أهم الحقول في البلاد، لافتا إلى أن تعطل المشروع الذي كان من المفترض أن يدخل حيز الاستغلال العام الماضي يعطي انطباعا سلبيا للشركات المستثمرة في القطاع، فضلا عن تأثيره على واردات الدولة من الطاقة، خاصة أن إنتاج الغاز المتوقع من هذا الحقل كان من المفترض أن يغطي احتياجات جزء مهم من جنوب البلاد.
وتحتوي تونس وفق بيانات رسمية على 35 حقل نفط قيد الاستغلال حاليا، تنتج 44 ألف برميل نفط يوميا، و36 ألف برميل مكافئ نفط من الغاز الطبيعي، أغلبها في صحراء تطاوين التي تؤّمن 40% من إنتاج النفط المحلي و20% من الغاز الطبيعي.

وبعد أكثر من أربعة أشهر من احتجاجات مواطني المناطق البترولية جنوب البلاد، لا تزال المفاوضات بين الحكومة والمنظمات النقابية وممثلي المعتصمين جارية بهدف الوصول إلى اتفاقات قابلة للتطبيق ولا ترهق كاهل الدولة بانتدابات جديدة في الوظائف الحكومية.
ويطالب المعتصمون بتخصيص نحو 20% من أرباح الحقول النفطية لفائدة الأنشطة الاجتماعية في الجهة، وتوفير عقود تشغيل دائمة لصالح جزء من المحتجين.
وفي خطوة تصعيدية، أقدم المحتجون في محافظة تطاوين جنوب البلاد، على نصب خيام الاعتصام على مشارف الحقول النفطية بجهة "الكامور"، فضلا عن منع شاحنات الشركات العاملة في المنطقة من أي نشاط إلى حين الاستجابة إلى مطالبهم والكشف عن برامجها الاجتماعية.



المساهمون